أجرى أنتوني هيث، الأستاذ الجامعي المتخصص في شؤون خروج بريطانيا
من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، والدكتورة ليندساي ريتشاردز إحدى الباحثات الرئيسيات
بمركز "المملكة المتحدة في أوروبا متغيرة" للأبحاث، بحثا اجتماعيا للمفاضلة
بين الأبعاد المختلفة لخروج لندن من التكتل الأوروبي تحت عنوان "ما بين الحفاظ
على السيادة البريطانية أو الحفاظ على أواصر التعاون مع الكيان الأوروبي عقب الخروج".
وذكرت الدراسة البحثية أن السيناريوهات المحتملة لما تؤول
إليه شكل العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي عقب "بريكست"، عادة ما
يتم تصنيفها وفق سيناريوهين اثنين؛ هما إما خروج "ناعم" أو خروج "قاس"
من الاتحاد.
وجاء بالدراسة، التي نشرها الباحثان اليوم السبت، على موقع
مركز بحثي يسمى "المملكة المتحدة في أوروبا متغيرة" للأبحاث في بريطانيا،
أن الركائز الأساسية التي يعتمد عليها الخروج "القاسي" تكمن في السيادة والسيطرة،
في حين يرتكز "الخروج الناعم" على الحفاظ على أواصر التعاون وقنوات التجارة
مع التكتل الأوروبي، وأشارت الدراسة إلى أن هذه المفاضلة، هي ما يعيق عادة مسار مفاوضات
"بريكست".
كما أفادت الدراسة، بأن سيناريو خروج بريطانيا "القاسي"
من الاتحاد الأوروبي، يمكن إيجازه في رأي الحزب البريطاني المحافظ - المتشكك من الاتحاد
الأوروبي، والذي تم التعبير عنه على لسان نائبه جاكوب ريس-موج- حين قال "إذا كانت
محكمة العدل الأوروبية لا تزال ذات اختصاص، فهذا يعني أننا لن نترك الاتحاد الأوروبي،
وربما كان هذا الأمر هو الخط الأحمر الأكثر أهمية في ضمان بأن التصويت قد تم تنفيذه."
وأكد على المعنى ذاته، وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون
ووزير الخزانة البريطاني مايكل جوف، حين عبّرا عن أملهما "في أن تصبح بريطانيا
دولة مستقلة تماما وذات حكم ذاتي بحلول الانتخابات القادمة".
من ناحية أخرى، أخبر جيريمي كوربين -زعيم حزب العمال البريطاني-
وأحد أبرز المعارضين السياسيين، الأمم المتحدة: "نحن نريد أن نرى علاقة وطيدة
وتعاونية مع جيراننا الأوروبيين.. علاقة مبنية على التضامن والمصلحة المشتركة وأسس
التجارة العادلة".
في خضم هذا الجدال، حاولت الدراسة البحثية الإجابة على سؤال
مفاده: "كيف يتعامل ويفاضل العامة بين هذين الرأيين؟"، وإذ استخدمت الدراسة
- في محاولتها للإجابة عن السؤال - بيانات تم تجميعها إلكترونيا، في الفترة من 10 يوليو
إلى 2 أغسطس 2017، من قبِل معهد "كنتار بابليك"، وهو معهد بريطاني مستقل
للبحوث السياسية والاجتماعية- وباستخدام البيانات المجمعة، سأل الباحثان عينة من المستجيبين
عما قد يفعلوه إذا وجدوا أنفسهم على طاولة مفاوضات "بريكست"، مع العلم أنه
لم يتم إجبار أفراد العينة على المفاضلة بين خياريّ السوق الموحدة أو السيادة البريطانية.
وباستخدام أسلوب إحصائي هو أسلوب "تحليل العوامل"،
الذي بموجبه يتم تفكيك ظاهرة ما إلى عواملها الأولية، خلصت الدراسة إلى نتيجة اعتبرها
الباحثان "ملفتة للنظر" وهي أن الذي يحدد اختيارات العامة في قضية
"بريكست" عاملين، أولهما عامل أسماه الباحثان "عامل السيادة"،
وهو المرتبط برغبة البعض في الخروج القاسي من الاتحاد "حفاظا على السيادة البريطانية"،
حسب آراء بعض ممن شملتهم الدراسة، المتوافقة آرائهم وآراء جونسون وجوف.
وثانيهما، هو ما أسماه الباحثان "عامل التعاون"،
حيث يرغب البعض في خروج "ناعم" من الاتحاد، حفاظا على أواصر التعاون والتواجد
في السوق الموحدة مع الاتحاد بعد "بريكست"، بحسب آراء البعض الآخر، المتوافقة
آرائهم مع آراء كوربين.
وفي النتائج النهائية، ذكرت الدراسة أن ثمة ارتباطا بواقع
44ر0 بين العاملين، مما يعني وجود علاقة ارتباطية طردية بينهما، كذلك وجود ميل
"معتدل" لدى الناس لإحدى العاملين على حساب العامل الآخر.