مفتي الجمهورية: القياس ضرورة شرعية لمعرفة الحكم الشرعي في كل ما يستجد من نوازل ووقائع.. والنصوص قطعية الدلالة لا تحتمل الاجتهاد لأن معانيها واضحة.. والعقل الفقهي منفتح على كل القضايا المتغيرة
الدكتور شوقي
علام:
-النبي صلى الله
عليه وسلم ترك للصحابة الكرام مساحة للاجتهاد ودرَّبهم تدريبًا عمليًّا عليه
- الاجتهاد الشرعي
ضروري للتعامل مع الواقع الجديد والمتغيرات وإنزال النصوص على مستجدات كل عصر
- الاستناد للمذهبية
ضروري نظرًا لندرة المجتهد المطلق مع مرور الأزمان
أكد الدكتور شوقي علام، مفتي
الجمهورية، أن للمذاهب الفقهية دورًا بارزًا في تطوير الاجتهاد الشرعي للتعامل مع الواقع
الجديد والمتغيرات وإنزال النصوص الشرعية على الواقع المعيشي المتجدد.
جاء ذلك في الحوار اليومي الرمضاني
في برنامج "مع المفتي" المُذاع على "قناة الناس" الذي يقدِّمه
الإعلامي شريف فؤاد، مضيفًا فضيلته أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اجتهد في بعض
الأمور التي لم ينزل فيها نص قطعي واجتهد في أخرى لحين نزول الوحي الشريف مصححًا أو
مؤيدًا، وكان أغلبها مؤيدًا لاجتهاده، وكان اجتهاده عليه السلام بحضرة الصحابة لتكون
سنَّة حسنة لعلماء الأمة من بعده، وكذلك ترك عليه السلام للصحابة الكرام رضوان الله
عليهم مساحة للاجتهاد ودرَّبهم تدريبًا عمليًّا على الاجتهاد حتى يستطيعوا مواجهة الحياة
وتغيراتها من بعده، وكان ذلك جليًّا في قصة معاذ بن جبل عندما أراد النبي صلى الله
عليه وآله وسلم أن يرسله إلى اليمن فقال له: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب
الله. قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو.
فضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله
لما يرضي رسول الله.
وأضاف مفتي الجمهورية، أن العقل
الفقهي عقل منفتح على كل القضايا، مؤكدًا أننا مطالبون بالاجتهاد لنضع علاجًا لكل مشكلة
تقع وفق تطور المجتمعات والإنسان لتكون ملائمة للواقع وللشخصيات لأن العصر الحديث أبرز
العديد من المسائل التي تحتاج إلى حلول لم تكن موجودة نصًّا في القرآن أو السنة أو
في اجتهادات من سبقونا كالتلقيح الصناعي أو عقد التمويل وغيرهما.
ولفت "علام" النظر
إلى أن النصوص القطعية الدلالة لا تحتمل الاجتهاد لأن معانيها وتفاصيلها واضحة لا لبس
فيها ولا تحمل معنًى آخر مثل الآيات أو الأحاديث الثابتة قطعًا وفِي الوقت تكون قطعية
الدلالة، أما الاجتهاد فيكون في الأمور الظنية الدلالة.
وأشار مفتي الجمهورية، إلى
أهمية القياس لضرورة معرفة الحكم الشرعي في كل ما يستجد من نوازل ووقائع؛ إذ إنه لا
يمكن أن تخلو واقعة من حكم لله تعالى فيها، موضحًا أن مرجع القياس التفقه والمعرفة
العميقة لأسرار الشريعة ومقاصدها وعلل أحكامها، كتحريم كل ما يسكر أو يُذْهِب العقل
قياسًا على الخمر؛ فالأصل هنا هو صفة الخمر وليس المسمى، فالعلة هي الإسكار والضرر
الذي حُرِّمت لأجله الخمر.
وأكد "علام" على
أن المحافظة على النفس من المقاصد المهمة للشريعة وأنه إذا تعارضت المصالح والمفاسد؛
فإن من المقرر في قواعد الفقه أن درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح، وإذا كان هناك
تعارض بين المصالح وُفِّق بينها، وإلا قدِّم أعلاها على حساب أدناها.
واختتم حواره بالتأكيد على
أهمية المذهبية نظرًا لندرة المجتهد المطلق مع مرور الأزمان، ومن ثم ظهور الحاجة إلى
ما يسمى بالتخريج على مذهب المجتهد، أو الاجتهاد في مذهب إمام بعينه بإلحاق الفروع
المستحدثة بالأصول المنصوص عليها في الشريعة، والتوصل لأحكام النوازل من خلال القواعد
والأصول التي أسسها أئمة الاجتهاد لفهم أحكام الشريعة وعللها ومقاصدها.