رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


السيناريست مجدى صابر: سلسال الدم .. قصة كفاح إمرأة صعيدية

22-3-2017 | 12:16


حوار: نورا حسين

خمسة أسباب لتراجع الدراما المصرية، أهمها غياب دور ماسبيرو، وتدخل النجم فى السيناريو، وأيضا المنتج الذى يختار النجم قبل الورق، هذا ما قاله السيناريست مجدى صابر، الذى كان ولايزال له بصمة كبيرة فى الأعمال الدرامية، كان آخرها مسلسل “سلسال الدم” الذى قدّم منه ٤ أجزاء، حققت نجاحا كبيرا وأثبت من خلالها أنه يمكن نجاح المسلسل بعيدا عن موسم رمضان.

صابر يرى أن الدراما المصرية تراجعت بشكل كبير، لتحل محلها الدراما السورية والتركية التى جذبت الجمهور المصرى، وفى هذا الحوار يكشف لنا سر هذا التراجع، ويجيب عن أسئلة أخرى، فإلى نص الحوار:

كيف ترى حال الدراما المصرية.. هل المشكلة فى الورق أم الإنتاج؟

 مشكلة الدراما يتداخل فيها أطراف عديدة، بداية من نوعيات الموضوعات التى تقدم، مثلا فى شهر رمضان الماضى كان هناك ٣٠ مسلسلًا، منها ٨ مسلسلات، بها الضابط والمجرم والجريمة والمطاردة، كأن المجتمع المصرى تحول إلى مجتمع بوليسي، وأيضا مسلسلات مخدرات ودعارة وأمراض نفسية، إذا قمتِ بحصر هذه المسلسلات لن تجدى مسلسلا واحدا يناقش قضية اجتماعية باستثناء “ونوس”، الذى له طبيعة خاصة. 

معنى هذا أن المشكلة سببها الأساسى المؤلفون؟ 

ليس المؤلفون فقط، ولكن سببها أطراف متعددة، فى مقدمة ذلك أن أغلب المخرجين العاملين فى الدراما شباب ينقصهم خبرة اختيار الموضوع، أو ممن جاءوا من السينما فيعملون بالتكنيك السينمائي، وأغلب الموضوعات تكتب من ورش كتابة أغلبهم حديثو التخرج من المعهد، أو لم يلتحقوا بدراسة أكاديمية، وتكون خبرتهم فى الكتابة ومناقشة مشاكل المجتمع قليلة، لأن فى الغالب الأعمال التى تقدم من خلالهم لنجوم شباب، والسبب الثانى هو أن المؤلف أصبح طوعا للنجم، وأصل الموضوع أن يكون هناك كاتب لديه خبرة ووجهة نظر يناقشها، ثم يتم اختيار الأبطال، ولكن الآن الآية “انقلبت” فأصبح النجم هو البداية والنهاية ويتدخل فى كل شيء، ويتدخل بالطبع النجم فى السيناريو، فالفنان يوقع مع المنتج ثم يبحثون له على ورق لمزاج النجم الذى لا يرتبط بأشياء تهم المجتمع، بل يبحث عن موضوعات المطاردة والأكشن، والعام الماضى أخذت الدراما شكل الأفلام الأمريكاني، وموضوعات الكتاب الكبار لم يصبح لها الرواج السابق، وأغلبهم يجلسون فى بيوتهم، لأن معظم ما يكتبونه لا يناسب “دماغ” المنتج، وهذا هو السبب الثالث، وهذه المشكلة تفاقمت فى العام الأخير، ولم يحدث توازن فى السوق بأن يعاد تقديم دراما اجتماعية تتوازى مع هذه النوعية، وذلك لأن الجهات التى كانت تنتج دراما اجتماعية مثل “صوت القاهرة ومدينة الإنتاج”، توقفت عن الإنتاج الدرامي، فأصبحت الساحة متروكة للإنتاج الخاص الذى يبحث عن البطل الحقيقى فى الإثارة، ويضاف لذلك السبب الرابع هو أن المعلن يتحكم فى سوق الدراما ويختار النجم، ليصبح هذا النجم متحكما فى كل شيء، حتى الإعلان يعرض داخل العمل الدرامى بنوع من الوقاحة، ليكون ٥ دقائق دراما وربع ساعة إعلانات، فغاب العمق لأن المشاهد يشتت بين ٣٠ عملا تعرض، وكم الإعلان الرهيب الذى يبث داخل المسلسل، فيحمل المشاهد الريموت للبحث عن مسلسل آخر لحين انتهاء الإعلانات فيكون التشتيت موجودا، وذلك ليس فى صالح الدراما على الإطلاق، هذا الأسلوب مضر بالدراما ويجب أن يوضع حل.

