حصاد الأوقاف 2025.. إعمار للمساجد وتصحيح للخطاب الديني وتعزيز لدور الوقف في خدمة المجتمع
شكّل عام 2025 محطة فارقة في شمولية أداء وزارة الأوقاف، حيث قدم نموذجا متكاملا يجمع بين التنفيذ الميداني للمشروعات، وتطوير البنية الدينية للمساجد، وتوسيع الأنشطة الدعوية والتعليمية، إلى جانب إدارة الموارد الوقفية بكفاءة متصاعدة انعكست في زيادة ملحوظة بالإيرادات.
ولم يكن هذا الأداء محض إنجازات متفرقة، بل تجسيدًا لرؤية مؤسسية واعية تستهدف تلبية الاحتياجات المجتمعية في مختلف محافظات الجمهورية، وترسيخ الدور الحضاري للدين في خدمة الإنسان المصري.
وعكس هذا المسار خلال عام 2025 استراتيجية شاملة جمعت بين تصحيح الخطاب الديني، وبناء الكوادر الدعوية المؤهلة، وتعزيز التعاون المؤسسي، وترسيخ المنهج الوسطي، في إطار دور وطني فاعل يسهم في دعم استقرار الدولة الوطنية، وتعزيز الوعي، وخدمة المجتمع بمنهج يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
وخلال 2025 ، واصلت وزارة الأوقاف المصرية تنفيذ حملات ومشروعات موسعة ضمن خطة استراتيجية شاملة تستهدف تطوير العمل الدعوي، وتعزيز البنية الدينية والخدمية، وترسيخ قيم الوسطية والاعتدال، وتعزيز الوعي الديني الصحيح لدى مختلف فئات المجتمع، تحت إشراف الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، وبمتابعة وتوجيهات رئاسة الجمهورية لتطوير أداء الوزارة والتفاعل مع احتياجات المجتمع المصري.
وفي إطار جهودها لتطوير دور العبادة، سجلت الوزارة تقدمًا ملموسًا في تنفيذ برنامج شامل لإعمار المساجد، شمل البناء الجديد، والإحلال، والترميم، والصيانة كجزء من الخطة الوطنية لإعمار بيوت الله. فقد أعلنت الوزارة افتتاح 373 مسجدًا منذ بداية يوليو 2025 وحتى منتصف ديسمبر 2025، منها 280 مسجدًا جديدًا أو تم إحلالها وتجديدها، و93 مسجدًا تمت صيانتها وتطويرها في جميع أنحاء الجمهورية لتوفير أماكن عبادة لائقة للمواطنين. ووفق أحدث الإحصاءات، بلغ إجمالي المساجد التي أُعيد بناؤها أو جُهزت أو طُوِّرت منذ يوليو 2014 نحو 13862 مسجدًا بتكلفة إجمالية تزيد 24 مليارًا و375 مليون جنيه.
وعلى صعيد العمل الدعوي والتثقيف الديني، كثّفت الوزارة فعالياتها داخل المساجد وخارجها من خلال برامج تعليمية وتثقيفية تهدف إلى نشر الوعي الديني الوسطي، ومكافحة الفكر المتطرف، وتعزيز الهوية الوطنية.
ونفذت برنامجًا موسعًا يستهدف الناشئة والشباب في آلاف المساجد، بهدف غرس قيم الاعتدال والمعرفة الدينية الصحيحة تماشيًا مع التوجيهات الرئاسية بدعم التربية الدينية التي تتناسب مع متغيرات العصر.
كما واصلت تنظيم المقرآت والمجالس القرآنية وحلقات التحفيظ التي تضم آلاف المواطنين من مختلف الأعمار، إلى جانب فعاليات مبادرة «صحّح قراءتك» التي تهدف إلى نشر ثقافة التلاوة السليمة في المساجد، وتدريب الأئمة والمقرئين على النحو الصحيح، في سياق الجهود الرامية إلى تفعيل دور المسجد كمركز ثقافي وتعليمي.
