رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


قال: السيسى اختار الوطن على المنصب السياسى د. سامى عبدالعزيز.. العميد الأسبق لإعلام القاهرة: صعود وهبوط «الرضا الشعبى» مؤشر على النضج السياسى

15-3-2017 | 12:47


حوار: محمد إبراهيم – شريف البرامونى

عندما تجلس بصحبة الدكتور سامى عبدالعزيز، العميد الأسبق لإعلام القاهرة، والخبير الإعلامى الكبير، تجد نفسك تجلس فى صحبة فقيه، وموسوعة إعلامية مُتحركة، فهو يتحدث فى كل شىء يخص الإعلام، وفى جميع القضايا الأخرى المُلحة. وعندما حاورت «المصور» عبد العزيز، حول موضوع الرضا الشعبي، وجدناه يؤكد أن «الإعلام والتعليم وعدم وجود تدريب على المُناقشة والاستماع وأشياء أخرى، كلها مسئولة عن انخفاض الرضا الشعبى لدى المصريين الآن.

«نمُر بأخطر مرحلة فى تاريخ الإعلام.. هى الفوضى الكبرى»، هكذا تحدث «عبدالعزيز»، مضيفًا: أن مصر بحاجة لانتفاضة فى صناعة الإعلام، تبدأ من المعرفة وتمُر وتنتهى بالتدريب.

مؤكدا: «أن الإعلام لم يعرض بشكل حقيقى جوانب شخصية الرئيس عبدالفتاح السيسى كقائد لمجموعة عمل». مراهنًا على أن الوعى يزداد الآن، متفائلًا بالثقة التى نشأت بين الرئيس والشعب، مما يجعل مُهمة جماعات أصحاب المصالح مُستحيلة الآن.

وشن الخبير الإعلامى هجومًا على بعض القنوات الإعلامية التى وصفها بالجهل فى تناولها للأحداث الأخيرة خاصة فيما يتعلق بالقرارات الاقتصادية.. موضوعات أخرى، وتفاصيل أكثر أهمية تستحق المُتابعة فى السطور التالية، فإلى الحوار:

مسألة رضا المواطنين بنظامه السياسى أمر يشغل الإعلام بشكل كبير.. فهل يُمكن قياس رضا الشعب عن أداء الرئيس السيسى؟

مسألة قياس الرضا الشعبى فى مراحل النضج السياسي، وسط غياب مؤشرات هذا النضج، الذى يعد متذبذبًا للغاية بين الصعود والهبوط صعبة، لأنه مُرتبط بالقرارات التى لها علاقة مُباشرة بحياة المواطن اليومية بما يشمل احتياجاته، والأمر لا يتعلق فقط بأداء أو قرارات الرئيس، لكن مُرتبط بأداء وقرارات الدولة من مؤسسات الحكومة ومجلس النواب ورئيس الدولة.. وهنا يجب أن نشير إلى مدى أهمية تلك القرارات وتأثيرها على حياة المواطن، وإذا نظرنا إلى الأوضاع فى مصر فهناك نقطة فى غاية الأهمية والمتمثلة فى التحولات التى طرأت على المواطنين المصريين، فالآن نظرية الرضا بنسبة ٩٩٪ قد ماتت، تم تشيع جنازتها، أو بالأحرى تم إقامة حفل زفاف نودع فيها تلك المفاهيم الخاطئة لمسألة الرضا، ولأن أوضاع الرضا الشعبى أمر شديد الصعوبة يجب هنا أن نشير إلى أهمية التعامل السياسى مع القرارات، ومدى تسويق النظام لقراراته، فنجد على سبيل المثال تذبذب رضا المواطنين على أداء مجلس النواب، وكذلك الحكومة، أضف إلى ذالك المصداقية والجدية فى القرار ومراحل تنفيذه، فتجد أن الشعب يمكن أن يغضب من قرار ما، ثم مُعدل الغضب ينخفض عندما يرى الجدول الزمنى المرتبط بتنفيذ ذلك القرار، ثم يعلو مرة أخرى وينخفض هذا الوضع.. وهنا يجب أن نشير إلى أنه فى بعض الأحيان تتأثر شعبية الرئيس بأداء باقى المؤسسات، خاصة إذا كان الشعب يضع ثقله وثقته فى الرئيس، وهنا تكمن أهمية ما قام به الرئيس السيسي، والذى يُعد من وجهة نظرى العبور الثانى لمصر، فانتصار أكتوبر عام ١٩٧٣ هو العبور الأول، وما قام به السيسى هو العبور الثاني، والسبب فى ذلك عندما نشاهد تراجع الرئيس الراحل محمد أنور السادات عن قراراته الاقتصادية عام ١٩٧٧ كان له آثار بالغة، والذى يُمكن أن نعتبره «كسر شوكة» السادات الشعبية، هذا الرجل بكل عظمته تعرض إلى هذا.. أما الرئيس السيسى كان يحمل أجندة وطن وليس منصبا سياسيا، عندما واجه الشعب بحقيقية الأمور وضرورة الإصلاح من أجل الوطن، وليس من أجل منصب، واستطاع أن يواجه صعوبة هذا القرار والخاص بالإصلاح الاقتصادي، خاصة أن نتائجه مرتبطة بالأجيال القادمة، وآثاره الآنية ضئيلة، والتنازل عن الرضا الشعبى المُرتبط بالعاطفة هو أمر شديد الأهمية، وانصب اهتمام الرئيس السيسى بإصلاح أوضاع هذا الوطن، حتى لو كان ذلك سوف يكون له تأثير سلبى على شعبيته بشكل مؤقت، إلا أنه اختار الوطن على المنصب السياسي.

