أصدر حزب النور بيانا رسميا، يعلن فيه تأيدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في مارس المقبل لفترة ثانية، وجاء نص البيان على النحو التالي :
«الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فلا
يَخفى على أي متابعٍ خطورة المرحلة التي تمرُّ بها البلاد، والتحديات
الخطيرة التي تُهدد وحدتها وكيانها، والمشكلات العديدة التي تعترض مسيرتها
داخليًّا وخارجيًّا؛ مما يُوجب وحدة الصف وتجنُّب كل ما يؤدي إلى الانقسام
والاحتراب الداخلي، وتحقيق التعاون بيْن الحكومة والشعب وبيْن المؤسسات
الرسمية والهيئات الأهلية، ومنع الصدام بيْن فئات المجتمع بعضها البعض
وبيْن الهيئات المختلفة؛ لتحقيق أكبر قدرٍ مِن المصالح، ودفع أكبر قدرٍ مِن
المفاسد التي تتعرض لها البلاد.
والأحزاب السياسية جزءٌ مِن النسيج الوطني، عليها مسئولية كبيرة لتحقيق هذا الهدف.
ومِن هذا المنطلق:
يتقدَّمُ "حزب النور" برؤيته حول الجوانب التي ينبغي أن تحتل الصدارة في
برنامج واهتمامات الرئيس المصري لفترة الرئاسة المقبلة لكي يطبِّق معايير
الحكم الرشيد المنضبط بثوابتنا، والمحقِّق لأعلى درجات التشاركية السياسية؛
سواء على مستوى الأحزاب أو على مستوى الهيئات والأفراد، والذي يحقق
الشفافية والفعالية والكفاءة، ويتميز بالاستجابة الفعالة لحاجيات
المواطنين، ويضبط العقد الاجتماعي بيْن مؤسسات الدولة وبيْن المواطنين على
أساس الدستور.
وتتمثل رؤية حزب النور في المحاور الآتية:-
أولًا: المجال الاقتصادي:
- إن الخطوة الأهم والأبرز التي يجب اتخاذها في استكمال مسيرة الإصلاح الاقتصادي: معالجة الآثار السلبية على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، حيث أن هذه الإجراءات الإصلاحية قد كاهل محدودي الدخل بشكلٍ كبيرٍ.
-
إن اتساعَ الفجوة بيْن الطبقات وتعرُّض الطبقة المتوسطة للتآكل، خطرٌ
اقتصادي واجتماعي كبيرٌ، يجب على الدولة أن تسارِع إلى معالجته بسنِّ
التشريعات واتخاذ التدابير لذلك، وإقامة المشروعات التي تمكِّن الطبقات
الفقيرة والمتوسطة مِن جني ثمار الإصلاح الاقتصادي، وعلى الدولة عند وضع
الخطط الاقتصادية أن تراعى التزام الأغنياء بتحمل القسط الأكبر من فاتورة
الإصلاح الاقتصادي تحقيقا للعدالة الاجتماعية وانطلاقا من روح التواد
والتراحم المطلوب وجودها بين أفراد المجتمع.
-
إن سياسة الاقتراض لسدِّ عجز الموازنة؛ لا يجوز اللجوء إليه إلا في حالة
الضرورة، حيث أن هذه السياسة لا يتحمل نتائجها الجيل الحاضر فقط بل الأجيال
التى تجملها هذه السياسة سداد فاتورة المشكلات الحاضرة وتؤثر على حرية
إرادتها واستقلالية قراراتها.
-
ولا بد مِن اعتماد سياسة ترشيد الإنفاق الحكومي، وحثِّ الأجهزة الرقابية
على أن تضع هذا الموضوع في أول أولوياتها مع إعداد خطط شاملة لنشر ثقافة
ترشيد الاستهلاك غير الحكومي، في جميع النواحي: الصناعية - والتجارية -
والمنزلية".
إن
سياسة التوسع فى استصلاح الأراضي الجديدة هو خطوة هامة تحتاجها البلاد؛
لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ولكن نحتاج مع
ذلك وجنبا إلى جنب، أن تتخذ الحكومة الكثير من التدابير والإجراءات؛ لرفع
مستوى المزارعين والمستفيدين من هذه الأراضي المستصلحة بتدريبهم على الطرق
الحديثة فى الزراعة، وتوفير التقاوي والبذور الجيدة.. مع وضع سياسة
تسويقية للمنتجات الزراعية، وخاصة المحاصيل الرئيسة، تحقق سعرًا عادلاً
ومجزيًا.. بدلا من ذهاب الأرباح إلى الحلقات الوسيطة...