وفيما يتعلق بإدارة أصول الوقف وأموال الوقف الخيري واستثمارها، تبرز بيانات هيئة الأوقاف المصرية تطورا مستمرا في تحصيل الإيرادات واستثمار الموارد الوقفية.
وفي مشروع موازنة هيئة الأوقاف للسنة المالية 2025–2026 التي نشرت بالجريدة الرسمية، بلغت الإيرادات المقدرة نحو 2,822,731,000 جنيه مصري، وهو ما يشمل الموارد المتوقعة من النشاطات المختلفة والوقف الخيري ضمن الموازنة السنوية.
وتعكس هذه الأرقام تطلعات الوزارة والهيئة نحو تعزيز الاستغلال الأمثل لموارد الوقف، بما يتماشى مع الأطر القانونية والمالية المعتمدة ضمن سياسات الدولة، في سبيل زيادة العائد الوقفي المخصص للأغراض الخيرية والتنموية والدينية داخل المجتمع.
وفي إطار تصحيح الخطاب الديني ومواجهة المفاهيم المغلوطة، كثّفت وزارة الأوقاف خلال عام 2025 تنفيذ مبادرة «صحّح مفاهيمك» باعتبارها إحدى الركائز الأساسية في استراتيجيتها الدعوية.
وركّزت المبادرة على معالجة عدد من القضايا الفكرية الجوهرية، في مقدمتها مفاهيم الغلو والتشدّد، وسوء فهم النصوص الدينية، وقضايا الانتماء الوطني، والعلاقة مع الآخر، ومفهوم الدولة الوطنية في الفكر الإسلامي المعاصر.
وجرى تنفيذ المبادرة عبر سلسلة من الندوات واللقاءات المباشرة والدروس المنبرية داخل المساجد الكبرى والجامعة بمختلف المحافظات، إلى جانب تخصيص خطب ودروس موحّدة تناولت موضوعات المبادرة بصورة مباشرة، بما أسهم في إيصال رسائلها إلى قطاعات واسعة من المواطنين في الحضر والريف على حد سواء.
وشهدت مبادرة «صحّح مفاهيمك» انتشارًا ملحوظًا في محافظات الصعيد والدلتا والمحافظات الحدودية، من خلال تنسيق مكثّف بين المديريات الإقليمية للوزارة، وبمشاركة أئمة مؤهّلين علميًا ودعويًا.
وجرى التركيز على مخاطبة فئتي الشباب والنشء بلغة واضحة تقوم على الدليل الشرعي والفهم المقاصدي، بما يعزّز بناء الوعي ويواجه الأفكار المتطرفة بالحجة والعلم.
وواصلت وزارة الأوقاف تنفيذ برنامج «دولة التلاوة»، أحد أبرز برامجها القرآنية خلال العام، والذي يستهدف إعداد جيل من القرّاء المتميزين علميًا وصوتيًا، وفق منهجية تجمع بين إتقان أحكام التلاوة، وضبط الأداء، وفهم معاني القرآن الكريم.
ونُفّذ البرنامج عبر مقارئ معتمدة وبرامج تدريب منتظمة، وتحت إشراف نخبة من كبار القرّاء والمتخصصين، مع تنظيم اختبارات دورية لقياس مستويات الأداء، بما يسهم في تخريج قرّاء مؤهلين لتمثيل مصر في المحافل القرآنية محليًا ودوليًا.
وتكامل برنامج «دولة التلاوة» مع خطة تدريب الأئمة والوعّاظ التي نفذتها الوزارة خلال عام 2025، حيث شملت البرامج التدريبية رفع كفاءة الأئمة في مجالات التفسير وعلوم القرآن، ومهارات الإلقاء والتواصل المجتمعي، والتعامل مع القضايا المعاصرة، إلى جانب التدريب على استخدام الوسائل الحديثة في الدعوة، بما يضمن تطوير الأداء الدعوي وتحسين جودة الخطاب الديني.
