«من المخجل أن يتصل مسئولون أجانب بالشخص الذي يعتبر المسئول الأول عن إرهاب تنظيم الدولة في تركيا، لتقديم التعازى...» هذه التغريدة كلفت صاحبها الصحفى «قدرى جورسيل» وظيفته فى صحيفة «ملييت»التركية، وقالت الصحيفة فى بيان : «لقد أوقفنا تعاوننا مع جورسيل بسبب مواقفه التي تؤثر على بيئة العمل».
الحالة التركية التى يفخر بها الإخوان والتابعون ويطنطنون ، وينعمون فى فنادقها، ويتظاهرون ضد وطنهم فى رحابها، ويطلقون ألسنتهم عقورة من نوافذها تنديدا بالحريات فى مصر، تحت سمع وبصر وتشجيع من الوالى العثمانى أردوجان، حالة شاذة لا تستنفر فى منابر الإخوان عرقا، ولا فى منظمات الصحافة العالمية قلما، ولا تقلق الأخ «روث» بتاع هيومن رايتس ووتش.
الوالى العثمانى يمنع تويتر، يفصل صحفيين، يشكو صحيفة «جمهوريت «للقضاء، يسجن، لايهم، واحنا مالنا، خلينا فى السيسى، هل يجرؤ عقور من هؤلاء أن يدافع عن الحريات التى يدوسها هذا الوالى بتاع رابعة بالحذاء.. جريا على بلاغة القرآن، إنما الفصل والتشريد وقانون سجن الصحفيين رجس من عمل أردوجان فاجتنبوه!!.
هل توجد فعلا مشكلة بين أردوغان والصحفيين؟ لمعرفة ذلك يمكننا أن نسأل عن الصحفيين المحبوسين في تركيا. هم سبعة حتى نهاية ٢٠١٤، وزادوا صحفيا هذا الأسبوع بعد سجن «بولنت كاناش»، رئيس تحرير صحيفة «تودايز زمان» التركية المعارضة ٢١ شهرا، فقط لأنه انتقد الرئيس التركى ووصفه بـ»الرذيل «على تويتر، وتم القبض على كاناش، من مقر الصحيفة فى مدينة اسطنبول فى عملية مذاعة على الهواء مباشرة.
لم نسمع نباح الإخوان على أردوجان، ولن نسمع نحيبا على الحريات، ولم تقبح منظمات حرية الرأى والتعبير فعله أردوجان، فى قلوبهم مرض، والغرض مرض، الحمد لله أن فى وجهنا نظرا، وأكرمنا برئيس منتخب يعاب وينتقد، ويعتذر إذا استوجب الاعتذار، وداخلية تسحب البلاغات توقيا للتصعيد، وحكومة لا تستكبر وتستجيب لطلبات الصحفيين فى شأن قانون الإرهاب، ويجتمع رئيس الوزراء من فوره بالنقيب وأعضاء مجلس النقابة ليروا منافع لهم.
لا أستنكف ابدا الحالة الصحفية المصرية المتوهجة فى رفض المساس بحرية الصحافة، بالعكس نحن فى القلب منها، وفى هذا برهان ودليل على احترام قمة السلطة للصحافة، حريات وصحفيين، ورغم ما يصدر ويؤثر على بيئة العمل من فبركات وأخبار مدسوسة إلا أن الوظائف محفوظة بالقانون، والحريات تجد من يدافع عنها، ونقابة شرسة تطالب بالإفراج عن الصحفيين المحبوسين ( نشرا وإرهابا)، وفى هذا خلط مريب.
أيضا مجتمع صحفى لا يقبل الدنية فى مهنته، وتفهم حكومى باد لبيئة العمل الصحفى، رغم فداحة الأخطاء المهنية الذى لايمارى فيها صحفى محترم، إلا أن الدفاع عن حرية الصحافة حق وأحق أن يتبع.
أختلف بالكلية مع من يعوّل على الحالة الأردوجانية الشاذة باعتبارها نموذجا ومثالا على التعامل مع حرية الرأى مهما شذت، هذا أسوأ نموذج وأحط مثال يتبع، هذا نموذج يجعلنا أن نعتبر للحالة التفاهمية التى باتت عنوانا للمرحلة بين الحكومة المصرية والصحافة ونطمع فى المزيد .
