... كان أول من صعد للقمر - الكلبة لايكا.. الاتحاد السوفيتي - جارجارين .. أمريكا
كتب : يحيي تادرس
لكن مصر 1959
صعدت إلي القمر واستطاع إسماعيل ياسين أن يعود ومعه إحدي حسناواته..
رحلة إلي القمر «إسماعيل ياسين ورشدي أباظة» 1959
....
كانت رحلة العودة لصمويل بيكر وزوجته - مثيرة حقا - إذ كانا وكأنما لا يرغبان في رؤية وطنهما إنجلترا من جديد لأنهما كانا رغم كل ما صادفاه عاشقين لإفريقيا رغم كل المحبطات والطرائف..
... تضع الطبول التي كانت أصواتها تحمل له نذيرا بقرب هجوم أو صراع بين قبيلتين (وقد استطاع أن يكتب بالتفاصيل عن هذه الأصوات....)
- كان القبليون يصنعون «الأبر» ويخيطون من جلد المآزر التي يرتدونها بمهارة صانعى القفازات الفرنسيين
.....
وقبل وصوله - يحصل علي الميدالية الذهبية للجمعية الجغرافية ولقب «سير»
...
كل هذا لم يغفر له أنه لم يكشف بجلاء سر النهر ومن هنا تقرر الجمعية الجغرافية الملكية إرسال «ليفنجستون» مرة أخري لكشف لغز هذا النهر «العصي»..
...
في نوادي لندن العريقة كانوا يتحدثون بمرارة
.... لقد اكتشف الرحالة العظماء «ماجلان - كريستوفر كولمبس - أمر بجوفسبوتشي والكاتبة كوك كل ملامح العالم الذي كان مجهولا من قبل أن يستطيع جاليليو «1564- 1642» أربعة أقمار «للمشتري» وأنه قد أيد نظرية «كوبر نيكوس» في دوران الأرض حول الشمس - وكان هذا اكتشافا مذهلا قوض نظرية أن الأرض هي مركز ذلك الكون الهائل السحيق..
... وقد حوكم بعد نشر نظريته وأرغم علي إنكار نظريته .. لكنه كما تقول الكتب التي تحكي سيرته الذاتية قال قبل أن يوافيه الأجل..
لكنها تدور
....
إذن لم يعد هناك سوي مجهولين هائلين:
الوجه المضى للقمر
..سر النهر
.. تري لمن تفضي القارة المظلمة المرعبة بسر النهر العنيد .. ولكن .. من هو ليفنجستون - ذلك الرجل الأسطورة والذي تعلقت به الآمال بل والمراهنات بأنه وحده سيكشف لغز النهر؟
....
كان يحيط به دائما - ما جل «العرب» يطلقون عليه الرجل «البركة»
...
كانت إفريقيا .. قد تغلغلت في حياته:
كان يقيم مع الأفارقة - يأكل طعامهم - وينام في أكواخهم- ويشعر بمأساة قوافل العبيد..
إن أغرب داء شهدته فيهم - هو «انكسار القلب»
..
كانت وسيلة للتقرب إلي الله - هي رحلاته في عمق القارة - وكان يتمني أن «يموت» فيها ويدفن بأرضها البكر
....
وكان يطمع في أن تتاح له فرصة القضاء علي تجارة العبيد - التي تتنافي مع كل معتقداته الإنسانية... والدينية
... لم يكن له بيت أو زوجة.. أما عائلته فقد مات ابنه الأكبر في الحرب الأهلية الأمريكية..
ورغم أن مؤلفاته قد درت عليه ما يكفل له حياة مستقرة في موطنه - إلا أنه لم يكن يعبأ مطلقا بثروته.
....
ولم يكتف خلال رحلته بما كتبه أو حققه المكتشفون من قبله - لكنه رجع إلي ما كتبه «هيرودوت» أن النيل ينبثق من عيون بالغة العمق أسفل جبال بالغة الارتفاع في مكان ما - وسط أفريقيا - حيث لا بشر ولا حياة سوي الصمت.. والموت.
وفي البداية يدعو «كيرك» لمصاحبته - لكنه كان يتأهب للزواج - وربما خوفا من صرامة نظام ليفنجستون.
وعين الرحالة «قنصلاً بدون مرتب لدي أواسط إفريقيا!»َ أما نفقات الرحلة - فقد تكفل بمعظمها هو - واصدقاؤه..
