السرقة بالإكراه والسطو المُسلح.. كابوس يُهدد الأمن العام «شخلل عشان تعدى»!
تقرير يكتبه: وائل الجبالى
لا شك أن السرقة بالإكراه والسطو المسلح على السيارات وأصحابها بالطرق السريعة والصحراوية، حتى امتدت الظاهرة إلى داخل المدن لتصبح كابوسا مرعبا للمواطنين، بما يمثل قلقا وخوفا على حياتهم ومالهم وأولادهم. انتشار وتعدد حالات التثبيت والسرقات فى شوارع القاهرة والمحافظات، وتكرار حوادث السطو المسلح على السيارات ومرتادي الطرق، إلى حد أن الأمر قد يصل إلى القتل أحيانا في حال عدم امتثال الضحية للعصابة، بالإضافة إلى سرقة الموبايلات وحقائب السيدات جهارا نهارا أصبح كغراب الشؤم، الذي ينعق صارخا بناقوس خطر يهدد أمن المجتمع كله، مما دعى «المصور» أن تفتح هذا الملف الخطير وتلقي الضوء من خلاله على عدد من الحوادث التي تحمل في طياتها دلالات مخيفة، قبل أن تقترح على لسان عدد من الخبراء الحلول الناجعة لمكافحة هذه الظواهر الإجرامية.
«سرقوا سيارة فى عز الظهر»
ما يؤكد ضعف الرقابة الأمنية على الطرق، وتفشى ظاهرة السرقة التى لم تعد تفرق بين سيارات المواطنين أو سيارات الأجهزة المسئولة فى الدولة، ما حدث يوم ٢١ فبراير من الشهر الماضي، عندما تعرضت سيارة تابعة لجهة سيادية للسرقة، وكشفت مصادر أمنية عن أنه تمت سرقة السيارة من فوق أحد الكباري العامة في «عز الظهر» بالجيزة، بعدما تمكن تشكيل عصابي مكون من ٥ أشخاص من سرقة ٣ سيارات ملاكي، بينها السيارة المُشار إليها، وذلك في منطقة كرداسة مع تقاطع المريوطية بمحور صفط .. كما كشفت التحريات أن العصابة التي تخصصت في سرقة السيارات بالإكراه من الطرق السريعة، ومساومة مالكيها على إعادتها مقابل مبالغ مالية، استخدمت في جريمتها سيارة دفع رباعي، كما تمكنوا قبل ذلك من سرقة سيارة مدير الإدارة التعليمية بمنطقة مصر القديمة، وكذا سيارة مدير مالي بإحدى الشركات.
في الوقت نفسه، أكد مصدر أمني أن أحد الجناة أطلق عياراً نارياً في الهواء لإجبار مالكي السيارات على تركها، وقاموا بسرقة السيارة ولاذوا بالفرار، وتم ضبط ثلاثة منهم، وإعادة السيارة التابعة للجهة السيادية.
وفي القليوبية، نجحت أجهزة الأمن في ضبط ٣ تشكيلات تخصصت في سرقة السيارات والمساكن والدراجات، وكانت مباحث القليوبية قد ألقت القبض على ١١ شخصًا متهمين بسرقة السيارات والدراجات النارية والمساكن تحت تهديد السلاح، وتمت إحالتهم للنيابات المختصة، حسب اللواء مجدي عبد العال، مدير أمن القليوبية، الذي وجه بتكثيف الحملات الأمنية على الطرق العامة بعد زيادة البلاغات في الفترة الأخيرة بتعرض بعض المواطنين للسرقة بالإكراه، وأسفرت الحملات عن ضبط ٣ تشكيلات عصابية تضم ١١ متهمًا، ويضم التشكيل الأول ٥ عاطلين في بنها تخصصوا في سرقات السيارات بالطرق العامة، وتم ضبطهم واعترفوا بارتكابهم واقعتي سرقة، وأرشدوا عن السيارتين المسروقتين، كما تبين أن التشكيل الثاني تخصص في سرقة الدراجات النارية بالإكراه في شبين القناطر، وتم ضبطهم وبحوزتهم فرد خرطوش وطبنجة، واعترفوا بارتكابهم ٤ وقائع سرقة، وأرشدوا عن ٤ دراجات نارية، بالإضافة إلى أن التشكيل الثالث في مدينة العبور ويضم ٣ عاطلين تخصصوا في سرقات المساكن والشقق.
