هل الشاعر هو ذلك الشخص الذى يتحدث بالشعر طيلة الوقت مع عامة الناس فى الأسواق والمواصلات أو مع أقرانه، أم هو ذلك الشخص غريب الهيئة الذى لا يستحم ومؤمن أنه فنان بوهيمى يفعل ما يحلو له؟! 
صور كثيرة قدمتها السينما المصرية لشخصية الشاعر نعرضها لكم.. 

-ناننس شاعر الكيف:
يعتبر فيلم الكيف من الأفلام المهمة التى قدمها الراحل محمود عبدالعزيز مع الفنان الكبير يحيى الفخرانى. 
وعرض الفيلم أهم الأمراض التى أصابت المجتمع فى هذه الفترة فقد ناقش قضية الإدمان بعمق كبير وقدم الفن الهابط كمرض أشد خطورة من المخدرات بلغة جديدة وعصرية تماما قدمها الكاتب محمود أبوزيد وأخرجها على عبدالخالق. 

محمود عبدالمغنى شاعر صايع بحر:

يعتبر محمود عبدالمغنى من الفنانين القلائل، الذين قدموا صورة الشاعر بشكل بسيط وطبيعى وأظهره كإنسان عادى يمشى فى الأسواق ويحزن ويضحك كسائر الناس اللهم إلا قدرته على التعبير عن مشاعره بشكل فنى يتخذ من الشعر وسيلة لذلك. 
فيلم صايع بحر ظهر فيه الفنان محمود عبدالمغني ليجسد شخصية صديق أحمد حلمي، صاحب الاحلام البسيطة والشاعر الحقيقي الذي يحترم فنه حتى تحاول حبيبته أن تنفصل عنه نظرا لظروفه المادية فيلجأ إلى فكرة بيع كلماته كأغانٍ ويتجه إلى الشخصية التى يجسدها الفنان يوسف عيد، والذي نراه متحدثا فى الهاتف إلى شخص يعرض عليه الكلمات، وهو يخاطبه بـ"أمير الغناء العربى"، ولكنه يتبعها بـ"الأستاذ شعبان عبدالرحيم"، ويفاجئنا "شعبولا" برفضه للكلمات. 

شاعر رصيف نمرة خمسة:
"آيس كريم فى حليم" هو فيلم مصرى إنتاج 1992 بطولة "عمرو دياب وأشرف عبدالباقى وسيمون، وجيهان فاضل"، ويحكى الفيلم قصة الشاب الفقير "سيف" الذى ينتقل من الإسكندرية للقاهرة بحثًا عن فرصة لتحقيق موهبته فى الغناء ولكن يتعثر، ليقيم فى جراج متواضع ويعمل كموزع فى نادى فيديو يمتلكه "زيكو" المحب للمال والذي يتاجر بالأغانى الهابطة. 
وبين أحداث الفيلم يدخل سيف السجن ليتعرف على "نور" الشاعر اليسارى ليكتب له أغنية يبحثون لها عن ملحن حتى يصلوا إلى زرياب، وهو ملحن مغمور ليكونوا ثلاثيا فنيا يقدمون من خلاله أولى حفلاتهم فى شاطئ "جليم" مسقط رأس "سيف". 
وتعتبر شخصية نور التى قدمها الكاتب مدحت العدل فى فيلمه من الشخصيات المتزنة للشاعر الثورى، الذي يبحث عن الكلمة البديلة البناءة. 

- عادل إمام الساخر وشاعر الحلزونة:
يعتبر عادل إمام الفنان صاحب المشوار الأكبر فى السينما المصرية والذى تقوم على إظهار المثقفين والشعراء بشكل ساخر يدعو للشفقة فى أغلب أفلامه، فقد أخرجهم باعتبارهم أشخاصا مجانين يتحدثون الشعر طيلة الوقت أو فقراء معدومين لا يجدون قوت يومهم. 
قصيدة "الحلزونة" من القصائد المهمة عند الشاعر الكبير فؤاد حداد ولكن ما أن ذكر اسمها أمام شخص حتى تراه منشدا، والحلزون لما استنها وقعت نطت جوى البير، وهذه الكلمات التى تدعو إلى الغثيان لا تمت إلى حداد بصلة، ولكن هو النص الذى قدمه عادل الإمام فى فيلمه مرجان أحمد مرجان مسيئا إلى قصيدة حداد. 
يعتبر مرجان أحمد مرجان هو الفيلم الأشهر فى السخرية من الشعراء. 
فعندما أراد مرجان بطل الفيلم أن يصبح شخصا له قيمة ثقافية ذهب إلى شاعر مدعٍ ليشترى منه قصائده ليضعها فى كتاب باسمه. 