كما أطلقت الوزارة المسابقة العالمية للقرآن الكريم في دورتها الثانية والثلاثين خلال الفترة من 6 إلى 10 ديسمبر 2025 بمشاركة واسعة من أكثر من 70 دولة، وبمجموع جوائز يبلغ حوالي 13 مليون جنيه مصري، ما يجعلها من أكبر المسابقات في تاريخها من حيث قيمة الجوائز ومشاركة المتسابقين.
كما أعلنت أيضًا عن انطلاق النسخة الرابعة من المسابقة القرآنية الكبرى لمراكز إعداد محفظي القرآن الكريم، التي تشمل حفظ القرآن الكريم كاملًا وشرح متن الخريدة البهية، مع جوائز مالية موزعة على المراكز المتصدرة.
وفي الإطار ذاته أعلنت عن مسابقة محلية في حفظ القرآن الكريم مع تجويده وتفسيره ومعرفة أسباب النزول لعام 1447هـ (2025–2026م)، تشمل عدة فروع وجوائز مالية كبيرة تصل إلى مئات الآلاف من الجنيهات موزعة على الفائزين في مختلف الفئات العمرية والشرائح، في إطار الاهتمام بالقرآن الكريم وترسيخ فهمه ومعانيه.
وعلى مستوى التعاون المؤسسي، وسّعت وزارة الأوقاف نطاق التنسيق مع عدد من مؤسسات الدولة، من بينها وزارات التعليم، والثقافة، والشباب والرياضة، والتضامن الاجتماعي، بهدف دمج الرسائل الدينية التوعوية في الأنشطة التعليمية والثقافية والشبابية، وتعزيز منظومة الوعي المجتمعي الشامل.
كما شاركت الوزارة في عدد من المبادرات القومية الهادفة إلى بناء الإنسان المصري، وترسيخ القيم الأخلاقية والانتماء الوطني، ومواجهة السلوكيات السلبية.
وامتد هذا التعاون إلى المؤسسات الدينية، من خلال تنسيق مستمر مع الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية في القضايا محل الاهتمام المشترك، بما يضمن وحدة الخطاب الديني، وتكامل الجهود في مواجهة التطرف، وتقديم خطاب دعوي وفتوى رشيدة تقوم على المنهج الوسطي.
وفي مجال العمل الاجتماعي والخدمي، واصلت وزارة الأوقاف توجيه عوائد الوقف الخيري لدعم الفئات الأولى بالرعاية، والمساهمة في الجوانب الخدمية المرتبطة بالمساجد والمجتمعات المحلية، وفق الضوابط الشرعية والقانونية، وبما يحقق مقاصد الوقف في خدمة المجتمع ودعم مسارات التنمية المستدامة.
كما أولت الوزارة اهتمامًا بتعزيز الدور الثقافي للمسجد باعتباره مركز إشعاع ديني وفكري، من خلال تنظيم الندوات الثقافية، والصالونات الحوارية، واللقاءات التوعوية التي تناقش قضايا الأسرة، والأخلاق، والعمل، والانتماء، بما يسهم في ربط المسجد بقضايا المجتمع اليومية وتحقيق التكامل بين الدورين الديني والاجتماعي.
وعلى صعيد الإدارة والتطوير المؤسسي، استمرت الوزارة في تحديث آليات العمل داخل المديريات والإدارات التابعة لها، عبر تحسين نظم المتابعة، وتطوير قواعد البيانات، وتعزيز الانضباط الإداري داخل المساجد، بما يضمن حسن إدارة الموارد البشرية والمالية ورفع كفاءة الأداء المؤسسي على مستوى الجمهورية.