وفي الجيزة، نجحت قوات الأمن في ضبط تشكيل عصابي لسرقة السيارات بالإكراه مكون من ٧ عاطلين، وأخطر اللواء هشام العراقي، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع أمن الجيزة، بالواقعة وبتكثيف التحريات تبين قيام ٧ عاطلين بتكوين تشكيل عصابي فيما بينهم تخصص نشاطه الإجرامي في سرقة السيارات بالإكراه من الطرق السريعة وخصوصا طريق العياط الزراعي تحت تهديد الأسلحة النارية ومساومة مالكيها على إعادتها مقابل مبلغ مالي والتصرف فيها بالبيع في حالة عدم سدادهم تلك المبالغ، وعقب تقنين الإجراءات، تم إعداد عدة مأموريات أمنية أسفرت عن ضبطهم وبحوزة الأول بندقية آلي، و٣٥ طلقة نارية، وفرد خرطوش، و٥ طلقات نارية، وبمناقشة المتهمين اعترفوا بارتكاب ٧ وقائع سرقات سيارات.
«الدفع.. أو القتل»
ومن الوقائع البشعة التي هزت الضمير العام، مقتل محاسب أثناء مقاومته عصابة مسلحة في القليوبية، وذلك حسب الإخطار الذي ورد إلى المقدم محمد سعيد، رئيس مباحث مركز طوخ، بعثور الأهالي على جثة شاب اسمه «خالد. ج»، محاسب، وتوصلت التحريات إلى أن المجني عليه كان عائدًا إلى منزله عقب مباراة مصر وبوركينا فاسو، فاستوقفه مجموعة من الأشخاص في الشارع في محاولة لسرقته بالإكراه، إلا أنه قاومهم، فقام أحدهم بإطلاق الرصاص عليه وفروا هاربين، فيما لقي المجني عليه مصرعه، وتم نقل الجثة للمستشفى وتولت النيابة التحقيق.
كما تلقى المقدم أسامة ندا، رئيس مباحث مركز بنها، إخطارا بشأن بلاغ مستشفى الباجور العام بوصول صيام محمود محمد عطا الله، مطرب أفراح، مصابا بطلق نارى بالظهر فتحة دخول وخروج، وتوفى متأثرا بإصابته، وقد أقر مرافقه أثناء الحادث أنه حال استقلالهم السيارة وبصحبته القتيل وآخرين عائدين من حفل عرس بناحية كفر بطا دائرة مركز بنها، فوجئوا بقيام شخصين ملثمين يحاولان توقيفهم بالطريق بين قريتى كفر بطا وبقيرة، وعندما حاول المجني عليهم الفرار منهم، قام الجناة بإطلاق الأعيرة النارية صوبهم، ما أدى لحدوث إصابة المجنى عليه ووفاته.
وبمعاينة السيارة تبين وجود آثار لطلقات نارية بالرفرف الأيمن الخلفى، فتم تشكيل فريق بحث بقيادة مدير مباحث القليوبية لسرعة كشف غموض الواقعة، وتمكنت التحريات من التوصل إلى أن مرتكبى الواقعة (أ. ج. م) وشهرته «بسكوته»، عاطل، و(إ. ف. ع)، عاطل، وعقب تقنين الإجراءات ألقي القبض عليهما وأحيلا للنيابة العامة لمباشرة التحقيقات.
«روشتة» خبراء الأمن
اللواء مجدى البسيونى، مساعد وزير الداخلية الأسبق، الخبير الأمنى، قال إن سرقة المواطنين بالشوارع، ومنها خطف الشنط والسلاسل من السيدات وسرقة الموبايلات والتثبيت أمام النوادى وفي المناطق المعروفة والميادين، يأتي سعيا وراء توفير المخدرات للمدمنين الذين ليس لديهم مصدر يحصلون منه على المكيفات، وهم فى الغالب من يقومون بالسرقة والخطف والتثبيت بالشارع، أما سرقة السيارات بالإكراه على الطرق السريعة، فأصبحت سهلة جدا، ولا تحتاج إلى سلاح وموتوسيكل أو سيارة، وهناك مناطق معروفة بسرقة السيارات مثل عرب الصف الذين يقومون بمساومة صاحب السيارة على استعادة السيارة مقابل دفع مبلغ من المال، وفى الفترة الأخيرة دخلت تشكيلات عصابية جديدة على الخط ليس لدى أجهزة الأمن معلومات جنائية عنهم.
وكشف «البسيونى» عن أن عدم الوجود الأمنى بالطرق السريعة والصحراوية، هو ما أدى إلى انتشار ظاهرة سرقة السيارات بالإكراه وتثبيت مرتاديها من المسافرين، حتى إنه وهو عائد من الساحل الشمالى إلى القاهرة وهو رجل أمن لم يجد على طول الطريق الذى يزيد طوله على ٢٥٠ كيلو مترا، سيارة شرطة واحدة لتأمين الطريق.