.....
1866 - يصل إلي زنجبار
...
وكانت زنجبار قد تغيرت كثيرا - إذ كانت السفن التابعة لكل الدول تقريبا تتردد عليها - للتجارة - خاصة تجارة العبيد «من 000،80 إلي 000،100» سنوياً - ومعظمهم كان يرحل إلي أمريكا، حيث مزارع القطن الهائلة»
أما الحياة فيها:
إنه كان أسلوبا غريباً:
أكل وشرب ونوم ثم نوم وشرب وأكل - إلا في سوق العبيد، حيث يتعرض هؤلاء- لأشد صنوف الفحص - خاصة الفتيات .. بلا أدني خجل أو مراعاة لأنوثتهن..
....
ويعطي السلطان «السيد مجيد بن سعيد» فرمانا إلي الشيوخ داخل القارة وأعاره بيتا كبيرا «لا يزال قائما حتي الآن» وربما كان هذا الكلام لإبعاد ليفنجستون - عن مخازي ما يحدث للعبيد - إذ كان السلطان أكبر المستفيدين من تلك التجارة!
...
ورغم انشغال كيرك بزواجه إلا أنه يلحق بليفنجستون في زنجبار إذ كان له سحر لا يقاوم يجتذب إليه كل من يعرفه أو يعاشره..
ويبقي كيرك في الجزيرة ليتولي أمر «خدمة» بعثة لينفجستون
....
البعثة كانت متواضعة
حوالي ستين فردا إلي جانب طابور طويل من الإبل والبغال والجاموس والحمير.. تبدأ الرحلة كما يصفها كتاب سيرته:
مغامرات لا يكاد العقل يصدقها - وتجوال يبدو وكأنما بلا هدف يمتد لسبع سنوات..
كانت بحثا عن منابع النهر في منطقة لا وجود للنهر فيها..ومحاولة فاشلة للقضاء علي الرق.
... ورغم هذا فحين يصاب بالمرض.. فإن «النخاسين» أي تجار الرقيق - يعتنون به ويساعدونه في تلك الرحلة الغامضة.
اكتشاف منابع النيل - وماذا بعد اكتشافها - هل سيؤدي هذا إلي انتشال القارة من سباتها العميق.
...
وخلال تقدمه - يفقد اسنانه تقريبا ويكاد يموت من الملاريا - ويفقد صندوق أدويته..
كان أشبه بـ «كومة عظام»
.....و..... يرسل إليه «كيرك» إمدادات يتم نهبها في الطريق..
ورغم هذا كله - يمضى - ويرفض تجار العبيد مساعدته - إذ كان من سوء حظهم أن كان الشاهد الوحيد الحي - والأوروبي شديد التدين - لمذبحة رهيبة يرتكبونها للسيطرة علي تلك التجارة البشعة.
...
ويواصل السير دون أدوية ولا إمدادات - ويتجه إلي نهر «لوالابيا» رغم أن هذا النهر هو المجري الرئيسي لنهر «الكونغو» الذي يجري شمالا .. إلي المحيط الأطلسي.
و.. تتوقف الرحلة عند إحدي القري:
حيث يشهد النخاسين - يرتكبون مذبحة هائلة ..
كانت أخباره - قد انقطعت عن العالم ودارت شكوك حول وفاته - لكنه كان يستمر عن طريق التسول من العرب ... «10نوفمبر 1871».
- يصل بعد انقطاع عامين - حيث كان «ستانلي» ينتظره بقافلة هائلة:
.... كانت روحه المعنوية قد بلغت قمة اليأس حين يقبل عليه أحد أفراد قافلته الباقى علي قيد الحياة.
إنجليزي - لقد رأيته:
ويكشف «العلم الأمريكي» عن جنسية قائد البعثة، وكانت أمريكا قد قررت أن تدخل في تلك الاكتشافات بطريقة مثيرة إذ تقرر البحث عن ليفنجستون وإنقاذ حياته :
طرود هائلة من السلع - أحواض استحمام - غلايات - أوعية للطهي .. و.... طعام حقيقي يليق بالملوك.
.....
أما وصف ستانلي:
قال له «سُلم» - أحد أفراد قافلته:
إنني أري الدكتور ياسيدي- ياله من طاعن في السن ...