ومن خلال تخصصى ومُتابعتى للمواقع الإلكترونية المختلفة نجد نمطين، الأول هو مُعبر عن جماعة الإخوان المسلمين والذى يرفض كل ما يحدث فى مصر بشكل قريب من الغباء السياسي، لأنه ينتقد ويرفض طول الوقت، وهذا هو سبب الغباء لأنه حتى العدو لا يُمكن له أن ينقض ويرفض كل شيء، النوع الآخر وهى مواقع تقبل وترفض وتقوم بالتحليل وهذا أمر مقبول جدا، فتلك المواقع انتقدت تحرير سعر صرف العملات الأجنبية، فبرغم من صحة القرار، إلا أنه يُعد صدمة من وجهة نظر البعض على المدى القصير، لكن تجد أن المراكز البحثية العالمية المُتخصصة أشارت إلى أن مصر تسير فى اتجاه الوقوف على قدميها على المستوى الاقتصادي، وسبب ذلك أنه لأول مرة فى مصر تتضح ملامح التوجه الاقتصادي، فسعر الصرف كان فى الماضى يُحدد بقرار إداري، وهو الأمر الذى يعد مُتناقضا مع فكرة التحرر الاقتصادى والسوق المفتوح.

إذن، ما سبب بقاء الأصوات الرافضة لمنظمة الإصلاح الاقتصادى؟

السبب هو أن أوضاع المنظومة لم تكتمل بعد، فلابد من قرارات واضحة نحو فكرة الدعم وطبيعته، لأن الدعم على شاكلته الآن يحتاج المزيد من المُراجعة من أجل زيادته وليس إنقاصه، وكذلك الحاجة إلى المزيد من القرارات الاقتصادية من أجل المزيد من التحرر لإنعاش الاقتصاد المصري، وكذلك مقاومة الفساد الذى يحدث فى مصر الآن، لكن يجب التأكيد على أن مقاومة الفساد ليس فقط من اختصاص الرقابة الإدارية، لكن يتحمل مسئوليتها جميع المواطنين.

