استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس، بقصر الاتحادية هايلا ماريام ديسالين رئيس وزراء إثيوبيا، الذي يقوم بزيارته الرسمية الأولى لمصر لرئاسة الجانب الإثيوبي في اجتماع الدورة السادسة للجنة العليا المشتركة التي عقدت للمرة الأولى على مستوى قيادتي البلدين.
وصرح السفير بسام راضي المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس ورئيس الوزراء الإثيوبي عقدا في البداية لقاءً منفردًا، ثم قاما برئاسة اجتماع اللجنة العليا المصرية الإثيوبية في حضور وفدي البلدين، وقد رحب الرئيس خلال المباحثات برئيس الوزراء الإثيوبي والوفد المرافق له، مشيداً بعقد أعمال اللجنة العليا المشتركة بالقاهرة للمرة الأولى على مستوى قيادتي البلدين، وما يمثله ذلك من رسالة واضحة بشأن عزم الجانبين على تجاوز أية عقبات قد تعتري مسار تطوير العلاقات الثنائية، ومؤكداً في هذا السياق التزام مصر بالتعاون الاستراتيجي مع إثيوبيا بما يُحقق مصلحة الشعبين.
وأضاف المُتحدث الرسمي أن رئيس الوزراء الإثيوبي أعرب من جانبه عن حرص بلاده والتزامها بتعزيز التعاون مع مصر في مختلف المجالات، مشيراً إلى الروابط التاريخية التي تجمع الشعبين المصري والإثيوبي، وأهمية العمل على تطوير التعاون الثنائي بين البلدين في شتي القطاعات. كما أكد رئيس وزراء إثيوبيا عزم بلاده على تفعيل الأطر التعاقدية القائمة والعمل على استكشاف آفاق جديدة للتعاون والتفاعل بين البلدين، أخذًا في الاعتبار ما يتمتعان به من إمكانات وقدرات كبيرة تتيح لهما تحقيق المصالح المشتركة للشعبين في مجالات التعاون المختلفة.
وذكر السفير بسام راضي أنه تم خلال اجتماع اللجنة العليا المشتركة وضع خارطة طريق لتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات متعددة، مثل التجارة، والصناعة، والاستثمار، والصحة، والتعليم، فضلًا عن مُتابعة تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين البلدين في هذه المجالات.
وأكد الرئيس خلال الاجتماع تطلع مصر لزيادة التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري مع إثيوبيا، وتوفير المناخ اللازم لتعزيز فرص التعاون بين القطاع الخاص في البلدين، أخذًا في الاعتبار اهتمام القطاع الخاص المصري بزيادة حجم استثماراته في إثيوبيا، والتي تبلغ في الوقت الراهن نحو 750 مليون دولار. كما تمت مناقشة مقترح إنشاء منطقة صناعية مصرية في إثيوبيا بهدف جذب مزيد من الاستثمارات المصرية في قطاعات متعددة بالسوق الإثيوبية، للمساهمة في زيادة التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.
وقد شهد الاجتماع التباحث أيضًا حول عدد من القضايا الإقليمية والإفريقية، من بينها سبل تعزيز الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب والتطرف، والتشاور إزاء أمن البحر الأحمر، فضلاً عن مواصلة التنسيق القائم بين البلدين بشأن ملفات السلم والأمن بمنطقة القرن الإفريقي وعلى صعيد القارة الإفريقية بوجه عام.
وفي ما يتعلق بملف المفاوضات الفنية الخاصة بسد النهضة، أعرب الرئيس خلال المباحثات عن قلق مصر إزاء الجمود الحالي الذي يشهده المسار الفني للمفاوضات، مشيرا إلى الاقتراح الذي طرحته مصر لمشاركة البنك الدولي كطرف فني في اللجنة الوطنية الثلاثية لتسهيل المناقشات والتوصل لحل للنقاط الخلافية واتخاذ قرار بشأنها، وذلك بما للبنك الدولي من خبرات ومصداقية لدى الدول الثلاث. وقد أكد رئيس الوزراء الإثيوبي عدم إقدام بلاده على أي إجراءات تضر بمصالح الشعب المصري، مؤكدًا أن الهدف من بناء سد النهضة هو تحقيق التنمية للشعب الإثيوبي. كما أعرب عن تقديره للمقترح المصري بشأن إشراك طرف ثالث كوسيط في المفاوضات الفنية، منوهًا باهتمام بلاده بدراسة تحديد الطرف الثالث وآلية وتوقيت تدخله بالمفاوضات، وأضاف رئيس وزراء إثيوبيا وجود آفاق واسعة للتعاون بين دول حوض النيل بوجه عام، مؤكدا المصير المشترك لجميع دول الحوض، وحرص بلاده التام وتفهمها لمصالح مصر المائية واحترامها لالتزاماتها تجاهها.
وأوضح المُتحدث الرسمي أن الرئيس ورئيس الوزراء الإثيوبي شهدا عقب ختام المباحثات مراسم التوقيع على مذكرتي تفاهم في مجال التعاون الصناعي، والتشاور السياسي والدبلوماسي، فضلاً عن محضر أعمال اللجنة الوزارية. كما عقدا مؤتمرا صحفيا مشتركا.
وردا على استفسارات الصحفيين حول التطورات الخاصة بمسار المفاوضات الفنية الخاصة بسد النهضة، أكد الرئيس أن الطرح المصري بإشراك البنك الدولي في اللجنة الوطنية الثلاثية يأتي سعيًا لتجاوز العقبات التي تواجه هذا المسار، لا سيما في ضوء ما يعتري مسار المفاوضات من تأخير، ولتفادي اتخاذ إجراءات أحادية على الأرض بشأن ملء خزان السد قبل الانتهاء من الدراسات الفنية. كما طمأن سيادته الحضور بشأن مسار المفاوضات مع الجانب الإثيوبي الخاص بهذا الملف، مؤكدا أن موضوع المياه محل اهتمام بالغ من المواطنين في مصر، أخذًا في الاعتبار اعتمادها شبه الكلي على النيل.
ومن جانبه، أكد المسؤول الإثيوبي أن بلاده تدرس الاقتراح المصري، وأنه سيتم عقد قمة ثلاثية قريبا بين مصر وإثيوبيا والسودان، لاستكمال التباحث حول تطورات هذا الملف، ومُجددًا تأكيده حرص بلاده على عدم الإضرار بمصالح مصر، بل العمل على تحقيق التعاون والتكامل بما يُحقق التنمية والرخاء للشعبين الشقيقين. كما تناول الرئيس ورئيس وزراء إثيوبيا خلال المؤتمر الصحفي آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري الواسعة بين البلدين، وحرص الجانبين على تعزيزها وتطويرها وتفعيل مختلف أطر التعاون القائمة خلال الفترة القادمة.