قائد الدفاع الجوي يكشف في حواره الأول لـ «الهلال اليوم» سر اختيار 30 يونيو عيدا لسلاحه العسكري
قال الفريق علي فهمي محمد قائد الدفاع الجوي، إن منظومة الدفاع الجوى تتكون من عدة عناصر استطلاع وإنذار وعناصر إيجابية تمكن القادة من اتخاذ الإجراءات التي تهدف إلى حرمان العدو من تنفيذ مهامه أو تدميره بوسائل دفاع جوى تنتشر فى كافة ربوع الدولة فى مواقع ثابتة وبعضها يكون متحركاً طبقاً لطبيعة الأهداف الحيوية والتجميعات المطلوب توفير الدفاع الجوي عنها.
وأكد في حواره لبوابة «الهلال اليوم»، إن مهام الدفاع الجوي تتطلب اشتراك أنظمة متنوعة لتكوين منظومة متكاملة تشمل أجهزة رادار مختلفة المدى، تقوم بأعمال الكشف والإنذار، إضافة إلى عناصر المراقبة الجوية وعناصر من صواريخ متنوعة والمدفعية م ط والصواريخ المحمولة على الكتف والمقاتلات وعناصر الحرب الإلكترونية، حيث تتم السيطرة على منظومة الدفاع الجوى بواسطة نظام متكامل من خلال مراكز قيادة وسيطرة على مختلف المستويات فى تعاون وثيق مع القوات الجوية والحرب الإلكترونية بهدف الضغط المستمر على العدو، وإفشال هدفه فى تحقيق مهامه وتكبيده أكبر نسبة خسائر ممكنة.
وإلى نص الحوار:
ماهي أسباب اختيار الثلاثين من شهر يونيو كعيد تحتفل به قوات الدفاع الجوى كل عام؟
صدر القرار الجمهورى رقم (199) الصادر فى الأول من فبراير 1968 بإنشاء قوات الدفاع الجوى لتمثل القوة الرابعة فى قواتنا المسلحة الباسلة وتحت ضغط هجمات العدو الجوى المتواصل بأحدث الطائرات ( فانتوم ، سكاى هوك) ذات الإمكانيات العالية مقارنة بوسائل الدفاع الجوي المتيسرة فى ذلك الوقت وتم إنشاء حائط الصواريخ.
ومن خلال التدريب الواقعى فى ظروف المعارك الحقيقية خلال حرب الاستنزاف، تمكنت قوات الدفاع الجوى خلال الأسبوع الأول من شهر يوليو عام 1970 من إسقاط العديد من الطائرات طراز «فانتوم ، سكاى هوك»، وأسر العديد من الطيارين الإسرائيليين.
وكانت هذه أول مرة تسقط فيها طائرة فانتوم، وأطلق عليه أسبوع تساقط الفانتوم، وتوالت انتصارات رجال الدفاع الجوي، ويعتبر يوم الثلاثين من يونيو عام1970 هو البداية الحقيقية لاسترداد الكرامة بإقامة حائط الصواريخ الذى منع طائرات العدو من الاقتراب من سماء الجبهة، فاتخذت قوات الدفاع الجوى هذا اليوم عيداً لها.
يتردد في احتفالات الدفاع الجوى كلمة «حائط الصواريخ)».. فماذا تعني هذه الكلمة؟
حائط الصواريخ هو تجميع قتالي متنوع من الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات في أنساق متتالية داخل مواقع ودشم محصنة قادر على صد وتدمير الطائرات المعادية في إطار توفير الدفاع الجوى عن التجميع الرئيسى للتشكيلات البرية والأهداف الحيوية والقواعد الجوية والمطارات غرب القناة مع القدرة على تحقيق إمتداد لمناطق التدمير لمسافة لا تقل عن (15) كم شرق القناة.
وكيف تم إنشاء هذا الحائط ؟
هذه المواقع تم إنشاؤها وتحصينها تمهيداً لإدخال الصواريخ المضادة للطائرات بها، وتم بناء هذا الحائط فى ظروف بالغة الصعوبة، حيث كان الصراع بين الذراع الطولى لإسرائيل المتمثل فى قواتها الجوية وبين رجال القوات المسلحة المصرية بالتعاون مع شركات الإنشاءات المدنية فى ظل توفير دفاع جوى عن هذه المواقع بالمدفعية المضادة للطائرات، وذلك لمنع إنشاء هذه التحصينات، ورغم التضحيات العظيمة التى تحملها رجال المدفعية المضادة للطائرات، كان العدو ينجح فى معظم الأحيان في إصابة أو هدم ما تم تشييده، وقام رجال الدفاع الجوى بالدارسة والتخطيط والعمل المستمر وإنجاز هذه المهمة، وكان الاتفاق أن يتم بناء حائط الصواريخ باتباع أحد خيارين.