من وجهة نظرك.. ما دور الإعلام فى تلك المنظومة الجديدة؟

لا يُمكن لأحد إنكار أنه من حق الإعلام أن ينتقد، لكن عند النظر فى طبيعة تناوله للموضوعات والمساحة سواء الإعلامية أو الزمنية للقضايا التى بها أزمة.. فعلى سبيل المثال المساحة الخاصة بقضية السكان جافة ونادرة، ولا يستخدم الإعلام نفس المفردات التى يستخدمها فى قضايا أخرى من أجل حث المواطن على الاهتمام بتلك القضية، وبالتالى مردود على عدد السكان والخدمات المقدمة له، فالمواطن فى الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال عندما يُطالب بمزيد من الخدمات نظير الضرائب التى يتم تحصيلها منه لأنه على دراية بأن نسبة الضرائب المحصلة بالنسبة لعدد السكان يمكن أن تقدم خدمات أفضل، لكن الوضع يختلف فى مصر فالانفجار السكانى يُضعف من حجم ومساحة الخدمات، ولابد أن يُدرك المواطن ذلك، إلى جانب نمط ومفهوم التعليم فى مصر، فلابد أن يُساهم الإعلام فى تغيير تلك المفاهيم، خاصة مع توجه المواطن تجاه التعليم النظرى فى العديد من الكليات.. فأنا شخصيًا إذا كان القرار فى يدى أصدر قرارا بربط التشغيل بالمهنة أو الحرفة وبتلك الطريقة سوف يتحول نمط التعليم فى مصر.

ونأتى إلى دور البنوك فى عملية التنمية، فمن وجهة نظرى مازال دور البنوك ضعيفا فى تلك القضية، خاصة فى ظل السياسات المُتبعة من البنوك، والتى تزيد من كسل المواطن وعزوفه عن العمل، فنسبة الفائدة على شهادات الادخار والاستثمار والتى تصل إلى حد ٢٠٪ تُساهم فى ذلك الوضع، فالأجدى من ذلك هو أن تقوم البنوك بعرض الشراكة وتمويل المشروعات الصغيرة وتدعمها من أجل تنمية الاقتصاد والمزيد من فرص العمل، فهناك مُبادرة البنك المركزى الخاصة بالمشروعات الصغيرة وتمويل الإسكان، إلا أن البنوك حصلت على الأموال من المركزى من أجل تلك المشروعات، ولم تساهم هى بأموالها فى مثل تلك المشروعات.

وهل لعب الإعلام دور الداعم للقرارات الاقتصادية الجديدة.. وهل يُمكن أن يلعب ذلك فى المستقبل؟

أنا ضد سياسة التعميم فى الحكم على الأمور، فهناك قنوات إعلامية مُتعددة ومُختلفة تناولت القرارات الاقتصادية بالتحليل والنقد، وقدمت ما لها وما عليها، وهناك قنوات يمكن وصفها بالجهل، لكن تلك الأوضاع تشير إلى ضرورة الاحتياج لدورات تثقيفية للإعلاميين المعنيين بالشأن الاقتصادي.. وهناك دراسة حديثة نعمل عليها الآن نجد أن ٧٥ ٪ من المواطنين لا يعرفون معنى الدين الخارجي، و٥٢٪ لا يعرف معنى الدين الداخلي، و٣٥ ٪ لا يعرف معنى التضخم، وهذا الأمر يقع على عاتق الإعلام من الأساس، لذلك نحن نحتاج إلى دورات تثقيفية للإعلاميين لكى يتعرفوا على معنى المصطلحات الاقتصادية وهدفها، وماذا تعني؟، حتى يتم نقلها للمواطنين.

سأتوجه إليك بسؤال كم من الصحفيين والإعلاميين الذين يكتبون فى الاقتصاد لديهم خلفية حقيقية فى الاقتصاد، وإن امتلك القدرة فهل يجيد تبسيط هذه المعلومة؟.. وأجيب، جيمع أساتذة الجامعات فى العالم المتخصصين فى الإعلام يذهبون إلى دورات تدريبية لإجادة فن الإنصات والاستماع، فنحن كمتخصصين وأساتذة جامعات كثيرين الحديث بشكل يومي، ولذلك نواجه أزمة فى ضعف عضلة الأذن فلابد من تقويتها، وهؤلاء متخصصون فى صناعة الإعلام، وكثيرًا ما أتعجب من قدرة الكثير من الإعلاميين على كتابة المقالات بشكل يومي، فمن أين يأتى بالفكرة أو المعلومة الجديدة التى تجعله يمتلك القدرة على الكتابة اليومية.. فأنا لا أدرى من أين تأتى هذه المقدرة؟، إلى جانب أنه ليس شرطًا أن يكون رئيس التحرير فى الصحف الأجنبية صحفيًا أو كاتبا للمقالات، وإذا كتب يكتب لظاهرة يستحق أن يكتب عنها، فنحن فى مصر نواجه ظاهرة ينفرد بها الإعلام المصري، وهى القدرة على صياغة المقالات والتقارير اليومية، وإن امتلك هذه القدرة من أين يحصل على المعلومة اليومية ليتمكن من كتاباته اليومية، هذه الظاهرة غير طبيعية.

