القضاء.. المرأة المسيحيّة تتساوى مع الرجل فى الميراث
تقرير - سارة حامد
فى سابقة هى الأولى من نوعها، أصدرت محكمة استئناف القاهرة الدائرة ١٥٨ أحوال شخصية حكمها أن تتساوى المرأة القبطية مع شقيقها فى الميراث استنادًا للمادة الثالثة من الدستور فى الاحتكام للشرائع المسيحية، والمادة ٢٤٧ من لائحة الأقباط الأرثوذكس، دون الاستناد للشريعة الإسلامية فى مواد المواريث، وهو الأمر الذى أثار الجدل بين الأقباط.
القس لوقا راضى، كاهن كنيسة ماريوحنا المعمدان بالقوصية، قال إن المرأة المسيحية تتساوى بالرجل المسيحى فى المواريث، لأنها إنسان كامل أمام الله والعالم، لذلك يؤخذ بشهادتها أمام المحاكم وأيضا تعادل الرجل المسيحى فى الميراث وفقا للكتاب المقدس والعقيدة المسيحية، التى توارثها الأقباط من الآباء والتعاليم المسيحية، وأدعو كافة الأقباط بأن يعودوا إلى كنائسهم فى حال اختلافهم فى تقسيم الإرث وأن يتذكروا قصة النبى إبراهيم وأخيه لوط، التى جاءت فى الكتاب المقدس.
بيتر النجار، المحامى المتخصص فى الأحوال الشخصية المسيحية، قال إن الحكم بمساواة المرأة المسيحية بالرجل فى الميراث مخالف للمادة ٢٤٧ من لائحة الأقباط الأرثوذكس، التى تنص على « إذا لم يكن للمورث فرع ولا أب ولا أم فإن صافى تركته بعد استيفاء نصيب الزوج أو الزوجة يؤول إلى إخوته وأخواته، ويقسم بينهم حصصًا متساوية متى كانوا متحدين فى القوة بأن كانوا كلهم إخوة أشقاء أو إخوة لأب أو لأم لا فرق فى ذلك بين الأخ والأخت.
وأضاف إذا كان للمورث مثلا أخ شقيق أو أخت شقيقة وأخ أو أخت لأب وأخ أو أخت لأم فيقسم صافى الإرث على ستة أسهم فيكون للشقيق أو للشقيقة ثلاثة أسهم أى النصف ولأخيه أو أخته من أبيه سهمان أى الثلث ولأخيه أو أخته من أمه منهم سهم واحد أى السدس، وإن كان للمورث ثلاثة إخوة أشقاء واثنان لأب وأخ لأم فلكل من الأشقاء ثلاثة أسهم فيكون للثلاثة تسعة أسهم، ولكل من الأختين لأب سهمان فيكون للأخوين أربعة أسهم وللأخ لأم سهم واحد أى أن صافى التركة يقسم فى هذه الحالة إلى أربعة عشر سهمًا، فيما يختص بالإرث بالنيابة فإن الفرع لا يحجبه إلا أصله الموجود على قيد الحياة.
وأكد النجار، أن المرأة المسيحية تساوى بالرجل المسيحى فى حالة إذا لم يكن للمتوفى أبناء أو آباء أو أشقاء على عكس الحكم الصادر لان للمتوفى له شقيقه وشقيق، أما إذا لم يكن للمتوفى يؤول الميراث لأبناء الأعمام «ذكران وإناث» وتوزع التركه فيما بينهم بالتساوي، لافتا إلى أن المحكمة فى حكمها لا يجوز أن تستند إلى الدستور لأنه يخاطب المشرع ومجلس النواب، بل تحتكم إلى القوانين وبما أن الدولة المصرية تطبق قانونا عاما على الأحوال الشخصية عدا فى حالة الزواج والطلاق المسيحى، لذا فالحكم بمساواة المرأة المسيحية بالرجل المسيحى غير قانونية لأن الأقباط تطبق عليهم الشريعة الإسلامية وليس وفقا للمادة الثالثة من الدستور لأنها لم تتبلور فى قوانين مفسرة لها وجاء نصها «مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشؤونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية».
محامى الأحوال الشخصية، أشار إلى أن الحكم انحرف عن تطبيق القانون العام رافضا تشريع قانون للمواريث الأقباط لأنه سيخالف مواد الدستور، التى تساوى بين المصريين فى الحقوق والحريات لذلك يلزم تطبيق قانون عام فى الأحوال الشخصية على المصريين سواء مسلمين أو الأقباط وأن يكون قانونا مدنيا لا يستند على الشريعة الإسلامية أو المسيحية، لافتًا إلى أنه فى حال أصدرت المحكمة حكمين نهائيين واجبى النفاذ، وجب على المتضرر أو صاحب المصلحة اللجوء للمحكمة الدستورية العليا للفصل بينهما ووقف تنفيذ الحكم.
قال أشرف أنيس، مؤسس رابطة للأحوال الشخصية المسيحية، إن الحكم الصادر فى محكمة استئناف القاهرة الدائرة ١٥٨ أحوال شخصية هو حكم غير ملزم ولا يطبق على جميع محاكم مصر فى قضايا مواريث الأقباط لأنه لا يوجد مادة فى القانون تؤكد ذلك كما أن مشروع قوانين الأحوال الشخصية، التى قدمت إلى الجهات المختصة لم تتطرق إلى قوانين المواريث أو قوانين التبنى، التى تعتبر أساس المسيحية فى الأحوال الشخصية، لكنها تخالف مبادئ الشريعة الإسلامية، التى نص عليها الدستور بأنها المصدر الرئيسى للتشريع، ومن ثم أى محكمة أخرى يمكنها عدم الأخذ بهذا الحكم.
من ناحية أخرى أكد «أنيس» أن نفس تفسيرات قانون الأحوال الشخصية حدثت حين وقع تغيير لائحة أقباط ٣٨ سنة ٢٠٠٨ وصدرت بعض أحكام من بعض الدوائر بعدم الاعتراف بالتعديل الذى طبقته دوائر قضائية أخرى، ومن ثم يجوز للطرف، الذى صدر له الحكم بأن يرفع دعوى قضائية بعدم الاعتداد بالحكم لأنه لا يوجد مواد قانونية ملزمة للقاضى بتفعيله، وأن المواريث حتى الوقت الحالى يحتكم فيها للشريعة الإسلامية وتطبق على الأقباط مثل النفقة والرؤية وغيرها من باقى قوانين الأحوال الشخصية.
وأشار إلى أن قانون الأحوال الشخصية، الذى سيناقش فى مجلس النواب متوقف على أن تتحد الطوائف والكنائس على قانون موحد بينهم فى جميع بنوده وخصوصًا الطلاق، فى حين أن الطوائف المسيحية لن تتفق على بنود طلاق واحدة لأن كل طائفة ملتزمة بتفسير آيات الطلاق حسب قناعتها وحسب ما تم تسلمه من تراث دينى لتلك الطوائف، لذلك نكرر استغاثتنا لكل مسئول فى الدولة وخصوصا مجلس النواب بأن يسرع فى اتخاذ ما يلزم نحو قوانين الأحوال الشخصية للمسيحيين مع مراعاة أن يكون موافقا مع كافة بنود الدستور وأهمها أن لايفرق بين أبناء الشعب الواحد، وكذلك من حق كل إنسان فى تكوين أسرة مستقرة.