رغم سحابات الصيف.. العلاقات المصرية السعودية صداقة أبدية ومودة أزلية (1)
تزامناً مع زيارة ولي العهد السعودي
الأمير محمد بن سلمان إلى مصر، نلقي الضوء على عمق العلاقات المصرية السعودية التي
رصدها التاريخ، والتي تعود قوية فور مرور أي سحابة صيف تشوب العلاقة بين البلدين،
ويعود ذلك إلى قوة الترابط بين مصر والسعودية منذ قديم الأزل، والعمل الدؤوب على
إزالة أي سوء فهم أو خلاف بين الشقيقتين.
كسوة الكعبة منذ عهد شجرة الدر
حرصت مصر منذ عهد شجرة على إيفاد المحمل إلى أراضي الحجاز قرب موسم الحج، والمحمل
هو هودج مزين بالأقمشة الحريرية الملونة عليها آيات قرآنية، يحمله جمل وتوضع في
الهودج كسوة الكعبة محفوظة في صناديق مغلقة، يطوف المحمل في شوارع القاهرة ثلاثة
أيام ثم يتجه إلى الأراضي الحجازية.
حادثة المحمل في "منى"
اتجه المحمل المصري إلى أراضي الحجازية في عهد الملك فؤاد عام 1926 كعادته سنوية، وتزامن
مع أول موسم للحج يتولاه الملك عبد العزيز بعد دخوله الحجاز، واصطحب قائد الحج المصري
الذي يقود الركب بعض من الأطباء المصريين لمعالجة الحجيج، وما إن وصل المحمل إلى
نجد تزفه الطبول والموسيقى النحاسية، حتى قوبل بالاعتراض من علماء نجد والهجوم من
جماعة الإخوان، فما كان من محمود عزمي باشا قائد المحمل إلا أن أمر بإطلاق النار
على جماعة الإخوان ليسقط منهم ما بين خمسة وعشرين إلى أربعين قتيلاً، وضج الحجيج
بالحدث وكادت أن تحدث فتنة بين النجديين والمصريين لولا احتواء الملك عبد العزيز
للأمر بدهاء شديد، وحافظ هو وابنه الأمير سعود على رباطة جأشهما، وقام بتسوية
الأمر وأعاد قائد المحمل برجاله إلى مصر سالمين.
زيارة الأمير سعود للقاء سعد زغلول
اعتبر الملك فؤاد حادث منى تحدياً شخصياً له فأمر
بعدم إرسال المحمل وكسوة الكعبة، كما أوقف صرف واردات الأوقاف العائدة للحرمين
الشريفين .. ولرأب الصدع وصل الأمير سعود بن الملك عبد العزيز إلى مصر في زيارة
استغرقت قرابة الشهر، ومن دواعي الزيارة أيضاً علاج عين الأمير سعود في مصر، وكان
الهدف الرئيسي أيضاً تلطيف الأجواء بين البلدين، وقوبل الأمير سعود بحفاوة بالغة
من الحكومة والشعب المصريين، والتقى الأمير سعود العديد من رجالات مصر وعلى رأسهم
الزعيم سعد زغلول الذي ذهب خصيصاً إلى دار الضيافة التي يقيم بها سعود وقضى معه
عشرين دقيقة يوم الجمعة 12 سبتمبر 1926، ودار الحديث بينهما حول إزالة الشوائب حول
حادث منى لعودة العلاقات مرة أخرى بين البلدين.
أول معاهدة ود وصداقة بين البلدين
مع رحيل الملك فؤاد وتولى الملك فاروق الحكم وقعت حكومة على ماهر أول معاهدة ود
وصداقة بين البلدين في 7 مايو 1936 ، تحسنت على أثرها العلاقات المصرية السعودية،
حيث تولى عبد الرحمن عزام إدارة المفوضية المصرية في جدة وتولى الشيخ فواز السابق
إدارة المفوضية السعودية في القاهرة.
... يتبع