رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


إبراهيم ناجي.. الطبيب الذي داوى القلوب بالشعر وخلّدته أم كلثوم بـ«الأطلال»

31-12-2025 | 03:59


ابراهيم ناجي

فاطمة الزهراء حمدي

في اليوم الذي يحتفل فيه عشاق الأدب بذكرى ميلاده، يعود اسم الشاعر المصري الكبير إبراهيم ناجي ليضيء الذاكرة الثقافية من جديد؛ ذاك الطبيب الشاعر الذي لم يكتفِ بمداواة آلام الجسد، بل منح القلوب لغة للحب والحنين، وترك سطورًا خالدة أصبحت جزءًا من وجدان الطرب العربي، تتقدمها رائعة “الأطلال” التي خلدتها بصوتها كوكب الشرق أم كلثوم.

وُلد إبراهيم ناجي في 31 ديسمبر 1898 بحي شبرا في القاهرة، ونشأ في أسرة مثقفة كان لها دور كبير في تكوينه الفكري والأدبي. تخرج في كلية الطب عام 1922 وعمل طبيبًا بوزارتي المواصلات والصحة، ثم عُيّن مراقبًا للقسم الطبي بوزارة الأوقاف. وخلال حياته العملية ظل الأدب رفيقه الأقرب، فكتب الشعر وتعمق في التراث العربي وقرأ للمتنبي وابن الرومي وأبي نواس، كما نهل من الأدب الغربي وتأثر بشعرائه الرومانسيين.

عاش ناجي جزءًا من حياته في المنصورة، حيث كان لجمال الطبيعة والنيل أثر بالغ في صياغة وجدانه الشعري، فغلب على قصائده الطابع العاطفي الرومانسي. ومع صعود التيارات الأدبية الحديثة انضم عام 1932 إلى مدرسة أبولو الشعرية، وكان أحد أبرز رموزها، حتى أصبح وكيلاً لها ثم ترأس رابطة الأدباء في الأربعينيات.

لم يكن ناجي مجرد شاعر، بل كان مثقفًا شاملاً؛ ترجم أعمالًا أدبية عالمية بينها “أزهار الشر” لبودلير، وروائع من الأدب الإنجليزي والفرنسي والروسي، كما كتب دراسات أدبية ونقدية وقدّم إسهامات مهمة في مجالات متعددة.

أصدر عدة دواوين شعرية من أبرزها:

«وراء الغمام» (1934)، «ليالي القاهرة» (1944)، «في معبد الليل» (1948)، و«الطائر الجريح» (1953)، ثم صدرت أعماله الكاملة عام 1966 عن المجلس الأعلى للثقافة.

ورغم قيمته الشعرية الكبيرة، لم يسلم إبراهيم ناجي من النقد، إذ واجه هجومًا من طه حسين والعقاد عند صدور ديوانه الأول، لكن الزمن أنصف تجربته وأثبت مكانته كأحد أعمدة الشعر الوجداني في العصر الحديث.

وتبقى قصيدة “الأطلال” العلامة الأبرز في مسيرته؛ تلك القصيدة التي غنتها أم كلثوم عام 1965 بعد وفاته بثلاثة عشر عامًا، من ألحان الموسيقار رياض السنباطي، لتتحول إلى واحدة من أعظم روائع الغناء العربي وأكثرها تأثيرًا، وتمنحه لقب “شاعر الأطلال” الذي ظل ملازمًا لاسمه حتى اليوم.

رحل إبراهيم ناجي في مارس 1953 بعد إصابته بمرض السكري الذي أنهك جسده، لكنه ترك إرثًا شعريًا وإنسانيًا باقٍ، ودراسات وأعمالًا لا تزال تُقرأ وتُدرّس وتُلهم الأجيال الجديدة من عشاق الشعر.