وعلى صعيد متصل، ساهمت الإدارة العامة للبر وخدمة المجتمع بوزارة الأوقاف خلال عام 2025 في تقديم دعم اجتماعي ملموس عبر مجموعة من أنشطة التكافل الاجتماعي التي تعكس دوره المؤسسي في تعزيز مظلة الحماية الاجتماعية للمستحقين. وأعلنت الوزارة عن صرف أكثر من 72 مليون جنيه مصري في أنشطة البر وخدمة المجتمع خلال الفترة من يوليو حتى أكتوبر 2025م، شملت عددًا من البنود ذات التأثير الاجتماعي المباشر في دعم الفئات الأولى بالرعاية وتحسين أوضاع الأسر الأشد احتياجًا. وتُبرز هذه الأرقام الدور الاجتماعي والاحتوائي الذي تضطلع به الوزارة من خلال برامج خدمة البر، سواء من خلال الدعم المادي أو المعنوي للمستفيدين، بما يعزز التلاحم المجتمعي ويعكس التزام الوزارة تجاه أفراد المجتمع في ظروفهم المختلفة.
وفي إطار استمرار منظومة خدمة البر والتكافل الاجتماعي، واصلت وزارة الأوقاف تنفيذ مشروعات صكوك الإطعام وصكوك الأضاحي باعتبارها من أبرز أدوات توجيه أموال البر والوقف الخيري إلى مستحقيها وفق ضوابط شرعية دقيقة وآليات توزيع منظمة تضمن العدالة والشفافية ووصول الدعم إلى الفئات الأولى بالرعاية في مختلف محافظات الجمهورية. وقد نفّذّت الوزارة مشروع صكوك الإطعام خلال شهر رمضان المبارك لعام 2025 على نطاق واسع، بتوزيع آلاف الأطنان من اللحوم والسلع الغذائية على الأسر الأكثر احتياجًا، بالتنسيق مع المديريات الإقليمية، وبالتعاون مع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، استهدافًا للقرى والمناطق الأكثر احتياجًا لتخفيف الأعباء المعيشية وتحقيق التكافل الاجتماعي.
كما واصلت الوزارة تنفيذ مشروع صكوك الأضاحي خلال موسم عيد الأضحى المبارك 2025، حيث جرت عمليات ذبح وتوزيع لحوم الأضاحي البلدية والمستوردة وفق الضوابط الشرعية المعتمدة وبإشراف بيطري كامل، مع الالتزام بسلاسل التبريد والنقل الآمن، وقد تم توزيع الكميات على المستحقين في مختلف المحافظات، خاصة في المناطق الحدودية والصعيد والقرى الفقيرة، مما يعكس حرص الوزارة على توسيع نطاق الاستفادة المجتمعية من هذه المبادرات.
وأكدت وزارة الأوقاف أن إجمالي ما تم إنفاقه على مشروعات الإطعام والأضاحي يأتي ضمن منظومة خدمة البر التي شهدت خلال عام 2025 توجيه عشرات الملايين من الجنيهات لدعم الغذاء والحماية الاجتماعية، إلى جانب المساعدات النقدية، والقروض الحسنة، والإعانات الإنسانية، بما يحقق التكامل بين الجوانب الدعوية والاجتماعية والإنسانية في عمل الوزارة.
وتحرص الوزارة في تنفيذ هذه المشروعات على تطبيق أعلى معايير الحوكمة والشفافية، عبر تحديد قوائم المستحقين بالتنسيق مع المديريات والجهات المعنية، وضمان وصول الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين، مع توثيق عمليات التوزيع ومتابعتها ميدانيًا، مما يعزز ثقة المواطنين في منظومة البر والوقف الخيري.
وتأتي مشروعات صكوك الإطعام وصكوك الأضاحي كجزء لا يتجزأ من رؤية وزارة الأوقاف الهادفة إلى تحويل العمل الخيري إلى منظومة مؤسسية منظمة ومستدامة تسهم في دعم الاستقرار المجتمعي، وترسيخ قيم التكافل، وتعزيز دور الوقف في خدمة المجتمع، وذلك في إطار استراتيجية الدولة لبناء الإنسان المصري.