رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


السيد نجم: روايتي "ضجيج الضفادع" ترصد تجليات نهر النيل وأهله على الضفتين

3-6-2018 | 16:37


تقوم فكرة رواية "ضجيج الضفادع" للقاص والروائي د.السيد نجم على نهر النيل من خلال مهندس الري "عبدالوارث المصري" الذي شغله صوت نقيق الصفادع، ومعه يشرد ويتذكر، ليطلعنا عن أساطير المشي فوق الماء وتواريخ ﺇنشاء القناطر والسدود، ومكانة النيل عن المصريين القدماء، وعلاقات البشر حول ضفتي النهر بمياهه، وذلك دون أن يغفل أو يتجاهل ما يقع من أحداث على مجري النيل، فعبد الوارث المصري يبدو الشخصية المحورية، لكنها الشخصية المفعول بها دوما حتى مع تلك الآحداث التي عمت البلاد في عام 2011م. وتنقسم الرواية ﺇلى أربعة أقسام: "أصل الحكاية"، "ماذا يعني الصمت؟"، "ضجيج الصمت"، "مصير نمل النار".

حوار هذه الرواية "ضجيج الضادع" والتي صدرت أخيرا عن دار الأدهم كان هذا الحوار مع د.السيد نجم.

 

** بعد سنوات من نشر روايتك الأخيرة "أشياء عادية في الميدان" صدرت رواية "ضجيج الضفادع"، هل تنوع اﻹبداع واﻹهتمامات الثقافية عندك هي السبب؟

** حصيلة ما نشرته حتى الآن في الرواية تسع روايات.. وفي المجموعات القصصية ست مجموعات، مع العلم أنني نشرت 22 كتابا في أدب الطفل وثلاثة كتب في مجال الثقافة الرقمية، وستة كتب في مجال تنظير أدب المقاومة وبعض تطبيقاته.هذا لا يعني أنني أكتب ما كتبته على حساب الرواية، لأن الرواية معي تكتب في عدة سنوات، يكفيأن أشير إلى رواية أنتظر نشرها قريبا "حكايات طرح النيل" كانت أول كلمة فيها عام 2004، وبالمناسبة منذ أيام قليلة وجدت تلك المسودات وطالعت التواريخ.

وأظن أنني أتعامل مع الكتابة والابداع بعيدًا عن الأجناس الأدبية والسردية، كل توجهي نحو بوصلة مفهوم "المقاومة".. وما أجده مناسبًا ﻹنجاز الطريق نحو البوصلة أنشغل به. وأنت تحديدا تعلم أن مفهوم المقاومة عندي ليس النار والبارود، هو القدوة والمثل عند الطفل، وإزكاء قيم الحرية وتزكية الهوية عند الكبار والصغار. لذلك لا أشعر بالبعد الزمني بين الروايات والمجموعات القصصية، عندي إصدارات أدب الطفل مكملة للهدف الاصلي، باﻹضافة للكتابة في مجال التنظير لأدب المقاومة وحتى في مجال الثقافة الرقمية وقد نشرت فيها ثلاثة كتب.

 

** أشرت إلى رواية أخرى تحت الطبع "حكايات طرح النيل"، كيف تمت تلك المفارقة حيث مضت سنوات بلا نشر روائي ثم في سنة واحدة نتابع نشر الروايتين؟   

** هنا موضوع النشر فيه من المفارقات الكثير، لكن عموما بالنسبة للروايتين.. بدأت "ضجيج الضفادع" بعد الاخرى، وها هي ذي تنشر قبلها؟!وهو بالضبط ما حدث معي عند نشر أول رواية لي "ايام يوسف المنسي" بينما كنت كتبت قبلها "السمان يهاجر شرقا" في بداية الثمانييات من القرن الماضي. لذلك دوما أنصح من يريد التعرف على عمل معين او جنس معين من كتاباتي، أن يطلع على نموذج من كل المجالات التي نشرت فيها، لأنها في مجملها تتجه نحو بوصلة واحدة كما قلت من قبل. وهو ما حرصت عليه مع ثلاث باحثات في الرواية عندي للحصول على درجة الماجستير، ومؤخرًا تحاورني الآن الباحثة "ايمان سيد" المدرس المساعد بجامعة الازهر بالاسكندرية للحصول على درجة الدكتوراه عن مجمل رواياتي ومجموعات القصص القصيرة عندي.