كذلك الاهتمام بالمناطق الريفية وتنميتها وخاصةً فى صعيد مصر.
-
إن المشروعات الجديدة توفِّر فرصَ عملٍ جديدةٍ؛ مما يقلل مِن البطالة،
ولكن مِن جهة أخرى: فإن إجراءات الإصلاح الاقتصادي ترتب عليها ركود في
كثيرٍ مِن القطاعات؛ مما يلزم معه أن تتعاون الدولة والقطاع الخاص
في افتتاح أسواق عملٍ جديدة، وفي إعداد برامج تدريبية للمجالات التي تَشهد
رواجًا، بحيث يشهد السوقُ المصري فرصَ عملٍ جديدة وكافية حتى تساهِم بشكلٍ
جدي في تقليص عدد العاطلين.
ويجب
أن تعطي الدولة اهتمامًا أكبر بالمشروعات الصغيرة؛ لكونها أداة سهلة
للتغلب على البطالة دون إرهاقٍ كبيرٍ لميزانية الدولة، بحيث توجِّه الدولة
الجزءَ الأكبر مِن اهتمامها لإعادة تشغيل القلاع الصناعية المتوقفة أو
المتعثرة، وفتح مجالات صناعية جديدة.
ثانيًا: مجال محاربة الفساد:
-
إن الفسادَ غولٌ يلتهم موارد الدولة، ويعطِّل مسيرة اﻹصلاح، ولا يمكن
لتنميةٍ أن تتم أو لخطةٍ إصلاحية أن تنجح في وجود هذا الفساد الذي ضَربَ
بجذوره وتشعَّب في كلِّ اتجاه! وهذا يستدعي وضع رؤية شاملة متكاملة للقضاء
على هذا الفساد، وسدِّ منافذه واقتلاع جذوره.
-
إن تتبع الأجهزة الرقابية لبعض قضايا الفساد الكبرى شيءٌ جيد، ولكن وجود
هذا الكمِّ مِن القضايا يدل على أن الجزءَ الأكبر مِن قضايا الفساد ما زال
غيرَ مكتشفٍ، وإن كانت آثاره المدمِّرة ماثلة أمام الجميع! فضلًا عن الرشوة
والمحسوبية، وغيرها مِن صور الفساد التي تعم كل طبقات المجتمع وفئاته.
ثالثًا: مجال الحقوق الدستورية وحريات المواطنين:
-
لا بد مِن تفعيل النصوص الدستورية المتعلقة بحقوق المواطنين في الحياة
الكريمة والحرة، وسرعة القضاء على مظاهر العدوان عليها، والحذر مِن إعطاء
صلاحيات مطلقة تتجاوز الدستور والقانون لأي فردٍ أو مؤسسة، وضرورة التعاون
مع البرلمان في مراجعة التشريعات التي تمد أمد الحبس الاحتياطي، والتي
تتجاوز مهمة التحقيق والتحريات، وتتحول إلى نوعٍ مِن العقوبة لمتهمٍ بريء
لم يُثبت القضاءُ إدانته، وهذا مخالف للشرع والدستور.
- ومِن أهم واجبات المرحلة القادمة:
المعالجة الفورية والسريعة لقضايا التعذيب عن طريق تخصيص دوائر خاصة في
المحاكم للفصل في هذه القضايا، بحيث يكون العقاب سريعًا، وبالتالي يكون
رادعًا لكل مَن يستغل سلطته في العدوان على حرمات الآخرين.
- وكذلك الوقاية مِن هذه الجرائم عن طريق معالجة الأجواء التي أدتْ إلى عودة هذه الممارسات!
- إن أبناء الكثير مِن "الجمعيات الخيرية" العاملة في مجال نشر الثقافة الإسلامية يُعانون مِن صور التمييز؛ مما يمثِّل عقوبةً جماعية عليهم بسبب جرائم ترتكبها "داعش"، وغيرها مِن جماعات العنف والتكفير.
والعجيب: أن هذا التمييز يوجَّه في كثيرٍ مِن الأحيان لمَن يقومون بدورٍ كبيرٍ في محاربة التكفير والعنف!
ومِن هذه الممارسات: التضييق على كثيرٍ مِن صور العمل السياسي والاجتماعي، والتخطي في الترقيات في الوظائف، وغيرها مِن الممارسات.