وفى رأيى نحن نمر بأخطر مرحلة فى تاريخ الإعلام ويمكن أن نُسميها الفوضى الكبرى، إنما يبقى لدينا التليفزيون وسيلة أساسية للطبقات البسيطة والمتوسطة وهنا تأتى الخطورة، لأننا نواجه ظاهرة المذيع الكشكولى العام فى كل الأمور، وإذا جاء صاحب التخصص يبادره بالأسئلة الهجومية ليفقد الحوار مضمونه، وهنا يأتى التدريب، فالقدرة على السمع والحديث والتفاعل مع الضيف سواء بالاستنكار أو التأييد أيضًا له تدريب، وهذه المفردات غائبة عن الإعلام المصري، ولذلك فالإعلام المصرى فى حاجة إلى ذراعين هما، البحث والتدريب، وبدونهما من الصعب أن يشهد الإعلام تطورًا حقيقيًا.

هل تعتقد أن الإعلام المصرى أثر سلبًا أم إيجابًا على تحقيق الرضا الشعبى لدى المصريين؟

نعم، لكن بدرجات مُتفاوتة، وبحسب طبيعة ونوع القرار، فدرجة التأثر تزيد وتقل، بمعنى أن درجة تأثير الإعلام المصرى فى السياسة الخارجية ضعيفة، ويلاحظ أن الدولة استطاعت فى وقت قصير التأثير على الرأى العام الدولى بشكل جيد، ولوحظ ذلك من خلال تغيير الموقف الألماني، والزيارة الأخيرة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ما انعكس بالإيجاب على السياسة الألمانية، فهل نجح الإعلام المصرى فى إظهار ذلك التحول فى السياسة الألمانية؟، وفى تقديرى أن هذا إنجاز كبير، فهل حاول الإعلام استثمار تلك الزيارة بشكل جيد؟!, وهذا الأمر ليس لتغيير صورة مصر وفقط، لكن لأنه له علاقة وارتباط بين تغيير الصورة الذهنية السياسية للدولة والاستثمار والاقتصاد بشكل عام، لأنه يحقق نوعا من التنافس للإقبال على ضخ استثمارات بمصر بين الدول، إذن هذا تسويق سياسي- اقتصادي، فزيارة دولة كبيرة إلى مصر، تعنى أن هذا البلد لديه فرص للاستثمار الحقيقي، مما يجعل الدول الأخرى تقبل على زيادة استثماراتها لديك في مصر، والمستفيد من ذلك هم المواطنون، كل هذا الأمر يؤكد أنه مصر بحاجة إلى انتفاضة لصناعة الإعلام، تبدأ من المعرفة وتمر بالتدريب وتنتهى بالتدريب.

هناك أمر آخر يجعل بعض الإعلاميين قلقين حين يتناولون بعض الأخبار الإيجابية حيث يتهمون وقتها بالانتماء لتوجه مُعين، وهناك منطق آخر يتم تداوله بين بعض الإعلاميين يؤكد «الجمهور عايز كده»، فى تقديرك.. كيف يتم مواجهة ذلك التوجه؟

هذه المقولة مضللة، ولا تقال إلا فى مصر، وعلى سبيل المثال التليفزيون الفرنسى بقدر ما يقدمه من برامج ترفيهية وجرعات دراما وغيرها، بقدر ما يناقش قضايا جادة، وأيضًا يشيد بإيجابية لما يحدث فى بلاده، وأتذكر حين رأى جاك شيراك انخفاض شعبية ساركوزى حين كان وزيرا للداخلية، أوكل إليه وزارة المالية، عوضًا عن الداخلية، فارتفعت شعبيته مرة أخرى، لأن الإعلام كان موضوعيًا فى تناول وعرض إنجازات ساركوزي.. فالأمر يتعلق بأجندة الإعلام، فهل الإعلامى هُنا يُمثل النظام السياسى أم يُمثل الدولة؟، فالإنجاز ليس بالضرورة أن يُنسب للرئيس، بقدر ما ينسب للدولة، فالأزمة هنا فى شخصنة الأمور سواء كانت إيجابية أو سلبية، وهذه قضية يتعامل معها الإعلام، وعلينا إذن توديع شخصنة الأشياء.