  هل ترى أن على الدولة أن تتدخل لحل هذه الأزمة؟

فى الدول الأوربية يوجد ما يشبه ميثاق إعلانى بأنه خلال الساعة لا يعرض أكثر من ١٠ دقائق إعلانات، لدينا فى الساعة ١٠ دقائق دراما، والباقى إعلانات، وهذه المشكلة لها مسببات، وهى أن الإنتاج اليوم أصبح مكلفا جدا، لاسيما فى الأعمال التى تضم نجوما كبارا، والمحطة التى تشترى المسلسل تقدم إعلانات كثيرة كى تستطيع التعامل مع التكلفة، وهنا من الضرورى أن تضخ أموالًا فى القطاعات الحكومية وتنتج أعمالًا ببطولة جماعية، وتقدم موضوعات تهم الوطن، والمجتمع هنا من الممكن أن يجد توازنا فى الدراما المصرية.

وجود إعلانات كثيرة يعنى وجود أموال كثيرة.. فلماذا لا تنتج الجهات الحكومية؟

 الحكومة لا تضخ فى هذه الجهات أموالا، والتليفزيون المصرى لم يعد جذابا للمعلنين، والحكومة مرتبطة بدفع أجور العاملين فى ماسبيرو والتى تبلغ ٣٠٠ مليون جنيه، وقطاع الإنتاج به ٤ آلاف موظف لا يعملون، ونفس الأمر لصوت القاهرة، فالحكومة ترتضى أن تدفع رواتب ولا ترتضى أن تنتج أعمالا من الممكن أن تربح منها، وهنا نجد تراجع التليفزيون المصري.

  لماذا دائما نجد التليفزيون المصرى مغيبا بهذا الشكل؟

 منذ إلغاء وزارة اﻹعلام، لم نجد من يتحدث عن التليفزيون، عندما كان هناك وزير إعلام كان يطالب وزير المالية بضخ أموال للقطاعات الإنتاجية، اليوم لا يوجد وزير للإعلام، وهذا أحد أسباب المشكلة المحيطة بالدراما المصرية، التى هى القوة الناعمة وسفيرنا فى الخارج، اللهجة المصرية معروفة للشارع العربى كله من خلال المسلسلات والأفلام، لأنها كانت تعرض فى العالم العربي، أصبحت لهجة معروفة ومحبوبة، اليوم تحولت اللهجة السورية بديلا للهجة المصرية، وحتى الأعمال التركية والهندية التى تعرض فى مصر تجدها مدبلجة باللهجة السورية، لذلك يجب أن يكون هناك من يهتم بالإعلام المصري، فى ظل وجود فضائيات تعرض ما تريد، فالإعلام المصرى أصبح بدون صاحب.

  هل ينقص الدراما المصرية جودة التكنيك؟

  الصورة التى كنا نشاهدها فى الأعمال السورية أو غيرها هى التى جذبت المشاهدين فى البداية، ولكن الآن الصورة فى الدراما المصرية أصبحت عالية من حيث التكنيك والإنتاج، عندما دخل مخرجو السينما فى الدراما اهتموا بهذه التفاصيل، وأصبح هناك أحدث كاميرات فى العالم تصور الأعمال الدرامية المصرية، وأساليب حديثة فى الإضاءة.

 تحدثت عن أن جزءا من المشكلة فى الدراما عدم وجود وزير إعلام.. فبما تفسر استمرار الدراما السورية فى ظل هذه الحرب؟

 الدراما السورية الآن لم تصبح مؤثرة مثل سابق عهدها، لأن الإنتاج والتكلفة تقلصت بسبب الحرب الدائرة فى سوريا، الدراما السورية كانت تتميز بتصوير خارجى نفتقده ووجوه نضرة على الشاشة، وفى كثير من الأحيان يبنون درامتهم على علاقات غير مشروعة، والممنوع مرغوب، فكان يلقى قبولا للمشاهد المصري،

والدراما التركية أيضا تراجعت بعد أن تطورت الدراما المصرية، من خلال الشكل وليس الموضوعات، وتجدين أن كل موسم يظهر عدد من الشباب فى الدراما المصرية، يتحولون إلى نجوم، ولكن ما ينقصها هو الموضوع.

 ولماذا لا نعتمد على التصوير الخارجى والمشاهد الطبيعية؟

التصوير الخارجى مكلف جدا، والنجم يحصل على ٧٥٪ من الميزانية، فلا يتبقى شيء، والأماكن السياحية والأثرية، حتى المطار تفرض عليه رسوم عالية جدا، الساعة بـ١٠ آلاف جنيه، بمعنى إذا قمنا بتصوير يوم فى المطار تكون هناك رسوم فى ١٢ ساعة ١٢٠ ألف جنيه، فهنا هل تشجع الدراما أم تدمر الصناعة؟!، ولذلك أغلبية المنتجين والمخرجين لا يهتمون بالدراما الطبيعية والتصوير الخارجي.