وشعرت بقلبي يدق بسرعة...
و.... أزحت الحشد - وسرت في طريق بين من تجمعوا ليشهدوا هذا اللقاء - الذي كان طبقا للتوقعات - مستحيلاً..
......
وكانت نصف دائرة من العرب - قد تحلقت حول «الرجل الأبيض ذى اللحية الشهبا.. كان من المفروض أن أجري إليه واعانقه - لولا الكبرياء إذ سرت إليه حتي واجهته وخلعت قبعتي قائلاً:
- أحسبك الدكتور ليفنجستون
- نعم
وهنا أعدت قبعتي فوق رأسي
- الحمد الله أنني عثرت عليك
وأحمد الله أنني هنا - لأرحب بك
....
لم يكن ليفنجستون مجرد رحالة - ولم يكن صيادا للوحوش التي تزخر بها القارة «يذكرني هذا بإحدي مسرحيات فؤاد المهندس وشويكار التي يتقمص فيها دور صياد للوحوش....»
والمثير للدهشة أن «ستانلي» الذي كان له الفضل في إنقاذه لم ينطلق إليه أو يأتى خصيصا من أجله - إذ كانت الظنون أنه قد توفي - أو علي الأرجح لا يزال تائها في مجاهل القارة ..
....
أما لماذا ستانلي وحده - الذي ينال هذا الشرف فله حكاية غريبة حقا - إذ كان صحفيا في جريدة « النيويورك هيرالد» حيث يستدعيه رئيس تحرير الجريدة.
أريدك أن تحضر افتتاح قناة السويس ثم تبدأ رحلة في النيل ترصد فيها كل ما يحتمل من إثارة ويروق للسياح الأمريكيين ... وبعد ذلك إن أمكن تبحث عن ليفنجستون!!
ولكن بالمناسبة.. من هو ستانلي الذي بلغت شهرته الآفاق - بعد هذا اللقاء غير المنتظر؟
... من أصل أيرلندي وجنسية أمريكية
- طفولته البائسة كانت كما وصفها «ديكنز» في رواياته
خاصة «أوليفرتويست»
يخوض الحرب الأهلية الأمريكية مع الجنوبيين أولا ثم ينتقل إلي الشماليين بعد أن تبدو بشائر انتصارهم!
.....
ويقول عنه أحد الأساتذة من المشاهير
ما من رجل مشهور في زمنه ارتفع مثل ارتفاعه
....
أما الرحالة الإيطالي «جاتيانو كاساتي فيقول:
إن ستانلي ممتاز في قوة شخصيته وإرادته الحديدية - لا يلتزم الحكمة دائما ولا تثنيه المصائب أو الصعوبات.
...
وحين يلتقيان:
كان ليفنجستون محتاجا للدواء ولطعام مقبول ولأخبار من العالم الخارجي.
وكان «ستانلي» في حاجة إلي الشهرة الفائقة التي تحيط بليفنجستون خاصة بعد أن يتخلي عنه العالم بأسره
....
أما ذكاؤه - فكان حين يلتقي بكيرك- إذ يقدم نفسه باعتباره مجرد صحفي قادم لإفريقيا بحثا عن موضوع مثير لا أكثر
...
وفي طريق شبه المجهول - يصاب بالملاريا ويشارك في إحدي الحروب «القبلية»
....
وفي اللقاء .. يشتكي ليفنجستون من أن «كيرك» لم يوفد إليه سوي أسوأ الحمالين - ممن كانوا عبيدا أو لصوصا و... يحتفظ «ستانلي» بتلك المعلومة - ذخيرة للمستقبل
...
ويرتاحان معا إلي هذا اللقاء غير المنتظر - ذلك اللقاء الذي كانت ثمرته .. رحلة جديدة حافلة بكل ما هو مثير.
...
عزيزي القارئ
النيل - ذلك المجهول وقت هذه الأحداث - كم كان أكثر إثارة ومتعة لما يحيط به من مغامرات أغرب من كل خيال - ووحشية الإنسان التي تفوق أي حيوان..
وهنا نتساءل:
لمن سيفضي النهر بأسراره
هذا هو السؤال كما يقول شكسبير في إحدي مسرحياته أما الإجابة.. ففي الحلقات القادمة
المراجع: أشهرها النيل الأبيض للكاتب الأمريكي آلان مورهين