وعلى سبيل المثال بعض المُفردات التى يستخدمها الرئيس السيسي، مثل «إحنا مع بعض.. كلنا كمصريين» وجدتها أعلى مفردات مستخدمة فى جميع حواراته وخطاباته، وهذا دليل لرسالة يؤكد عليها الرئيس دائمًا أنه يرغب فى توجيه خطاب سياسى بعيد عن فكرة الشخصنة، ورغم ذلك لم يستوعب الإعلام هذه الرسالة، ولأنه يعلم أن تجارب الشعوب السابقة لم تكن تنجح لو لم تكن على قلب رجل واحد.

وأزعم أن الرئيس ليس من أصحاب الشخصيات النرجسية، من خلال مُراقبتى أعلم أنه ما أخذ قرارا دون استشارة، وبعض المقربين منه قالوا إن الرئيس لا ينسب لنفسه أى عمل أو إنجاز يحدث، وشخصيًا التقيت بالرئيس مرة واحدة أثناء افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة.. وأشهد أمام الله أنه كان مُنصتًا بشكل غير عادي، وحين يسأل، يكون السؤال بناء وليس هدامًا، ويكون السؤال للمعرفة وطرح البدائل، فنحن فى الإعلام لم نعرض بشكل حقيقى جوانب شخصية الرئيس السيسى كقائد لمجموعة عمل.

البعض يُحمل مستشارى الرئيس هذه المسئولية لعدم تواصلهم بشكل جيد مع القنوات الإعلامية؟

أوافق على ما طرحت بدرجة ما، ولماذا؟، لأن الرئيس كان حريصًا خلال عشرات اللقاءات العديدة بالإعلاميين، ورغم ذلك لم يقدم الإعلام هذه اللقاءات بشكل حقيقى للجمهور، لكن ما تم هو تقديم الرئيس كسبق خبرى، ولم يعرض شخصية الرئيس، فالكل كان حريصا على ذلك ولم يعرض شخصية الرئيس فى قدراته على القيادة الشخصية، ولم يطمئنوا الشعب أنه رئيس يستمع لكل الأصوات والآراء، فتحليلى الشخصى للرئيس، أنه يريد إعلامًا انتقاديًا موضوعيًا لقضايا البلد, إعلامًا جيدًا إعلامًا لا يعتمد على التصفيق. إذن الموضوع الأساسى هو الرضا الشعبى وهو محصلة أداء كل مؤسسات الدولة، لأن الرضا الشعبى لا يرتبط بشخصية الرئيس، إلا إذا أصر الإعلام على شخصنة الأمور سلبًا أو إيجابًا.

وهل الإعلام فى مصر يُصر على شخصنة الأمور سواء بالسلب أو الإيجاب؟

نعم، هذا يحدث بالفعل، وأحزن كثيرًا حين أجد استغاثة تُقدم للرئيس عبر وسائل الإعلام، فهذا يعنى أن هناك خللا ما داخل هذه المؤسسات، يؤكد أن قنوات الاتصال والتواصل مفقودة.. وفى رأيى أصدق صفحات الصحف هى بريد القراء، فهى تحمل هموم المواطنين، ولو تم تحليلها ستعرف مشكلة الاتصال.. فنحن لا نملك فكرة الاتصال المؤسسي.. كما أن فكرة الأحزاب تأتى دائمًا على فكرة الحوار الدائم والاتصال الدائم فيما بينهم، فنحن الآن لا نملك فكرة الأحزاب بالمعنى الحقيقي، فهل من العيب أن يناقش الوزراء الحاليون فكرة فتح حوار مُتصل مع الوزراء السابقين لمُناقشة كافة الموضوعات التى سبقت تولية الوزارة، لكى يُكمل ويستفيد من خبراته السابقة، ولكى يعرف لماذا نجح؟، ولماذا لم يوفق؟، هذا الأمر يعود إلى نظام التعليم.