وما هما هذان الخياران؟
الخيار الأول : القفز بكتائب حائط الصواريخ دفعة واحدة للأمام واحتلال مواقع ميدانية متقدمة دون تحصينات، وقبول الخسائر المتوقعة لحين إتمام إنشاء التحصينات.
الخيار الثاني: الوصول بكتائب حائط الصواريخ إلى منطقة القناة وأطلق عليها «أسلوب الزحف البطئ»، وذلك بأن يتم إنشاء تحصينات كل نطاق واحتلاله تحت حماية النطاق الخلفى له، وهكذا هو ما استقر الرأى عليه.
وفعلاً تم إنشاء مواقع النطاق الأول شرق القاهرة وتم احتلالها دون أى رد فعل من العدو، وتم التخطيط لاحتلال ثلاثة نطاقات جديدة تمتد من منتصف المسافة بين غرب القناة والقاهرة، وتم تنفيذ هذه الأعمال بنجاح تام فى تناسق كامل وبدقة عالية جسدت بطولات وتضحيات رجال الدفاع الجوى.
وكانت ملحمة وعطاء لهؤلاء الرجال فى الصبر والتصميم والتحدى، وعلى إثر ذلك لم يجرؤ العدو الجوى على الاقتراب من قناة السويس، فكانت البداية الحقيقية للفتح والإعداد والتجهيز لخوض حرب التحرير بحرية كاملة وبدون تدخل العدو الجوى.
كيف قمتم بتحطيم أسطورة الذراع الطولى لإسرائيل فى حرب أكتوبر ١٩٧٣؟
إن الحديث عن حرب أكتوبر 73 لا ينتهى، وإذا أردنا أن نسرد ونسجل الأحداث كلها فسوف يتطلب ذلك العديد من الكتب حتى تحوي كافة الحكايات، ويجب أولاً معرفة موقف القوات الجوية الإسرائيلية وما وصلت إليه من كفاءة قتالية عالية وتسليح حديث متطور، حيث بدأ مبكراً التخطيط لتنظيم وتسليح القوات الجوية الإسرائيلية، حيث قامت إسرائيل بتسليح هذه القوات بأحدث ما وصلت إليه السلاح، وذلك بشراء طائرات ميراج من فرنسا.
وتعاقدت مع الولايات المتحدة على شراء الطائرات الفانتوم وسكاى هوك حتى وصل عدد الطائرات قبل عام 1973 إلى (600) طائرة أنواع مختلفة، حيث توفر الوقت والإمكانيات للقوات الجوية الإسرائيلية للإعداد والتجهيز عقب حرب عام 56 وتحقيق انتصار زائف فى عام 1967 والإمداد بأعداد كبيرة من الطائرات الحديثة.
وخلال حرب الاستنزاف كان على قوات الدفاع الجوي التصدي لهذه الطائرات، وقام رجال الدفاع الجوى بتحقيق ملحمة فى الصمود والتحدى والبطولة والفداء، وقاموا باستكمال إنشاء حائط الصواريخ عام 1970 تحت ضغط هجمات العدو المستمرة.
وخلال خمسة أشهر هي إبريل ، مايو ، يونيو ، يوليو ،أغسطس عام 1970، استطاعت كتائب الصواريخ المضادة للطائرات من إسقاط وتدمير أكثر من (12) طائرة فانتوم وسكاى هوك وميراج، مما أجبر إسرائيل على قبول مبادرة روجررز لوقف إطلاق النار اعتباراً من صباح 8 أغسطس 1970 .
وماذا عن استعداد مصر لهذا الأمر؟
بدأ رجال الدفاع الجوى فى الإعداد والتجهيز لحرب التحرير واستعادة الأرض والكرامة، وتم وصول عدد من وحدات الصواريخ الحديثة سام 3 «البتشورا»، وانضمامها لمنظومات الدفاع الجوى بنهاية عام 1970.
وخلال فترة وقف إطلاق النار نجحت قوات الدفاع الجوى فى حرمان العدو من استطلاع قواتنا غرب القناة، وذلك بإسقاط طائرة الاستطلاع الإلكتروني «الإستراتوكروزار» صباح يوم 17 سبتمبر 1971، وإدخال منظومات حديثة من الصواريخ (سام-6 ) استعداداً لحرب التحرير.
وكانت مهمة قوات الدفاع الجوى بالغة الصعوبة لأن مسرح العمليات لا يقتصر فقط على جبهة قناة السويس، بل يشمل أرض مصر كلها بما فيها من أهداف حيوية سياسية وإقتصادية وقواعد جوية ومطارات وقواعد بحرية وموانئ إستراتيجية.