** حدثنا أكثر عن رواية "ضجيج الضقادع" وخصوصا العنوان وعلاقته بالمضمون السردي.

** ببساطة تعبر الفكرة عن تجربة مهندس الري "عبدالوارث المصري" مع نهر النيل طوال حياته، حيث عمل مهندسا للري، فلما أحيل إلى المعاش ظل معلقا بمجرى النهر من خلال ترعة المنصورية التي يسكن فيبيت العائلة القديم مطلا عليها، فتعلق بصوت الضفادع وضجيجها. بمضي الوقت تعلق بالصوت وبحث فيه وحاول التعرف على خصائصه، بل وذكرياته منذ الطفوله في البيت العتيق هذا وحتى الآن، حيث مضت سنوات قليلة على مظاهرات ثورة يناير التي تابعها من خلال شاشة التليفزيون، ومن خلال صراعه ومعاركة ومشاجراته مع ابنائه، الكبير هو الجنرال رامز في الأمن المركزي، والآخر الاعلامي الكبير، والثالث طالب كلية الحقوق.. ولولا تدخل "جميلة" لأصبح الصراع بين الجميع معارك تتعدى الأصوات الزاعقة والألفاظ الجارحة أحيانا.

 

** كيف بدت العلاقة بين "عبدالوارث المصري" مهندس الري وصوت الضفادع، يبدو وكأن العنوان يتضمن معاني رمزية تريد الاحتفاظ؟

** أرجو هذا، فقد شغله صوت نقيق الصفادع! ومعه يشرد ويتذكر، ليطلعنا عن عوالم لم نكن لنعرفها لولا أنه قدمها لنا بفنية ودون إفتعال أو إقحام.. حدثنا عن أساطير المشي فوق الماء، للمتصوفة المشاهير وبعض الصحابة.. وتناول تواريخ ﺇنشاء القناطر والسدود، ووصف بعضها وسرد أهم خصائصها، كما لم يغفل مكانة النيل عن المصريين القدماء، حتى أنه وجد علاقة بين عروس النيل وتلك الفتاة الفقيرة اليتيمة التي أحبته واحبها في سنيين باكورة الشباب، ثم انتحرت ، القت بجسدها في النيل كما عروس النيل.

 

** الغلاف يحمل صورة سيدة سمراء البشرة، لافتة وجميلة ولكن ما علاقتها بالنص الذي يرصد الكثير عن نهر النيل؟

** نعم، هي الطفلة "جميلة"، التي القت به أمها إلى السيدة العجوز فوق  المركب الذي سيبحر حالا إلى مدينة أسوان من بلاد النوبة، وعندما سلمتها الأم أخبرت العجوز أنها لن تترك الأرض حتى بعد أن تغرقها مياه السد العالي الجاري تشييده، وهاهي مع زوجها أبو جميله في اﻹنتظار وسط قبور النوبة.وقتها كان "المصري" يمارس عمله في بداية حياته العملية، وهناك كلفه مأمون مركز الشرطة بتبني تلك الطفلة اليتيمة الصامته، والمأمور هو من أطلق عليها اسمها.

كبرت تلك الصغيرة الهادئة إلى حد الوداعة والصامتة إلى حد الخرس، والصابرة إلى حد أن تحملت كل مساوئ المهندس وزوحته والاولاد حتى بعد أن كبروا.. الفارق أنها تولت كل المهمة بعد موت الام وزوجة المصري وحتى الآن.

 

** الآن بدت لي الشخصية المحورية "جميلة" وليس المهندس "عبدالوارق المصري"؟

** الحقيقة لم أعمد تقديم شخصية عن أخرى، ولست ممن يحرصون على فكرة الشخصية المحورية، كل الشخصيات ـ على الاقل فى تلك الرواية ـ تبدو الشخصية المحورة بدرجة ما، ولكن المفعول بها دوما.. وهو ما تجلى واضحا أثناء يناير عام 2011م.

 

** عادة رواياتك لا تشييد على فكرة الزمن المستقيم، وغالبا تستخدم التقطع والاسترجاع وغيره من فنون السينما، كيف قدمت روايتك "ضجيج الضفادع"؟

** تنقسم الرواية ﺇلى أربعة أقسام، "أصل الحكاية"..  يعرض تفاصيل "عبدالوارث" و"جميلة" النوبية..  من خلال طفولته.. وبيان مكانة النيل عنده وعند المصريين "مصر هبة النيل" أو هو "نهر السماء".. ثم مبكرا نعلم بشكل مقاومة "هانم" زوجته لمرض السرطان ولكنها تهزم.. أما الأبناء؛ "رامز" أصبح جنرالا في الشرطة.. و"علام" صحفيا، منذ طفولته ﺇنتهازيا.. ثم "عصام" المتمرد وليس الثوري.

