رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


تحالف إقليمي يوقف مقامرة إسرائيل في القرن الإفريقي

28-12-2025 | 18:03


عمرو سهل

 

 

لا يعد البيان الصادر باسم 21 دولة عربية وإسلامية وأفريقية والرافض الاعتراف بأرض الصومال كإقليم منفصل لا يعد لغة دبلوماسية تقليدية بل مواجهة سياسية وقانونية محسوبة جاءت لتقطع الطريق على محاولات إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في القرن الإفريقي والبحر الأحمر حيث اعتمد البيان بشكل مكثف على مفردات القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وسيادة الدول ووحدة الأراضي وهي ليست عبارات إنشائية بل أدوات نزع شرعية صريحة عن أي محاولة لفرض واقع جديد بالقوة أو عبر الاعترافات الأحادية واستخدام توصيف إجراء غير مسبوق وخرقا صارخا يعكس رغبة في تصوير الخطوة الإسرائيلية باعتبارها خروجا عن النظام الدولي وليس مجرد خلاف سياسي والربط بين الاعتراف وتهديد السلم والأمن الدوليين ينقل القضية من نطاق نزاع إقليمي إلى ملف قابل للتدويل وهذه اللغة تتقاطع مباشرة مع مخاوف دول البحر الأحمر من فتح باب الاعتراف بالكيانات الانفصالية كأداة لإعادة رسم الخرائط وتوصيف الاعتراف بأنه سابقة خطيرة يوحي بأن المسألة ليست أرض الصومال فقط بل نموذج يمكن تكراره في أماكن أخرى والتأكيد على أن هذا الاعتراف يمثل تهديدا مستقبليا دائما يعكس وعيا بأن المسألة جزء من استراتيجية طويلة المدى لا خطوة تكتيكية لتكتل عابر للأقاليم عربي وإسلامي وأفريقي وهو اختيار مقصود لخلق جدار سياسي جماعي يمنع كسر الإجماع الأفريقي كما أن الإشارة إلى الاتحاد الإفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي تغلق المسار الدبلوماسي أمام أي اعتراف ثنائي محتمل تقوده إسرائيل مع أطراف إفريقية ومن أهم سمات البيان الربط غير المباشر بين ملف أرض الصومال وملف تهجير الفلسطينيين فالرفض القاطع لأي مخططات لتهجير أبناء الشعب الفلسطيني ليس تفصيلا عابرا بل رسالة بأن الاعتراف بالكيانات الانفصالية وإعادة توطين السكان وتغيير الخرائط كلها أدوات ضمن منظومة واحدة لإدارة الصراعات بالهندسة الديموغرافية وبهذا الربط يتم تفكيك السردية الإسرائيلية التي تسعى لتجزئة الملفات وعزل كل أزمة عن الأخرى ليعكس المشهد الراهن في البحر الأحمر والقرن الإفريقي تحولا نوعيا في طبيعة الصراع الإقليمي من كونه تنافسا على النفوذ إلى كونه معركة على إعادة هندسة الجغرافيا السياسية ورفض غالبية الدول المشاطئة للبحر الأحمر إدخال أطراف جديدة إلى هذا الفضاء يعكس إدراكا جماعيا لخطورة تفكيك التوازنات القائمة ومن هنا جاء تأسيس مجلس الدول المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن كآلية تنسيقية وتوجت بتمارين عسكرية مشتركة مثل تمرين الموج الأحمر 8 في محاولة لبناء مظلة أمنية إقليمية مستقلة نسبيا عن الاختراقات الخارجية فنحن أمام لوحة إقليمية واحدة متعددة المسارح إسرائيل تسعى لتثبيت حضور غير مباشر في البحر الأحمر عبر إثيوبيا وكيانات انفصالية وقوى محلية وإثيوبيا توظف اللحظة الدولية والإقليمية لتحقيق حلمها البحري ودول عربية وإفريقية مركزية تتعرض لضغوط متزامنة وخطورة هذا المشهد لا تكمن في حدث واحد بعينه بل في تراكب الأزمات وتزامنها بما ينذر بتحول البحر الأحمر من ممر ملاحي دولي إلى ساحة صراع مفتوحة على النفوذ تكون نتائجها عميقة وطويلة الأمد على الأمن القومي العربي والإفريقي على حد سواء.