وفى اليوم الأول للقتال فى السادس من أكتوبر 1973 هاجم العدو الإسرائيلي القوات المصرية القائمة بالعبور حتى آخر ضوء بعدد من الطائرات كرد فعل فورى، وتوالت بعدها الهجمات بأعداد صغيرة من الطائرات خلال ليلية 6 /7 أكتوبر، تصدت لها وحدات الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات، ونجحت فى إسقاط أكثر من (25) طائرة، بالإضافة إلى إصابة أعداد أخرى وأسر عدد من الطيارين، وفي ضوء ذلك أصدر قائد القوات الجوية الإسرائيلية أوامره للطيارين بعدم الاقتراب من قناة السويس لمسافة أقل من 15 كم.
وفى صباح يوم 7 أكتوبر 1973 قام العدو بتنفيذ هجمات جوية على القواعد الجوية والمطارات المتقدمة وكتائب الرادار، ولكنها لم تجنى سوى الفشل ومزيد من الخسائر فى الطائرات والطيارين.
وخلال الثلاثة أيام الأولى من الحرب فقد العدو الإسرائيلى أكثر من ثلث طائراته وأكفأ طياريه الذى كان يتباهى بهم، وكانت الملحمة الكبرى لقوات الدفاع الجوى خلال حرب أكتوبر مما جعل (موشى ديان) يعلن فى رابع أيام القتال عن أنه عاجز عن اختراق شبكة الصواريخ المصرية، وذكر فى أحد الأحاديث التلفزيونية، يوم 14 أكتوبر 73 أن القوات الجوية الإسرائيلية تخوض معارك ثقيلة بأيامها... ثقيلة بدمائها.
فى ظل التهديدات التى تتعرض لها دول المنطقة.. كيف تحافظ قوات الدفاع الجوى علي إستعدادها القتالي؟
في البداية أود أن أوضح أمرا هاما جداً، نحن كرجال عسكريين نعمل طبقاً لخطط وبرامج محددة وأهداف واضحة، إلا أننا فى ذات الوقت نهتم بكل ما يجري حولنا من أحداث ومتغيرات فى المنطقة، والتهديدات التى تتعرض لها كافة مسارات السلام الآن، وما تثيره من قلق بشأن المستقبل ككل، ليست بعيده عن أذهاننا، ولكن يظل دائماً وأبداً للقوات المسلحة أهدافها وبرامجها وأسلوبها فى المحافظة على كفاءتها سلماً وحرباً.. وعندما نتحدث عن الاستعداد القتالى لقوات الدفاع الجوي، فإننا نتحدث عن الهدف الدائم والمستمر لهذه القوات، بحيث تكون قادرة ليلاً ونهاراً، سلماً وحرباً وتحت مختلف الظروف على تنفيذ مهامها بنجاح.
تهتم القوات المسلحة بالتعاون العسكري الذى يعتبر أحد الركائز الهامة للتطوير مع العديد من الدول العربية والأجنبية.. كيف يتم تنفيذ ذلك فى قوات الدفاع الجوى؟
تحرص قوات الدفاع الجوى على التواصل مع التكنولوجيا الحديثة واستخداماتها في المجال العسكري من خلال تنويع مصادر السلاح وتطوير المعدات والأسلحة بالاستفادة من التعاون العسكري بمجالاته المختلفة طبقاً لأسس علميه يتم اتباعها في القوات المسلحة وتطوير وتحديث ما لدينا من أسلحة ومعدات، بالإضافة إلى محاولة الحصول على أفضل الأسلحة في الترسانة العالمية حتى نحقق الهدف الذي ننشده، وفي هذا الإطار يتم تنظيم التعاون العسكري من خلال مسارين:
المسار الأول: التعاون فى تطوير وتحديث الأسلحة والمعدات بما يحقق تنمية القدرات القتالية للقوات وإجراء أعمال التطوير والتحديث الذى تتطلبه منظومة الدفاع الجوى المصرى طبقاً لعقيدة القتال المصرية بالإضافة إلى أعمال العمرات وإطالة أعمار المعدات الموجودة بالخدمة حالياً فى خطة محددة ومستمرة .
المسار الثاني: التعاون فى تنفيذ التدريبات المشتركة مع الدول الشقيقة والصديقة مثل «التدريب المصرى الأمريكى المشترك «النجم الساطع»، التدريب اليونانى المشترك «ميدوزا - 5» اليونان، والتدريب المصرى السعودى المشترك «فيصل - 11» «السعودية»، التدريب المصرى الإردنى المشترك «العقبة -3» «الأردن» لاكتساب الخبرات والتعرف على أحدث أساليب التخطيط وإدارة العمليات فى هذه الدول وقوات الدفاع الجوى تسعى دائماً لزيادة محاور التعاون فى كافة المجالات «التدريب ، التطوير ، التحديث ، ...».