رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


«تهديد للأمن القومي العربي والإفريقي».. رفض إقليمي ودولي لاعتراف إسرائيل بما يسمى أرض الصومال

29-12-2025 | 15:11


أرض الصومال

أماني محمد

في خطوة أثارت رفضًا كبيرًا على المستوى الإقليمي والدولي، أعلنت إسرائيل اعترافها بما يسمى بـ"أرض الصومال"، كدولة مستقلة ذات سيادة، وهو ما وُصف بـ"الزلزال الدبلوماسي" في منطقة القرن الإفريقي، الذي يحمل تهديدات كبيرة للأمن القومي في تلك المنطقة، وكذلك الأمن المصري والعربي.

 

رفض إقليمي ودولي

وفي اجتماع له أمس، أقر البرلمان الصومالي، بالإجماع قرارًا يُعلن بطلان اعتراف إسرائيل بإقليم أرض الصومال.

كذلك أكد الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، أن بلاده ترفض خطوة نتنياهو بشأن أرض الصومال، قائلًا "نعتبرها انتهاكًا لسيادة بلادنا وعدوانًا على وحدتها"، موضحا أن بلاده ترفض نقل الفوضى والصراعات التي تتسبب بها إسرائيل في الشرق الأوسط إلى الأراضي الصومالية.

وأكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصالات هاتفية مع عبد السلام عبدي علي، وزير خارجية الصومال، وهاكان فيدان وزير خارجية تركيا، وعبد القادر حسين عمر وزير خارجية جيبوتي، على الرفض التام وإدانة اعتراف إسرائيل بإقليم أرض الصومال، وشددوا على الدعم الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية، والرفض الكامل لأي إجراءات أحادية من شأنها المساس بالسيادة الصومالية أو تقويض أسس الاستقرار في البلاد.

كما شدد الوزراء على دعم مؤسسات الدولة الصومالية الشرعية، ورفض أي محاولات لفرض كيانات موازية تتعارض مع وحدة الدولة الصومالية.

وفي اجتماعه أمس، أدان مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، في دورة غير عادية، بأشد العبارات اعتراف إسرائيل بانفصال إقليم الشمال الغربي من الصومال، مؤكداً تضامن الدول العربية الكامل مع جمهورية الصومال الفيدرالية في مواجهة ما اعتبره اعتداء على سيادتها ووحدة أراضيها.

وأصدرت 21 دولة عربية وإسلامية، بيانا مشتركا، حذرت فيه من تداعيات خطيرة للقرار الإسرائيلي على السلم والأمن في منطقة القرن الإفريقي وفي منطقة البحر الأحمر الأوسع، محذرة من أن هذه الخطوة "تشكل انتهاكا جسيما لمبادئ القانون الدولي".

دعا الاتحاد الأوروبي، إلى احترام وحدة أراضي الصومال، مؤكدا أن هذا الأمر يحمل "أهمية محورية" من أجل السلام والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي، موضحا في بيان له، أن دستور الاتحاد الإفريقي وميثاق الاتحاد الإفريقي وميثاق الأمم المتحدة، تؤكد على أهمية احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية.

وأضاف سلامة أراضي الصومال تعد ذات أهمية محورية للسلام والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي بأكملها.

كذلك علقت وزارة الخارجية الصينية على قرار إسرائيل قائلةً إنها تعارض أي محاولة لتقسيم الأراضي الصومالية، داعية السلطات في أرض الصومال على التوقف فورًا عن أنشطتها الانفصالية والتآمر مع قوى خارجية.

من المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا، اليوم الإثنين، بشأن القرار الإسرائيلي.

 

تهديد للأمن القومي المصري والعربي والأفريقي

قال السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن هذه الخطوة جزءًا من توجه إسرائيلي ليس جديدًا، وكانت هناك محاولات سابقة للتوصل إلى هذا الموقف، تزامنًا مع محاولات إثيوبيا الحصول على قاعدة عسكرية في أراضي أرض الصومال مقابل الاعتراف بها، موضحا أن هذا التوجه قد يكن تم بالتنسيق بين إسرائيل ودول إقليمية مع تقدير لاحتمال وجود تنسيق غير مباشر مع الولايات المتحدة.

وأوضح في تصريح لبوابة دار الهلال"، أن هذا التوجه يشكل تهديدًا للأمن القومي المصري والعربي والأفريقي، لأن أرض الصومال تقع عند مدخل البحر الأحمر وخليج عدن وقرب باب المندب وقناة السويس، مضيفا أن إسرائيل متواجدة في شمال البحر الأحمر وتسعى للتوسع إلى الجنوب، مما يعني محاولة السيطرة أو الهيمنة على هذا الممر الحيوي للملاحة الدولية، وربما يرتبط هذا الهدف أيضًا بالعداء تجاه إيران وبالسياق السياسي المتعلق بالقضية الفلسطينية.

وشدد على أن هذا التوجه قوبل برفض قاطع من العديد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، لأنه يتعارض مع القانون الدولي، وأعراف المنظمات الدولية، والعلاقات الدولية بشكل عام، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية، التي تؤكد ضرورة احترام وحدة وسيادة الدول وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

وأشار حليمة إلى أن التوجه الإسرائيلي يحمل احتمالية تهجير فلسطينيين قسريًا إلى أرض الصومال، علمًا بأن هذا الأمر سبق وأثير مع الصومال، ولكن الحكومة الصومالية رفضته، وفي ظل الطموحات الإسرائيلية وتعاون بعض الدول معها، يسعى هذا التوجه لتنفيذه مجددًا، مشددًا على أن الاعتراف الإسرائيلي يلقي رفضًا وإدانة قوية، ويستدعي تحركات عاجلة لمنع تحقيقه على أرض الواقع، ولمنع أي دولة أخرى من اتباع نهج مماثل.

