بالصور.. بعد أزمة مهاجمة المنتخب.. ايه اللي اتغير في أخلاقنا.. شاهد مصر زمان
الجمال لا يصنعه قبيحاً .. ومنذ فجر
التاريخ عرف عن المصريون إبداعهم وصنعهم للجمال، ولن نحتاج دليلاً أقوى من إبداعات
قدماء المصريين والفراعنة، فما صممته عقولهم وصنعته أيديهم مازال حتى الآن سفيراً
لهم ويتمثل في المعابد والأهرامات والآثار الفرعونية بعظمتها وما حوته من رسوم
وألوان حار العلماء في تفسيرها وروعتها وسر بقاءها.
بزغ فجر التقدم والعمران في مصر وقت أن كان الليل يعم الدنيا جميعها، وبلا شك كان
ذلك الإبداع المصري نتاج تفكير وتخطيط ورقي في الفكر والأخلاقيات ، ولن نسرد حكاية
الفلاح المصري الفصيح الذي استعذب الحاكم أسلوبه وكلماته ورقي شكواه، فلم يلب له
رغباته لأنه يستمتع بجميل مفرداته وأسلوبه المهذب البديع في الشكوى والتعبير عما
ألحق به من أضرار.
إذن قال التاريخ كلمته وسجل أن المصريون صناع الحضارة سواء فرعونية أو إسلامية
وبرعوا في فنون العمارة التي تدل على جمال طبائعهم ورقي أخلاقهم، ومازالت تلك
الفنون قائمة تشهد بعظمة الماضي، كما مر المصريون أيضاً بعصر من النهضة، ذلك الذي
أفرز كبار العلماء والأدباء ونجوم الفن والغناء ، وأسمائهم وأعمالهم تعد اليوم
أبحاثاً ومراجع يستمد منها الجميع ما يحتاجون .
ومن الطبيعي أن يحل الليل بعد النهار .. وقد طال الليل على المصريون وغابت عنهم
الكثير من الجماليات في ظلام هذا الليل الذي نعيشه الآن ، فلم تعد نتحلى بأخلاق
الماضي القريب، وتلاشت عن الكثير منا العديد من القيم والعادات النبيلة ، فلم تعد
هناك رأفة بمخطئ يحتاج التصويب، ووصلنا إلى عصر لم يعرفه المصريون من قبل.
رياضياً شاركت مصر في قرابة خمس عشرة دورة أولمبية .. وكان لمصر شرف تمثيل قارتي
أفريقيا وآسيا فيها، أي كنا الدولة الوحيدة التي بزغ فيها فجر الرياضة الحديثة
وأثبتنا لأوربا أن مصر لا تقل عنهم براعة .. ومن الطبيعى أن نفوز على بعض الفرق
وأن نخفق أمام الأخرى ، وخلال تلك الدورات لم تعلق المشانق للمنتخب المصري عند
إخفاقه ، بل كانت دروساً يستفاد منها بعد تحديد السلبيات وإظهار الإيجابيات.
تحلى الشعب المصري قديماً بالأخلاق
الراقية في جميع النواحي المعيشية، سواء في الشارع أو المدرسة أو النوادي، وعرف
عنهم الأناقة في الملبس والمعيشة، وذلك ما رصدته أفلام الزمن الجميل التي صورت
حياتهم وأفراحهم ومدارسهم وجامعاتهم وتكاتفتهم ومودتهم .. وذلك ما نفتقده الآن،
فقد تغيرت صورة المصريون خصوصاً فئة الشباب، حيث تتخذ جماعة كبيرة منهم القبح
بديلاً للجمال، فلا يعقل أن تكون الملابس الممزقة التي يرتديها الشباب من الأناقة
أو الجماليات، كذلك السلوكيات التي نتجت عن الفجوة الأخلاقية بعد ثورة يناير، فقد
انهارت وقتها القيم ومازلنا فيها ، بل وتساعد كثير من الفنون على ذلك، ومنها
السينما التي تدعو للعنف وأيضاً الغناء المتردي وهما لا يمتان للفن بصلة.
بعد النتائج منتخب المصري الكروي نصب المصريون أنفسهم حكاماً وقضاة،
وتعالت النداءات التي تطالب بأقصى العقوبة على الفنانين المشجعين واللاعبين، نعم
.. من حق الجميع أن ينتقد وذلك حباً لمصر، ولكن ألا تصل الإنتقادات إلى حد القذف
والسب في حق الغير .. وعلى كل منتفد أو سباب أن يحاسب نفسه أولاً، ماذا حققت أنت
لمصر، ماهو الإبداع الذي قدمته في عملك حتى تبدأ في حساب الآخرين؟
إن كنا هوينا في انحدار كروي مؤقت فقد تأكد لنا أن هناك انحدارا أخلاقيا تمثل في
شتائم وسباب لمنتخب مصر، فهذه ليست أخلاق المصريين .. وهناك انهيار في كثير مما
تقدمه الفضائيات سواء برامج أو مسلسلات وإعلانات .. نسيتم أنكم صناع الجمال .. نسيتم
أنكم صناع الحضارة .. نسيتم أنكم أصحاب الإبداع في الكلمة والصورة والألحان ؟ .. نتمنى
أن يذهب ذلك الليل الكئيب ويعود للمصريون جمال أخلاقهم ورقي طباعهم .