- كما يلزم تهيئة الأجواء لإلغاء حالة الطوارئ في أقرب فرصةٍ لذلك.
- ويجب اتخاذ الخطوات التشريعية والتنفيذية اللازمة لحل مشكلة بطء إجراءات التقاضي.
-
وكذلك مراجعة قوائم المسجونين، وسرعة الإفراج عن كل مسجونٍ يثبُت أنه حُبس
ظلمًا، وفتح باب الاندماج في المجتمع أمام مَن ينبذ التكفير والعنف،
وتحسين أحوال السجون بما يتناسب مع آدمية المسجونين.
رابعًا: في مجال محاربة الإرهاب:
الإرهاب
ظاهرة خطيرة تهدد استقرار المجتمع، وتبدد ثرواته البشرية والمادية؛ وهذا
يتطلب مواجهة شاملة: "أمنية - وفكرية - وتربوية - وإعلامية"، مع سدِّ
الثغرات التي تسمح بتمكن الجماعات الإرهابية مِن تنفيذ عملياتها رغم حالة
الطوارئ!
وللمواجهة الفكرية والمنهجية لظاهرة الإرهاب أهمية كبرى؛ لأنها تحصِّن الشباب مِن الفكر المنحرف، وتمنع الإرهاب مِن تجنيد أعضاء جدد.
وهذه
المواجهة تحتاج تعاوناً بيْن المؤسسات الدينية الرسمية (الأزهر والإفتاء
والأوقاف) وبيْن الجمعيات الدعوية المعتدلة التي ترفض العنف والتكفير، وفتح
المجال أمام الدعاة المعتدلين الذين لم يتورطوا في التحريض على الصدام
والتخريب لسدِّ الثغرات في هذا المجال.
وكذلك
وضع خطط لتنمية المناطق الحدودية ونشر التعليم فيها ولو بصورة غير نمطية،
لأن الجهل هو المرتع الهائل للجماعات الإرهابية والفكر المنحرف المتطرف.
خامسًا: في تجديد الخطاب الديني:
توجد ضرورة مُلحَّة لتحديد مفهومٍ واضحٍ لتجديد الخطاب الديني كما بشَّر به النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها) (رواه أبو داود والحاكم، وصححه الألباني)؛ حتى لا يستغل خصوم التراث "وتلامذة المستشرقين" هذا الشعار للطعن في ثوابت الدين أو تحقير تراث الأمة!
- إن تجديد الخطاب الديني وفق المفهوم الشرعي الصحيح:
يستلزم الحفاظ على العقائد الإسلامية، والثوابت العبادية والسلوكية
والخُلُقية، ولا يصح بحالٍ مِن الأحوال أن يُستغل تجديد الخطاب الديني
لمحاربة القِيَم والأخلاق، أو لتهديد هوية المجتمع الإسلامية والعربية!
سادسًا: في المجال السياسي:
-
لا بد مِن تفعيل النصوص الدستورية التي تنص على بناء النظام السياسي
القائم على التعددية الحزبية، والتعاون مع السلطة التشريعية في إعادة النظر
في قوانين الانتخابات العاملة بنظام القائمة المطلقة، والتي عرقلتْ نمو
الأحزاب ومشاركتها في الحياة السياسية، ومنعتْ مِن التمثيل العادل للأحزاب
المختلفة في البرلمان، وأعلتْ مِن جانب العمل الفردي والتجمعات غير
الحزبية!
سابعًا: في مجال العلاقات الخارجية:
-
استمرار الجهود الرامية إلى توطيد العلاقات مع الدول العربية والإسلامية
الشقيقة، وسرعة التحرك في القارة الإفريقية؛ لتقوية العلاقات، والعمل على
وضع نهاية لمعاناة الشعوب العربية التى تعانى من الحروب الداخلية؛ بما
يحافِظ على وحدة هذه البلاد وعدم السماح بالتقسيم الطائفي، والحذر مِن دخول
المذاهب الهدَّامة التي تبذر بذور الطائفية في بلادنا "وجميع البلاد
الإسلامية"، وعدم السماح باستغلال وجود أقلياتٍ في إذكاء روح الصدام
والاقتتال داخل المجتمع.
-
مع الاهتمام بالأقليات المسلمة في كلِّ أنحاء العالَم؛ لا سيما الأقليات
المستضعفة، مثل: "مسلمي بورما"، والوقوف بجانبهم، ومناصرة قضيتهم.