القسم التالي "ماذا يعني الصمت؟".. يتناول بيان هجمة الأحفاد والزوجتين وﺇحتلوا البيت، حتى لم يجد عبدالوارث فيه مكانا للراحة هو وجميلة! ولم يعد له فيه ﺇلا الساحة الخلفية أمام مياه المنصورية ونقيق أو ضجيجها.. بينما ﺇنشغل الجنرال والاعلامي وعصام بتفاصيل الميدان. ثم القسم الثالث "ضجيج الصمت".. ذروة ضجيج أحداث ميدان التحرير، وأفاعيل الأولاد في دار عبدالوارث؟.. وكان هتاف "تحيا مصر"، وهو ما ﺇستقبله كل فرد في العائلة بالمعنى الذي يظنه، ولا يخلو من النفعية.. فيشير عصام ﺇلى سابق خبرته السيئة مع الشرطة وخرج لينتقم.. وعلام ما عاد يكتب سوى عما قاله من قبل، كأن ما حدث كان من جراء كلماته! والجنرال الذي تصرف وكأنه القانون وليس من ينفذ القانون.. بينما بدا ضجيج الصمت مع عبدالوارث وجميلة في تلك المعاناة من أحفاده.

أما القسم الاخير "مصير نمل النار".. الجنرال أحيل للتقاعد.. عصام يحاول ﺇقناع الأب بان يتزوج في البيت العتيق، وهو ما يرفضه عبدالوارث.. الأب زاد تعلقه بوحدته يتأمل مياه ترعة المنصورية ويتذكر المزيد من أصحاب الكرمات؛ هؤلاء الذين يسيرون فوق المياه في انتظار التحرر من جيش الهكسوس، وأفاعيل أولاده.

 

** لاحظت أنك واجهت القارئ عمدًا بصفحة تحت عنوان "خاتمة"، ماذا تقصد من روائها؟

** نعم الخاتمة، جاءت حيث يخاطب الروائي/ الراوي القارئ متسائلا عن حقيقة كل ما سرده من قبل؟!.

 

** قليلة هي روايات التي تجعل نهر النيل موضوعا لها، كما أن مياه النيل مهددة بشكل ما الآن، سواء بسبب التلوث أو اﻹهدار منها وغيره.. هل تلك التهديدات هي التي دفعتك للكتابة عن لنيل؟

** كما قلت أنا عادة أكتب لفترات طويلة، وهو ما حدث مع تلك الرواية، ولكن أكيد موضوع مهددات مياة التيل موضوع قديم على كل حال.

 

يذكر أن د.السيد نجم قد تم تكريمه أخيرا  من خلال برنامج الأدباء المقاتلين عن إجمالي ما قدمه من كتابات عن تجربة حرب أكتوبر 1973 هو ما يعبر عن تجربته حيث خاض تلك الحرب وتجربة جيله كله.. وقد جاءت كتاباته على شكلين: الأول الابداع الروائي والقصصي والثاني التنظير في مصطلحات أدب المقاومة وأدب الحرب..وهي كما يلي:أولاإصدارات في الرواية والقصة القصيرة:"أوراق مقاتل قديم"-مجموعة قصص قصيرة ـ "السمان يهاجر شرقا"- رواية-  "عودة العجوز إلى البحر"- مجموعة قصص قصيرة ـ "يا بهية وخبريني"- ثلاث روايات قصيرة. ثانيا: إصدارات في أدب الطفل: "المباراة المثيرة"- مجموعة قصص-  "الأمومة في عالم الحيوان" – تبسيط علوم-  "الأشبال على أرض الأبطال"- قصة طويلة-  "حكايات أبطال أكتوبر"-  "شامخ البطل الصغير".  ثالثا- كتب دراسات أدبية في "أدب المقاومة":"الحرب:الفكرة- التجربة- الإبداع"- "المقاومة والحرب في الرواية العربية"-  "الطفل والحرب في الأدب العبري" - "أدب المقاومة.. مفاهيم وقضايا"