في الاحتفال بمئويته.. زايد الخير حكيم العرب
تحتفي دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة اليوم بمئوية الراحل الكبير والزعيم العربي، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
ولد القائد الفذ قبل قرن من الزمن، ورحل في الثاني من نوفمبر 2004. وقد ترك في أثره، دولة فتية عصرية، تضاهي أكبر الدول من حيث تقدمها ورفاهية أبنائها.
كان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيّب الله ثراه" أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتحوّلت الدولة خلال فترة حكمه – التي امتدّت 40 عاماً – من مجرد اتحاد يتكوّن من سبع إمارات، إلى أمة قوية، يتمتّع فيها الفرد بأحد أعلى متوسط دخل الأفراد في العالم العربي، وأصبحت دولة الإمارات في مصاف الدول التي تمتلك أفضل بنية تحتية ونظام اجتماعي معاصر، ولقد كانت وفاة الشيخ زايد يوم 2 نوفمبر 2004 نهاية أحد أهم العهود التي شهدتها دولة الإمارات العربية المتحدة.
حظي الشيخ زايد "رحمه الله" – بصفته رئيساً لدولة الإمارات – بثقة المجتمع الدولي واحترامه، واستطاع أن يجعل من دولة الإمارات أحد أهم اللاعبين العالميين بين الدول الصناعية الحديثة، كما حافظ – بصفته حاكماً للإمارات – على الدور التقليدي الذي يقوم به الأب تجاه أهله وشعبه؛ حيث كان باستطاعة أي مواطن في الدولة الوصول إليه، ليس فقط لمناقشة القضايا المتعلقة بسياسات الدولة، ولكن أيضا لمناقشة أي مسائل شخصية تُطرح عليه، وبذلك استطاع أن يُجسّد صورة رجل الدولة العصري، الذي يتميّز في الوقت ذاته بصفات قائد القبيلة بقيمه البدوية الأصيلة .
ونقش المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مكانة رفيعة في قلوب كل العرب من الخليج إلى المحيط، وسطّر التاريخ مواقفه الأصيلة في الوقوف إلى جانب الأشقاء بأحرف من نور في أزهى صفحاته.
وجد العرب في الشيخ زايد نعم السند والمعين في المحن والملمات على مدى عقود خلت، فامتدت أيادي السخاء والكرم إلى كل محتاج وملهوف في كل بقعة على اتساع القارات، ضمّدت جراح المرضى بمشروعات صحيّة عملاقة، وخفّفت وطأة الفقر، وأغاثت المنكوبين في كل أرض تعالى أنين إنسانها، وأقامت مشروعات التنمية التي تقف اليوم خير دليل وشاهد على عطاء وكرم أصيل.
ويكن المصريون في قلوبهم حبا شديد لهذا الزعيم العربي الفريد فقد كان للشيخ زايد دوراً كبيراً في حرب أكتوبر، فعندما كانت بلاده ناشئة ومحدودة الموارد، تقدم إلى بريطانيا لاقتراض ملايين الجنيهات بإسم بلاده، وذلك لدعم تسليح مصر وسوريا قبل حرب أكتوبر في عام 1973.
بعدها، قام بإيقاف تصدير النفط إلى الغرب كنوع من الضغط للتوقف عن دعم إسرائيل وأطلق مقولته الشهيرة " النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي" ، ثم كان صاحب المساهمة الأكبر في عمليات إعادة إعمار مدن قناة السويس.
ومن القرارات التي أضافت حباً كبيراً لدى المصريين للشيخ زايد رفضه قرار الدول العربية بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل.
وعلى الرغم من أن المصريين أنفسهم كانوا منقسمين على هذا السلام، إلا أنهم احترموا موقفه الذي كان يستند إلى
ضرورة التوصل لحل وسط بين مصر والدول العربية بعيداً عن قرار المقاطعة.
ولم تقف أيادي الخير على محيط أمته، بل جابت قارات العالم الست، وصلت إلى منكوبي الزلازل والفيضانات في إفريقيا وأوروبا، فيما أنقذت أياديه البيضاء مئات الآلاف من العراء ونقص الغذاء أوان الكوارث والملّمات.
لقد حمل الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، هموم العرب والمسلمين على عاتقه، وقارب المتخاصمين، ووفّق بين الفرقاء بحكمته النادرة ورؤيته الشاملة وبصيرته الثاقبة التي ألّف بها قلوب الأشقاء.
إنّ زايد والكرم صنوان، لم يكن لهذا القائد من همّ سوى أمته، وكان ساهراً على قضاياها وأوجاعها، وعاش حياته بكاملها مشغولاً بتنمية إنسانها، ولم يغادر دار الفناء حتى سلّم الراية لبنيه من بعده ليكملوا مسيرة الحب والعطاء .