ولا
شك أن قرار الرئيس الأمريكي الأخير بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى
"القدس"، وردود الفعل الإيجابية الفعَّالة مِن "مصر" تجاه هذا القرار؛
يحتِّم على مصر أن تعيد القضية إلى صدارة الاهتمام السياسي والدبلوماسي، والتعليمي والإعلامي؛ بالإضافة إلى الدور المتميز "للأزهر الشريف" في تبني هذه القضية مِن منظورٍ إسلامي أوسع.
ثامنًا: مجال الخدمات:
الاهتمام
بتطوير منظومة الخدمات وخاصة الصحة والتعليم والمواصلات والسكن وغيرها؛
بحيث يتمكن المواطن من الحصول عليها بطريقة آدمية ولائقة.
تاسعًا: بناء الإنسان:
لا
يجب أن تشغلنا الأهداف الاقتصادية والسياسية آنفة الذكر عن قضيةٍ أهمِّ
مِن ذلك كله؛ وهي: "قضية بناء الإنسان المصري" على أسسٍ سليمةٍ، نابعةٍ مِن
ثوابته العقدية والأخلاقية، وأن تعود منظومة القِيَم إلى مكانها الصحيح
مِن الاهتمام في المدارس والجامعات، ووسائل الإعلام، وأن تتصدى الأجهزة
الأمنية والرقابية لـ"شلال الانحلال" الخُلُقي الذي يَغزو بُيوتنا مِن
كثيرٍ مِن القنوات، ووسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها... وبذات الأهمية يجب
أن يتصدى "الأزهر" والجمعيات الدعوية المعتدلة لـ"تيار الطعن في الثوابت"
الذي يطل علينا تحت لافتاتٍ متنوعةٍ، وعبْر وسائل مختلفة!
وقبْل كل الجوانب السابقة اللازمة للنهوض ببلادنا، يأتي المطلب الأهم "والواجب الآكد"؛ ألا وهو:
تأكيد وترسيخ المرجعية العليا للشريعة الإسلامية في جميع نواحي الحياة:
"القانونية - والسياسية - والثقافية - والاجتماعية"، وهي مرجعية نصَّ عليها
"الدستور" في مادته "الثانية"، وخاطبت المحكمة الدستورية العليا في حكمها
الصادر سنة 1985م البرلمان بأن يتولى مراجعة جميع القوانين وتنقيتها مما
يخالِف الشريعة الإسلامية.
وهذا
الواجب الشرعي والاستحقاق الدستوري يحتاج إلى تعاونٍ بيْن الرئيس
والبرلمان والأزهر، وكل المؤسسات والهيئات الرسمية والأهلية المعنية
بالشريعة، والمتمسكة بهويتنا.
موقف "حزب النور" مِن مرشحي الرئاسة (2018م):
وتطبيقًا
لـ"مبدأ الشورى"، وانسجامًا مع ما جَرَتْ عليه عادة "حزب النور" مِن توسيع
قاعدة الشورى في المواقف الكبرى؛ فقد استطلع الحزب آراء هيئات الحزب
المختلفة، ومكاتب الحزب وأماناته في المحافظات، ورُفعتْ تقارير بنتائج
استطلاعات الرأي هذه أمام الهيئة العليا.
وبناءً عليه:
قررت "الهيئة العليا للحزب" اعتماد الرؤية السابقة كورقة عمل يقدِّمها
الحزب لمَن يؤيده في انتخابات الرئاسة، كما رأتْ أن الرئيس الحالي "عبد
الفتاح السيسي" هو أقدر من يقوم بهذه المهام الجسيمة وتحقيق التعاون
بيْن جميع مؤسسات الدولة مِن: "القوات المسلحة - والشرطة - والبرلمان -
والجهاز الإداري - وغيرها..."؛ بما يحقق الاستقرار، ويجنِّبُ البلادَ
الكثيرَ مِن الأخطار.
ولذلك
يُعلن "حزب النور" عن تأييده للرئيس "عبد الفتاح السيسي" لفترةٍ رئاسية
ثانية، ويحثُّ أبناءه وجميع المصريين على المشاركة في الانتخابات، والحرص
على البناء، والحذر مِن السلبية واليأس والإحباط.
حفظ الله مصر وأهلها.
اللهم هيئ لأمتنا أمر رشدٍ، وولِّ أمورنا خيارنا».