بقلم – محمد حبيب
نشرت الصحف يوم الجمعة الماضي خبراً عن ترؤس المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء اجتماعًا، بلجنة العدالة الاجتماعية، لاستعراض تقرير عن تنقية وتحديث بيانات بطاقات التموين، والنتائج التى تم التوصل إليها فى هذه المرحلة، وخلصت المجموعة الوزارية المعنية إلى ضرورة الإسراع بتصحيح بيانات تلك البطاقات، لاستكمال جهود إعداد قاعدة بيانات صحيحة وموحدة، تخدم هدف الوصول إلى منظومة سليمة تضمن وصول الدعم لمستحقيه.
انتهى الخبر ولنا بعض ملاحظات عليه..
أولها: أمر جيد أن تكون هناك لجنة وزارية للعدالة الاجتماعية تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية ووصولها لأكبر عدد من المواطنين، خاصة بعد أن عانى الشعب لعقود طويلة الظلم وسيطرة الاحتكارات واتساع الهوة بين الأثرياء وبين معظم الشعب من الفقراء.
الملاحظة الثانية: ما هى العلاقة بين العدالة الاجتماعية وتنقية البطاقات التموينية وحذف مواطنين منها، وهل حذف بعض غير المستحقين للبطاقات التموينية هو الذي سيحقق العدالة الاجتماعية، وهل من العدالة الاجتماعية زيادة أسعار السلع التموينية ثلاث مرات في عام واحد، وهل ناقشت الحكومة لتحقيق العدالة الاجتماعية أزمة نقص سلع تموينية رئيسية من المقررات التموينية مثل السكر والارز والزيت؟
لماذا يقتصر تفكير الحكومة في أن العدالة الاجتماعية لن تتحقق إلا بحذف مواطنين من البطاقات التموينية أو عدم حصول بعض المواطنين على الخبز مثلما حدث الأسبوع الماضي في بعض المحافظات بعد قرار وزير التموين الجديد على مصيلحي بعدم حصول المواطنين، الذين يمتلكون الكارت الذهبي على الخبز، ثم تراجعه في القرار بعد ثورة هؤلاء المواطنين ضد قرارات الوزير.
الملاحظة الثالثة: تتعلق بفساد بطاقات التموين التى تم اكتشاف قيام الشركة المسئولة عن إصدار هذه البطاقات بضرب ملايين هذه البطاقات والحصول على سلع بمليارات الجنيهات دون وجه حق، وهو ما يزيد فاتورة الدعم وفي النهاية يتم حسابها على الفقراء، وأنهم يحصلون على دعم سلعي يصل لنحو ٤٥ مليار جنيه، بينما الحقيقة أن الفساد هو الذي يلتهم هذا الدعم وليس الفقراء الذي تنظر لهم الحكومة على أنهم عالة!
الملاحظة الرابعة: كنت أتمنى أن تناقش لجنة العدالة الاجتماعية مواجهة بارونات الاحتكارات في الأسواق، وجنون الأسعار، واستهبال التجار والمستوردين والصناع، ووضع هامش ربح على السلع، وزيادة الرقابة على الأسواق، وتوفير سلع بأسعار مخفضة لإحداث التوازن في الأسواق وفرض ضرائب تصاعدية على الأغنياء.
الملاحظة الخامسة: متى تجتمع لجنة العدالة الاجتماعية لمناقشة رفع الحد الأدنى للأجور وزيادة الإعفاء الضريبي عن الموظفين وتوفير فرص عمل لمواجهة طوفان البطالة الذي يضرب المجتمع، فتوفير فرص العمل والقضاء على البطالة في رأيى، هو أهم وأنجع آلية لتحقيق العدالة الاجتماعية، ومتى سيتم فتح المصانع المغلقة والمتعثرة، وما هى جهود الحكومة للقضاء على البيروقراطية أمام جذب الاستثمارات وتعقيدات الحصول على التراخيص اللازمة لإقامة المصانع، ومتى سيتم تطبيق الحد الأدنى لأصحاب المعاشات وتوفير مظلة حماية اجتماعية للضعفاء من الأرامل والأيتام، ومتى سيتم تطبيق قانون التأمين الصحى لإنقاذ المرضي الفقراء .. كل هذه الأمور أليست أولى برعاية لجنة العدالة الاجتماعية من حذف بعض المواطنين من البطاقات التموينية.
بالمناسبة إننى لست ضد حذف غير المستحقين للدعم من البطاقات؛ ولكن هناك أولويات أهم بكثير من ذلك يجب أن تهتم بها وتضعها في اهتماماتها لتحقيق العدالة الاجتماعية التى هى المبدأ الأساسي من مبادئ التعايش السلمي في الدولة، ولكن يبدو أن حكومتنا الميمونة «حافظة مش فاهمة»
عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية..