أعلن وزير الآثار الدكتور خالد العناني هوية التمثال المكتشف حديثا بمنطقة "سوق الخميس" في المطرية، حيث قال إنه يرجع للملك بسماتيك الأول من الأسرة الـ 26 مؤسس عصر النهضة في مصر والذي ظل في الحكم 54 عاما، وذلك بعد أن قام الأثريون بإجراء كافة الدراسات العلمية اللازمة حيث تم الكشف عن 4 علامات هيروغليفية تدل على شخصية التمثال.
وأوضح العناني أن هذا الكشف له قيمة تاريخية مهمة إلى جانب الدور الإيجابي الملحوظ الذي أحدثه في الترويج لمصر في الخارج ولفت أنظار العالم إلى مصر، والتأكيد على عراقة الحضارة المصرية القديمة والتي تبهر العالم يوما بعد يوم.
جاء ذلك خلال الاحتفالية التي نظمتها وزارة الآثار مساء اليوم بحديقة المتحف المصري بالتحرير بمناسبة الكشف الأثري للبعثة المصرية الألمانية بمنطقة "سوق الخميس" بالمطرية، والذي تم نقله أمس إلى المتحف.
وحضر الاحتفالية كل من وزير السياحة يحيى راشد وأمير الدنمارك ولفيف من أعضاء البرلمان وسفراء الدول الأجنبية بالقاهرة وأعضاء البعثة المصرية الألمانية العاملة في منطقة المطرية، ونخبة من الأثريين من مختلف الجامعات والمراكز المتخصصة إلى جانب عدد كبير من وسائل الإعلام العالمية والمحلية.
وأشار وزير الآثار إلى أن المنطقة شهدت استخراج تمثالين ملكيين أحدهما نصفي لسيتي الأول، والذي عثر عليه في جزئين مصنوع من الكوارتزيت ويزن الجزء الأول حوالي 3 أطنان ويتكون من جزء من التاج الملكي والأذن اليمنى وجزء من العين اليمنى، فيما يزن الجزء الثاني "جسد التمثال" حوالي 8 أطنان ونصف الطن، كما تم الكشف عن قطع أثرية عبارة عن بلوكات حجرية تحمل نقوشا عليها اسم الملك رمسيس الثاني، وإحدى الكرانيش الملونة التي ترجع لعصر الملك سيتي الأول.
ومن جانبه، استعرض الدكتور أيمن عشماوي رئيس الجانب المصري من البعثة المصرية الألمانية العاملة بموقع المطرية تاريخ الحفائر بالمنطقة والتي بدأت منذ أكثر من 10 سنوات، مشيرا إلى أنه تم الكشف عن مجموعة من القطع الأثرية بتلك المنطقة منها تمثال للملك رمسيس الثاني معروض بموقع المسلة حاليا، وتمثال للملك سنوسرت الأول ومجموعة تماثيل عملاقة أخرى، لافتا إلى أن أرض سوق الخميس ملك وزارة الأوقاف وخاضعة للآثار وتم تقسيم الموقع على 4 مراحل واستخراج التمثال الضخم كان ضمن المرحلة الرابعة.
وأوضح عشماوي أن أبرز الصعوبات التي واجهت عمل البعثة هى المياه الجوفية، وتم الحفر بالموقع لـ 3 أمتار، وتم اكتشاف أدلة بوجود معبد في المنطقة للملك رمسيس الثاني واتجاه المعبد الذي يرجح أن يكون له امتدادات أخرى في المنطقة.
بدوره، قال الدكتور ديترش راو رئيس الفريق الألماني بالبعثة المصرية الألمانية العاملة بالمطرية، إنه سيتم استكمال الحفائر بمنطقة سوق الخميس، وبسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية للمنطقة لم يكن من الممكن فتح الموقع للزيارة.. لافتا إلى أن رأس التمثال الملكي المكتشف حديثا غير مكسورة حديثا وكانت موجودة بعيدة عن جسم التمثال، وتم استخدام الحفار لتحريك الرأس نظرا لصعوبة مكانها وسط المياه الجوفية.
كما أكد عيسى زيدان مدير عام الترميم الأولى بالمتحف المصري الكبير والمشرف على عملية النقل، أن عملية رفع التمثال كانت تحدى كبير وذلك لطبيعة وجود التمثال داخل تربة طينية، خاصة وان التمثال لم يكون واضحا، فكان لابد من التعرف على التمثال بالكامل لتجنب أي نقطة ضعف في باقي أجزاء التمثال، وتم وضع خطة لشفط المياه، وتم رفع التمثال وتشكيل لجنة هندسية كبيرة للتأكد من سلامة الوضع، وتم تجهيز تربة من الرمل لمنع احتكاك التمثال بعد وضعه على الأرض.
وقال زيدان إنه تم التعامل بحرص شديد وعملية إقلمة لمنع الصدمة البيئية له، حيث تم معالجته في الموقع وتغليفه بأسلوب علمي حديث، حتى تم نقله من المطرية باستخدام أحدث الوسائل العلمية حتى وصل بسلام إلى المتحف المصري بالتحرير.
ومن جانبه، أكد مؤمن عثمان مدير عام الترميم بالمتحف المصري بالتحرير أنه تم التعاون مع فريق عمل من المتحف الكبير في عملية انتشال التمثال ونقله، لافتا إلى أن المرحلة القادمة سيتم تهيئة التمثال للبيئة الموجود بها حاليا، ومن المهم دراسة عملية التكيف البيئي لتلك القطعة خاصة وأنها كانت مغمورة في التربة الطينية، وتم تحليل عينات المياه الجوفية التي كان يوجد بها التمثال، مشيرا إلى أن عملية التهيئة ستستغرق حوالي 3 أشهر.
وكانت وزارة الآثار بالتعاون مع إدارة النقل بالقوات المسلحة قد نجحت فجر اليوم في عملية تحميل ونقل القطع الأثرية المكتشفة بمنطقة "سوق الخميس" بالمطرية للمتحف المصري بالتحرير، والتي استغرقت حوالي 5 ساعات، ومن المقرر أن يقوم فريق عمل من المتحف المصري الكبير والمتحف المصري بالتحرير بإجراء عملية الترميم والصيانة للتمثال الملكي والقطع المكتشفة ومتابعة حالتها أولا بأول قبل نقلها للمتحف المصري الكبير لتدخل ضمن سيناريو العرض المتحفي له عند افتتاحه.