 أمامنا ٣٠ مسلسلا فى رمضان بدون مشاهدة اهتمام من الجمهور.. فهل هذا ما جعلك تغادر موسم رمضان؟

 نعم، على مدار ما يقرب من ١٠ سنوات تحول رمضان إلى موسم وسوق للدراما بسبب الإعلانات التى صنعت هذا الموسم، بين الشامبو ومسحوق الغسيل والسمنة، وكان أى مسلسل يعرض خارج رمضان ينظر إليه على أنه مسلسل “وائع”، إلى أن جاء مسلسل “سلسال الدم”، وكسر هذه القاعدة، وكان عرضه بعيدا عن رمضان مخاطرة محسوبة، لأننا لم نعمل على أنه مسلسل قليل التكلفة، بل تم إنتاجه بأقوى الإمكانيات والنجوم، وعندما عرض بعيدا عن رمضان وحقق نجاحا كاسحا، وحصل على أعلى نسبة مشاهدة، تفاجأ الكثيرون، فاكتشفوا أنك تستطيع أن تنتج وتعلن بعيدا عن رمضان وتعرض إعلانات، بمعنى أن “سلسال الدم”، رغم رفضى لأمر الإعلانات، كانت الحلقة نصف ساعة دراما وساعة وربع إعلانات، ولكن هذا دليل على نجاح عمل حقيقي، ومن هنا تشجع الكثير من المنتجين، “سلسال الدم” كسر تابوهات كثيرة بعرض مسلسل اجتماعى يناقش الكثير من الموضوعات، وهذا يثبت أن المشاهد فى لهفة لهذه الموضوعات.

نجد موضوعات كثيرة فى الدراما لا تقدم الصورة الحقيقية للواقع.. لكننا وجدنا عكس ذلك فى “سلسال الدم”.. ما تعليقك؟

أنا حريص على عمل تشريح للمجتمع، فقدمت لأول مرة قصة صعود امرأة فى الصعيد، وهى امرأة إيجابية تربى وتعلم وترفض الثأر، على الرغم من رفضها التنازل عن حقها، والصعيد تغير كثيرا، وأصبح قريبا للمدن، وهناك نقلة حضارية حدثت مع وسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد هناك إلا قليلا يرفضون تعليم البنات، وأصبح للفتاة الحق فى العمل واختيار من ستتزوجه، وهناك أمور سلبية، مثل أن المجتمع الصعيدى أصبح مستهلكا أكثر مما هو منتج، فحاولت تقديم صورة فى الشكل أو المضمون، وتطرقت سياسيا ببدء الجزء الرابع بثورة يناير ونهايته بثورة يونيو، بالطبع كثير من الموضوعات لا ترتبط بالواقع وبالتالى لا يستطيع المشاهد التعلق بها أو التعاطف معها.

 هل هناك صعوبة فى كتابة مسلسل من عدة أجزاء فى الوقت الحاضر؟

الدراما المكونة من أجزاء يجب أن تكون مستعرضة، لا تقوم على بطل وبطلة، وأهتم بالدراما الاجتماعية التى يكون فيها لكل قصة بطل، وأكون حريصا على تقديم مساحة للشباب والوجوه الجديدة فى الدراما التى أقدمها، واليوم أصبحت الدراما مفرزة، لأن فى الغالب بطل العمل حاصل على الجزء الأكبر من الميزانية، فيضطر منتج العمل إلى البحث عن وجوه جديدة يتحولون إلى نجوم، وهى ظاهرة إيجابية فى الدراما المصرية.

فى رأيك لماذا ارتبط الجمهور المصرى بمسلسل «السلطانة قُسم» بهذا الشكل؟ 

بغض النظر عما يقدمه المسلسل من مضمون، إلا أنه يعتمد على صورة إخراجية مبهرة وملابس أنيقة، كما أنه يقدم جزءا من التاريخ التركى من خلال تصويره علاقات الحب، وهذا ما يحبه الجمهور خاصة بعد تركيز الدراما المصرية على مسلسلات الأكشن والطابع الأميريكى الذى أفقدنا هويتنا، أيضا الوجوه الجميلة من الممثلين التى تجذب المشاهدين، بالإضافة إلى أماكن التصوير المبهرة التى نفتقدها بشكل كبير، لأن المنتج المصرى أصبح تركيزه الأكبر على ميزانية النجم، وهذا يأتى على حساب ميزانية العمل بالكامل.

 هل من الممكن أن تقدم جزءا خامسا من سلسال الدم؟

  لا، أعمل الآن على الجزء الثانى من مسلسل “أفراح إبليس”، الذى قدم الجزء الأول منه الكاتب الراحل محمد صفاء عامر، وأعمل عليه فى إطار درامى أوسع بتقديم مساحات جديدة فى أدوار رئيسية ومختلفة، وأعتقد أنه سيكون مختلفا عن الجزء الأول الذى حمل صراعا عائليا، أما الآن فهو صراع مجتمعي، وسنجد أن قضية الإرهاب حاضرة بشكل أساسى فى الجزء الثاني.

 هل سيعرض بعيدا عن خريطة شهر رمضان؟

 نعم، لأنه من ٦٠ حلقة، ولا يصلح للعرض فى رمضان.