ونرفض بالكلية تصدير هذا النموذج باعتبار «شوفوا أردوجان بيعمل إيه «، لما مسته أو لمسته تغريدة، أو وصفه صحفى بكلمة، واحمدوا ربنا على ما أنتم فيه، الحمد لله، لكن ما نحن فيه ليس منة ولا تفضلا ولا تعطفا ولكنه حق، والحق فى حرية الصحافة حق لنا بدون اهتبال او استهبال او استسهال او استغباء، والتغول على حرية الصحافة بمنطق أردوجان، وافصل، وشرّد، وجرجر على المحاكم، كلها لا تصلح عناوين لنظام يحترم مواطنيه، ورئيس يحترم شعبه، ويعول كثيرا على الصحافة والإعلام مترجيا الرشاد.
تجنب الحالة التركية فى اغتيال الحريات واجب، والكراهية بين أردوجان والصحافة التركية والأجنبية نموذج ومثال فاجتنبوه، وهذه عينة أحصتها «الواشنطن بوست» لخطايا أردو جان فى حق الصحافة.
– «رؤساؤهم معروفون. لسوء الحظ إنها «العاصمة اليهودية» يفسر أردوغان هنا تغطية «نيويورك تايمز» لأخبار تركيا.
- ”الشخص الذي كتب هذه القصة سيدفع ثمناً باهظاً؛ لن أتركه دون عقاب».. كانت تلك رسالة من أردوغان لطاقم تحرير جريدة (Cumhuriyet) بعدما نشرت صوراً تزعم بأن أسلحة وذخائر يتم تهريبها إلى سوريا بواسطة المخابرات التركية. بعد ذلك أفادت تقارير بأن أردوغان قد قام بعمل دعوى قضائية مطالباً بالسجن المؤبد لرئيس تحرير الجريدة «كان دوندار».
- «أعتقد أنك يجب أن تغير مهنتك» هكذا قال أردوغان لتوجبا مازيراركالي، صحفي بجريدة (Zaman) خلال مؤتمر صحفي.
- ”كجريدة، يجب أن تعرفوا حدودكم».. تعقيباً على مقال في نيويورك تايمز باسم ”Dark Clouds Over Turkey – الغيوم السوداء فوق تركيا» التي انتقدت قيادته للدولة.
- ”مخزٍ، لا أخلاقي، خيانة»..كان ذلك وصف أردوغان لمقال لمحرر التايمز «سيلان يجنزو» حول تجنيد المواطنين الأتراك من قبل مسلحي الدولة الإسلامية. ثم لاحقاً وضعت أحد الصحف المؤيدة للحكومة صورة المحرر على صفحتها الأولى.
– “سي إن إن لا تهتم بحرية ونزاهة أو استقلالية الصحافة. هم يتم تعيينهم للعمل كجواسيس».. قال أردوجان ذلك عقب القبض على مراسل سي إن إن ”إيفان واتسن» خلال تغطيته الحية لمظاهرات جيزي بارك بإسطنبول، وحينها قال إن شبكة سي أن إن كانت استفزازية.
– ”لو تلك هي الصحافة، فلتسقط صحافتكم».. هكذا تحدث عن جريدة Milliyet.
– ”متشددة وقحة تتخفى تحت اسم الصحافة»..هكذا وصف أردوجان صحيفة الاقتصاد التركية أمبريان زمان، عقب التعليقات التي قالتها ببرنامج تلفزيوني عن الإسلام في تركيا.
– ”جزء من المؤامرة على دولتها».. في تهمة ضد سيلين جيريت، مذيعة بي بي سي تركيا، بعد شكواها من ترهيب الحكومة.
– ”إنها جريمة استخدام قنبلة، وأيضاً جريمة استخدام مواد يمكن من خلالها صناعة القنبلة».. تعليق أردوجان على احتجاز الصحفي الاستقصائي أحمد سك والاستيلاء على مواد لم ينشرها.
– ”لا يوجد مكان في العالم يسمح بحرية الصحافة كتركيا. أنا واثق تماماً من نفسي عندما أقول ذلك».. قالها الرئيس في يوم حرية الصحافة في تركيا.
ولا تعقيب، سوى العنوان أعلاه..هذا رجس من عمل أردوجان فاجتنبوه!.
كتب : حمدى رزق