ولفت إلى أنه على المستوى الدولي، سيكون من المستحيل قبول أرض الصومال كعضو في المجتمع الدولي في ظل هذا الرفض الواسع من قبل الدول والمنظمات، سواء عبر مجلس الأمن، الاتحاد الأفريقي، الجامعة العربية، وهو ما يحد من قدرة إسرائيل على تنفيذ هذا التوجه، مشيرا إلى أن أي دولة تحاول الاعتراف ستبقى معزولة إلى حد كبير وغير مقبولة على المستوى الدولي.

وأكد السفير صلاح حليمة إلى أن أرض الصومال ارتكبت خطأ جسيمًا بالتوقيع على هذا الاتفاق مع رئيس دولة إسرائيل، الذي تُدينه المحكمة الجنائية الدولية كمجرم ارتكب جرائم حرب، كما أن إسرائيل مدانة كدولة محتلة من قبل محكمة العدل الدولية، مشيرا إلى أن هذا الخطأ يساهم بشكل غير مباشر في تصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير القسري للفلسطينيين، ويعد مساهمة من جانب أرض الصومال في إضعاف القضية الفلسطينية، وهو أمر سيبقى سلبيًا على هذا الإقليم إذا تم الاعتراف بالخطوة.

ولفت إلى أن مصر أعلنت رفضها لهذه الخطوة، مؤكدة أن حماية وحدة وسيادة أرض الصومال وسلامة أراضيها أمر يعتبر خطًا أحمر، وتعتمد مصر في ذلك على اتفاقيات الدفاع المشترك مع الصومال، وتعاون عسكري مستمر، بالإضافة إلى اتفاقيات الدفاع العربي المشترك، ومواقف الاتحاد الأفريقي التي تشدد على ضرورة احترام الحدود والسيادة الوطنية.

وأكد أنه يمكن للصومال أن يلعب دورًا مهمًا من خلال مجلس الأمن أو عبر علاقاته الإقليمية مع دول البحر الأحمر، وكذلك من خلال مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر، الذي يضم الصومال، السعودية، مصر، أريتريا، الأردن، وجيبوتي، هو جهة معنية بالأمن والتنمية لمواجهة هذا التوجه وحماية الأمن الإقليمي.

 

انتهاك صارخ للسيادة الصومالية

ومن جانبه، قال الدكتور محمد الشيمي، أستاذ العلاقات الدولية، إن اعتراف إسرائيل بما يسمى أرض الصومال أو "صوماليلاند" كدولة مستقلة ذات سيادة تُعد خطوة غير مسبوقة، لكنها ليست جديدة ولا مفاجئة بالكامل، وتحمل تأثيرات بعيدة المدى، وصفها بعض المحللين بأنها "زلزال دبلوماسي" للمنطقة الإقليمية، وخاصة في منطقة القرن الإفريقي، لما يحمله من حساسية شديدة وتبعات تؤثر على التوازنات الإقليمية بشكل عام.

وأوضح "الشيمي"، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن إسرائيل تحاول تعزيز نفوذها في هذه المنطقة الاستراتيجية، خصوصًا منطقة مدخل مضيق باب المندب، وتوسيع وجودها في أرض الصومال، وزيادة النفوذ في المنطقة، وعلى المستوى الإقليمي والدولي، قوبل هذا الاعتراف برفض واسع.

وأشار إلى أن مصر وتركيا أصدرتا بيانات استنكار لهذا الاعتراف، معتبرة أنه تدخل في الشؤون الداخلية لدولة الصومال، أما الحكومة الصومالية، اعتبرت الاعتراف انتهاكًا صارخًا لسيادتها، وطالبت مجلس الأمن بعقد جلسة طارئة من المتوقع أن تُعقد اليوم أو غدًا.

وأكد أنه على المستوى الدولي، اعتبر الاتحاد الأفريقي هذه الخطوة استعمارية واستنكرها بشدة، بينما تبنى الاتحاد الأوروبي موقفًا متوازنًا إلى حد ما، مؤكدًا احترام حدود دولة الصومال الفيدرالية ووحدة أراضيها، والحوار بين الدولتين المعنيتين.

وحذر من تداعيات هذا الأمر على الأمن الإقليمي، حيث أعلنت حركة الشباب الصومالية بعد هذا الاعتراف أنها ستوسع عملياتها في الإقليم تحت شعار محاربة "التغلغل الصهيوني"، ما قد يؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤثر على كافة الدول في القرن الإفريقي والشرق الأوسط، بما فيها مصر، كذلك توعدت جماعة الحوثيين باستهداف أي وجود إسرائيلي، سواء كان نقاطًا عسكرية أو محطات أو أي أهداف إسرائيلية في أراضي الصومال، كرد فعل على هذا الاعتراف.

ولفت إلى أن الاعتراف الإسرائيلي، رغم كونه جزءًا من محاولة إسرائيل فرض دور إقليمي لها بدعم من الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها الأمنية، إلا أنه سيتسبب أيضًا في تبعات سلبية تتمثل في نشر الفوضى وعدم الاستقرار، خصوصًا في منطقة ذات عمق استراتيجي كبير لأطراف إقليمية ودولية متعددة.