1078 عاما هجريا على تأسيس الجامع الأزهر.. أنشئ بهدف نشر المذهب الشيعي.. تحول لأكبر منارة علمية سنية في العالم.. والعصر المملوكي أزهى وأفضل عصوره.. وكان أبناؤه درعا في وجه الاحتلال
يُقيم
الأزهر الشريف احتفالاً حاشداً، غداً الأربعاء، يحضره فضيلة الإمام الأكبر الدكتور
أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وعدد من كبار العلماء والمسئولين وقيادات الأزهر، وذلك
بمناسبة مرور 1078 عاما هجريا على تأسيس الجامع الأزهر الشريف، والتي توافق السابع
من شهر رمضان المبارك من كل عام.
ومن
المقرر، أن تنعقد على هامش الاحتفال عدداً من الفعاليات تتضمن: حلقات تعريفية بيوم
افتتاح الجامع الأزهر وإقامة أول صلاة جمعة فيه، إضافة إلى جولة سياحية داخل الجامع
الأزهر، وكذلك إقامة ركن خاص بعام القدس 2018، وآخر للمواهب الأزهرية الشابة، وثالث
للأطفال، إضافة إلى حفل إفطار جماعي.
ويعد
الجامع الأزهر من أقدَمِ المساجد التي تمَّ إنشاؤها في مدينة القاهرة (361هـ، 972م)،
ليكون جامعًا وجامعة تدرس فيه مختلف العلوم والمعارف، وقد بلغ عدد العلماء الذين تولَّوا
إمامته منذُ تأسيسه حتى الآن 48 شيخًا.
افتتح
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والرئيس عبد الفتاح السيسي،
وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي عهد المملكة العربية
السعودية، مارس الماضي، أكبر وأوسع عمليات الترميم والتطوير التي شهدها الجامع الأزهر
على مر تاريخه الذي تجاوز الألف عام.
النشأة
والتأسيس
والجامع
الأزهر، هو أهم المساجد في مصر وأشهرها في العالم الإسلامي، وهو جامع وجامعة منذ أكثر
من ألف عام، بالرغم من أنه أنشئ لغرض نشر المذهب الشيعي عندما تم فتح مصر على يد جوهر
الصقلي قائد المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، إلا أنه حاليا يدرس الإسلام
حسب المذهب السني، وبعدما أسس مدينة القاهرة شرع في إنشاء الجامع الأزهر وأتمه وأقيمت
فيه أول صلاة جمعة في 7 رمضان 361 هـ - 972م، فهو بذلك أول جامع أنشئ في مدينة القاهرة
وهو أقدم أثر فاطمي قائم بمصر.
وقد
اختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنا
بفاطمة الزهراء بنت الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - وإشادة بذكراها.
عصر
الازدهار
ويعد
العصر المملوكي من أزهى وأفضل العصور التي عاشها الأزهر الشريف حيث تسابق حكام المماليك
في الاهتمام بالأزهر طلابًا وشيوخًا وعمارةً وتوسعوا في الإنفاق عليه والاهتمام بل
والإضافة إلى بنيته المعمارية.
وأما
في العصر العثماني فقد أبدى سلاطين آل عثمان احتراما كبيرا للمسجد وأهله بالرغم من
مقاومته لهم ووقوفه مع المماليك خلال حربهم مع العثمانيين، إلا أن هذا الاحترام لم
يترجم عمليا في صورة الرعاية والاهتمام بعمارته أو الإنفاق على شيوخه وطلابه
إلا
أن الجامع خلال تلك الفترة قد أصبح المكان الأفضل لدى عموم المصريين والأولى بتلقي
العلوم والتفقه في الدين من خلاله وأصبح مركزا لأكبر تجمع لعلماء مصر كما بدأ في تدريس
بعض علوم الفلسفة والمنطق لأول مرة.
رمز
المقاومة
وخلال
الحملة الفرنسية على مصر، كان الأزهر مركزا للمقاومة وفى رحابه خطط علماؤه لثورة القاهرة
الأولى وتنادوا إليها، وتحملوا ويلاتها وامتهنت حرمته، وفى أعقاب ثورة القاهرة الثانية
تعرض كبار علماء الأزهر لأقسى أنواع التعذيب والألم، وفرضت عليهم الغرامات الفادحة،
وبيعت ممتلكاتهم وحلي زوجاتهم الذهبية استيفاء لها، وعقب مقتل كليبر فجع الأزهر في
بعض طلبته وفي مقدمتهم سليمان الحلبي، وبينما كان الاحتلال الفرنسي يلفظ أنفاسه الأخيرة
حتى صدرت الأوامر باعتقال شيخ الأزهر الشيخ عبد الله الشرقاوي، وهكذا ظلت تخيم أزمة
عدم الثقة بين الأزهر وسلطات الاحتلال الفرنسي حتى آخر أيامه ورحيله عن البلاد.
الأزهر
ومصر الحديثة
وبعد
انسحاب الفرنسيين من البلاد، عيّن محمد علي باشا نفسه والياً على مصر استجابة للشعب،
ويعدّ مؤسس الأسرة العلوية التي حكمت مصر من 1805 إلى عام 1952، وسعى إلى توطيد حكمه
من خلال التقرّب إلى علماء الأزهر، وسار على نهجه أبناؤه وأحفاده، والذي كان آخرهم
الملك فاروق الذي تنازل عن العرش الملكي بسبب ثورة 1952، وفي أعقاب ذلك وفي عام
1961 ووفقاً للقانون الصادر في نفس العام تمّ إعلان قيام جامعة الأزهر رسمياً وإنشاء
العديد من الكليات.
ومن
أشهر العلماء الذين ارتبطت أسماؤهم بالأزهر: ابن خلدون، وابن حجر العسقلاني، والسخاوي،
وابن تغري بردي، والقلقشندي، وغيرهم من العلماء.
ولا
زال الجامع إلى اليوم قائما شامخا تتحدى مآذنه الزمان وتطاول هامات علمائه السحاب،
لا يلين لمعتد، ولا ينحني لمتجبر، صادعا بالحق داعيا إليه ما بقيت جدرانه ومآذنه.