وأوضح اللواء «البسيوني» أنه لا يمكن القضاء على الظواهر الإجرامية بالكامل، لكن يمكن الحد منها، وذلك باتباع منهج أمنى هو عدم الاعتماد على الأكمنة الثابتة التى تسأل عن الرُخص فقط، والتى يتم معرفة أماكن وجودها من قبل التشكيلات العصابية؛ لكن الحل فى عمل دوريات مستمرة على الطرق، منها دوريات فى عربات شرطة بشكل معلن لطمأنة المواطنين على الطرق، وتخويف التشكيلات العصابية من ارتكاب أية عمليات إجرامية، بالإضافة إلى عمل دوريات على الطرق بشكل سرى من خلال عربات ميكروباص وعربات ملاكى لضبط الخارجين على القانون والتشكيلات العصابية من معتادى السرقات بالإكراه والتثبيت وسرقة السيارات.
وحسب اللواء «البسيوني»، فإنه لابد لأجهزة الأمن أن تقوم بعمل خريطة للمناطق التى تزيد فيها وتتكرر حوادث سرقة السيارات والتثبيت على الطرق ومسح المناطق القريبة من تلك النقاط؛ لأنه فى الغالب من يقوم بسرقة سيارة فى منطقة ما، لابد أن يكون قريبا من تلك المنطقة ويعرفها جيدا.. وبالتالى تتوفر معلومات عن تلك التشكيلات، مما يسهل القبض عليها وتقديمها للمحاكمة.
ولفت «البسيونى» إلى كيفية مواجهة جرائم السرقة بالشوارع من التثبيت لسرقة المحمول والسلاسل والحقائب والمتعلقات الشخصية تحت تهديد السلاح، التى فى الغالب يتم فيها استخدام الموتوسيكلات ويركب عليها شخصان، واحد للسرقة، والآخر للقيادة، فلابد أن تقوم الأجهزة الأمنية بدراسة تلك الظواهر والأسلوب الذى تمت به، وتحديد الأماكن التى حدثت بها تلك الجرائم، والوقت الذى تمت فيه هذه الوقائع، فضلا عن قيام أجهزة الأمن بتفصيل الخطة الأمنية المناسبة لكل مكان على حدة، وذلك حسب الأسلوب المتبع للجريمة والظاهرة المنتشرة فى ذلك المكان، مع زيادة الدوريات بتلك الأماكن ونشر رجال أمن بشكل سرى فى محاولة لضبط تلك العناصر، وهنا تستطيع الأجهزة الأمنية الحد من تلك الظواهر وليس منعها بالكامل. من جانبه، قال اللواء محمد نور، مساعد وزير الداخلية الأسبق، الخبير الأمنى، إن جرائم السرقة بالإكراه ترتبط بتدنى الحالة الاقتصادية للمواطنين، وإن الحالة الأمنية تتناسب عكسيا مع الحالة الاقتصادية، فكلما زادت الأسعار وتدنت الحالة الاقتصادية ارتفعت معدلات الجريمة.
وكشف اللواء «نور» عن أن دور الأجهزة الأمنية هو منع الجريمة وكشف غموضها، ومن المؤكد أن إجراءات المنع لابد أن تكون هي الأهم، ولكن المعضلة الحقيقية أن إجراءات المنع تحتاج إلى إنفاق مالي، فالطرق مثلا تحتاج لمنظومة كاميرات لمراقبتها، وعربات ومنظومة اتصالات متطورة مع توفير قوة بشرية من ضباط وأمناء وشرطيين بالنسبة للطرق السريعة والصحراوية، أما داخل المدينة فالمطلوب نشر عساكر الدرك، وإن كان بالشكل الحديث المتمثل في عربات الدوريات مع تسليحها والتدريب المستمر، وكل ذلك يحتاج إلى تمويل وإنفاق مالي. مضيفا: ولتحجيم تلك الظواهر لابد من قيام مديريات الأمن التى تقع فى نطاقها الطرق الصحراوية والسريعة بعمل دوريات بشكل مستمر على مدار اليوم، لمسح الطرق التى تقع فى نطاقها، والتركير على الأماكن التى تعددت بها حوادث التثبيت والسرقة بالإكراه بدوريات سرية وأخرى بسيارات الشرطة.. أما داخل القاهرة فيتم نشر المخبرين السريين فى الشوارع التى تعددت البلاغات فيها، سواء بسرقة الموبايلات أو خطف الشنط أو التثبيت مع مرور دوريات من القسم التابعة له تلك الأماكن، ومتابعة الأماكن المتطرفة من دائرة القسم، والأماكن التى تعددت البلاغات منها ومتابعة العناصر الإجرامية الخطرة والمسجلين خطرا، للتأكد من مصادر دخلهم ومشروعية حياتهم.
ونصح «نور» المواطنين بعدم السير فى الطرق الصحراوية والسريعة بشكل منفرد؛ بل من خلال عدد من السيارات التى تسير فى الطريق الواحد، واختيار طرق سليمة ليست بها مطبات أو غير ممهدة حتى لا تتم التهدئة والتوقف فيها كثيرا، واختيار الأوقات المناسبة للسفر وعدم حمل أموال أو مُتعلقات ذهبية أو أشياء ثمينة.