أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، اليوم الخميس، على ضرورة تسوية وضع القدس ضمن إطار الحل النهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشددا على أهمية النظر للقدس كمدينة للأمل تجمع ولا تفرق.
وقال الملك عبدالله الثاني - خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا اليوم -: "إذا تركنا القدس لتصبح مصدر خلاف للإنسانية بدل أن تكون مصدر أمل، فذلك سيكون كارثيا".
وأضاف أنه يجب أن ننظر للقدس كمدينة للأمل تجمع ولا تفرق، فالقدس لها مكانة عاطفية لدى الجميع، وخالدة لدى المسلمين والمسيحيين، ويجب أن يتم تسوية وضعها ضمن إطار الحل النهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. بحسب بيان للديوان الملكي.
وحذر العاهل الأردني خلال الجلسة التي أدارها الإعلامي الأمريكي في شبكة "سي إن إن" فريد زكريا، بحضور الملكة رانيا العبدالله والأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، من أن "القدس إذا لم تجمعنا فإنها ستخلق المزيد من العنف كما لم نرَ سابقا".
وتابع: "إننا ننتظر خطة سلام من الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن الفلسطينيين لا يرون في أمريكا وسيطا نزيها للسلام رغم أنهم يرغبون بالمضي قدما بالسلام، ويمدون أيديهم نحو الدول الأوروبية".
وأكد أنه لا يمكننا المضي قدما دون الولايات المتحدة، ولكن في الوقت نفسه لا نعلم ما الذي ستقدمه في خطتها للسلام، ونحن بانتظار ذلك.
وفِي رد العاهل الأردني على سؤال حول بديل حل الدولتين، قال "لا أدري أين ترى إسرائيل مستقبلها، وهل إذا كان هناك حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي غير حل الدولتين، كحل الدولة الواحدة"، متسائلا: "هل سيكون ذلك مقبولا؟ وأعتقد أن هذا الحل لن يكون واردا لأن الديمغرافيا تضع المزيد من المعوقات أمامه".
وأضاف، "سأحكم على مستقبل حل الدولتين عندما أرى ما الذي ستقدمه الولايات المتحدة، وما الذي ستقتنع به إسرائيل، حيث قد لا يكون ما نتوقعه هو نفس ما سيتم تقديمه، ولكننا سنعمل مع الولايات المتحدة وإسرائيل والفلسطينيين وكل الأطراف لإيجاد حل يساعدنا على التقدم".
وفي رد على سؤال حول الهلال الشيعي، قال العاهل الأردني: "إن ما أراه اليوم هو هلال إيراني، ونحن في المملكة الأردنية الهاشمية نرفض استخدام الدين كأداة للسياسة، ولا نمثل ذلك مطلقا".
وأَضاف، أن "السياسة الخارجية الإيرانية تتدخل في منطقتنا"، لافتا إلى الحاجة إلى حوار بدلا من تعميق النزاعات، فإيران تنتهج استراتيجية طويلة المدى نحو المنطقة، محذرا من طبول الحرب، وقال إن هناك خلافات كثيرة لا بد من مواجهتها بالحكمة.
وحول الملف النووي الإيراني، أكد الملك عبدالله الثاني تأييد الأردن لأن تكون منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي، مشيرا إلى أن هناك تفاهما أمريكيا أوروبيا حول هذا الملف مع إيران.
وفيما يتعلق بالأزمة السورية، أكد الملك عبدالله الثاني أنه لا يوجد رابح في سوريا. مشيرا إلى نجاح الأردن والولايات المتحدة وروسيا في إنشاء مناطق خفض التصعيد في جنوب سوريا، وأن التحدي الآن هو المضي قدما في العملية السياسية ضمن مسار جنيف.
وأوضح أن الحل في سوريا ما زال بعيد المنال، حيث يوجد لاعبون دوليون وإقليميون بأجندات مختلفة.
وفي رد على سؤال حول النهج الحالي للسياسة الخارجية السعودية، أكد الملك عبدالله الثاني أن السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تلعب دورا فاعلا واستباقيا لم نكن نراه في السابق، وتضع خطوطاً حمراء أمام التدخل الإيراني وخطر الجماعات التي تساندها، والذي يهدد دول الخليج العربي.
وبالنسبة لليمن، أوضح الملك عبدالله الثاني أن هناك تحديات تاريخية في اليمن، وقال: "نحاول جهدنا أن نواجه التحديات الإنسانية فيه، حيث لا يمكن أن تتحمل ضمائرنا المصائب الإنسانية هناك"، لافتا إلى أن التحالف العربي يقدم الدعم، ودول الخليج العربي، تعمل على إيجاد حل سياسي لهذه الأزمة وهو أمر أساسي.
وفي سؤال حول نظرة الغرب للإسلام، أكد الملك عبدالله الثاني أن ما نواجهه هو عدم الإلمام بديننا الحنيف، وهو دين محبة وليس دين كراهية، وهو دين يؤمن بالإنجيل والتوراة والديانات السماوية الأخرى، دين ينادي بالسلام، وقال: "لدينا تحديات مع المتطرفين والخوارج الذين يستهدفون المسلمين كما يستهدفون غيرهم".
وأوضح، أن أخطر ما في الأمر أن نجعل من المجتمعات الإسلامية في أوروبا وأمريكا ضحايا، ونضعهم في عزلة توجههم نحو التطرف، لافتا إلى أن الولايات المتحدة شريك استراتيجي في الحرب ضد الإرهاب لمعظم دول العالم، وهذه حرب طويلة المدى، وهي حرب عالمية ثالثة بوسائل مختلفة.
وفي رد على سؤال حول التطورات التي شهدتها المنطقة منذ الربيع العربي، أوضح الملك عبدالله الثاني أن الربيع العربي شكل مفترق طرق بالنسبة لنا، إذ بدأ بحركات من قبل الشباب الذين طالبوا بالتغيير الذي يستحقونه، واختطفته الجماعات الإرهابية والمتطرفون لتحقيق أجنداتهم.
وأشار إلى أنه لابد لنا كدول عربية أن نتعلم من غيرنا، كما فعلت دول أوروبا، بل كذلك كما تفعل دول إفريقيا اليوم، حيث أنهم يعملون معا وينسقون فيما بينهم وحققوا تقدما كبيرا في إطار العمل الإفريقي المشترك، مؤكدا ضرورة أن تعمل الدول العربية معا لتحقيق النمو والتكامل الاقتصادي فيما بينها.