كيف تُقيم قرارات الوزراء وإدارة الأزمات؟

هُناك خطأ يحدث فى تقديرى خلال تناول الإعلام لبعض القرارات، وهى حين يحدث خلل ما فى بعض القرارات التى يوقعها المسئول، لا يوجه أسهم النقد للمسئول المُباشر، لكن ما يحدث هو توجيه أسهم النقد للرئيس، على الرغم أنه ليس المسئول المُباشر، فالسلطة التنفيذية فى واقع الأمر يرأسها الرئيس، لكن مسئولية القرارات يتحملها الجميع.. فالإعلام لا يلقى الكرة فى ملعب المسئول المباشر عن الخطأ.

وهل هذا يعنى أن تناول مثل هذه الموضوعات فى وسائل الإعلام تؤثر على الرضا الشعبي؟

بدرجة كبيرة نعم، لأن الإعلام يُساهم فى تضخم هذه الصورة، وفى تقديرى أرى أن الوعى الشعبى بدأ يزداد، لأنه بدأ يُلاحظ الفرق بين القرار ومسئولية تنفيذ القرار، والإعلام مطلوب منه أن يلعب هذا الدور، أن يُبين السلطات والحقوق والواجبات، على مستوى الدولة والمواطن.

ولدى سؤال، هل تردى أوضاع النظافة بمصر يعود إلى أداء الأجهزة الرسمية، دون مسئولية المواطن عن ذلك الوضع؟، لا، بل هناك مسئولية مباشرة على الطرفين، فالإعلام هنا يُنافق الرأى العام، بأنه دائمًا ما يبعد عنه المسئولية ويجعله دائمًا الضحية، بينما جزء كبير من قضايا مصر تعود إلى سلوك المواطن.

وفى رأيى أن التعليم هو القضية الرئيسية لهذا البلد، ويجب أن تكون هى الشغل الشاغل لكل الأجهزة فى مصر، الإعلام والتعليم والفن والثقافة، وإن لم يتم ذلك بإعلام مكثف ومدروس ومبدع وبقرارات جريئة ستظل مصر تعاني.

هل تعتقد أنه الرضا الشعبى عن الرئيس سيشهد تطورًا ملحوظًا خلال الفترة القادمة؟

كلما شعر الناس أن الرئيس يأخذ قرارات إصلاحية لا تتلاعب بمشاعرهم وتُصلح المنظومة بشكل عام يزداد الرضا الشعبي.. وكل الدراسات تؤكد أن الشعوب لديها القدرة على التحمل.

وهل أنت متفائل بالمستقل فى ظل التطورات التى تشهدها مصر حاليًا؟

هذا يحدث حينما أجد وطنى ينظر فى المرآة، ويرى وقعها الحقيقى ويتعامل بواقعية وجدية ويبتعد عن الأمور المعسولة، حين يحدث ذلك، لابد أن أتفاءل بالمستقبل.. ولو نظرت إلى الخلف وشهدت آباءنا، ستجد أنهم لم يعدونا بما لا يقدرون عليه، ومع ذلك نحن نحبهم، ودائمًا ما نتذكر أفضالهم علينا.

هل تعتقد أن هناك مجموعات من رجال الأعمال لها مصلحة فى محاربة الرئيس؟

هذا اللوبى وإن كان موجودا حقًا، هو محكوم عليه بالفشل، فنمط العلاقة التى نشأت بين الرئيس والشعب يجعل هذه المهمة مستحيلة ويُصعبها كثيرًا، هذا الشعب لديه حس قوى بالمسئولية، ويعرف جيدًا أن رئيس الدولة يقوم بواجباته.. فنحن فى مصر نمر بأزمة حقيقية والعالم كله يمر بأزمة اقتصادية، ونحن نفتقد الوقفة مع الذات والاستمرارية والتركيز.