في مشهد جمع الثلاثى عادل إمام وجسد شخصية الشاعر الفنان ضياء الميرغنى، وقدمها باعتباره شخصا مدعيا لا علاقة له بالشعر فقير مضطر إلى بيع قصائده، كما أنشد "أبيع شعرى لأول مشترٍ، الشعر شعرى والمأساة مأساتى ليختم عادل إمام المشهد بالإفيه المشهور "حلوة أبيع نفسى هاتها وحاسب له على السحلب". 

هنيدى أمير البحار يقابل شاعر إسكندرية: 
فيلم أمير البحار من الأفلام التى كتبها يوسف معاطى مؤخرا للفنان محمد هنيدى، وذلك بعد نجاح تجربتهم رمضان مبروك أبوالعالمين حمودة، ويحكى الفيلم باختصار شديد قصة مجموعة من الشباب خطفوا من قبل مجموعة من القراصنة على متن مركب صغيرة مملوكة لوالد أمير "هنيدى" لطلب فدية، ولكن فى النهاية يتمكن الشباب من السيطرة على المركب والرجوع إلى الوطن. 
من بين شخصيات الفيلم ظهرت شخصية حسام داغر، وهو كما قدم شاعر إسكندرية الذى تقع فى حبه سلوى شيرى عادل ما يضطر هنيدى إلى خطفه وتهديده وإجباره على الاتصال بسلوى والتحدث معها بأسلوب غير لائق لتقطع علاقتها به. 
كان من الواضح اختيار داغر لأداء دور الشاعر ليظهر بصوته المثير للسخرية وشخصيته المضطربة الضعيفة المتناقضة، فهو القائل فى مشهد من مشاهد الفيلم "ياه لما الموت يبقى أحلى من الحياة" ما إن وجد الموت على المركب حتى فر منه. 

-أيمن بهجت قمر شاعر لم ينصف الشعراء: 
أيمن بهجت شاعر وسيناريست كتب الكثير من الأغانى وقدم للسينما العديد من الأفلام الناجحة، أشهرها فيلم أسف على الإزعاج للفنان أحمد حلمى، وآخرها فيلم من تلاتين سنة والذى شارك فيه العديد من النجوم كان أشهرهم أحمد السقا وشريف منير وميرفت أمين ومنى زكى.
من بين شخصيات الفيلم قدم شخصية حنان البغدادى، والتى جسدتها الفنانة منى زكى، وهى شخصية شاعرة قادمة من الإسكندرية تبحث عن الشهرة فى القاهرة، ولكنها وقعت فريسة لأصحاب دور النشر. 
أيمن بهجت الشاعر الذى له تاريخ كبير الشعر ومعارف غير محدودة بين الشعراء لم يجد إلا شخصية حنان البغدادى هذه الشاعرة المدعية، التى تبحث عن الشهرة ويخدعها جمهور الأمسيات الثقافية والنقاد من أجل جمالها لا أكثر ليقدمها للسينما المصرية. 
فقصيدة معنتش والتى قدمتها الفنانة منى زكى فى الفيلم هى القصيدة الأشهر حاليا بين العامة ورود الأمسيات الثقافية.

ففى مشهد جمع بين الفنان أحمد السقا ومنى زكى فى أمسية ثقافية، وهى تقف على خشبة قاعة الكلمة بساقية الصاوى، وتلقى قصيدتها "معنتش" ليختم أحمد السقا المشهد، قائلا "معنتش طايق أسمعك".