رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


تريزا ماى.. نيكولا ستورجن.. صراع نسائى بسبب «البريكست»

23-3-2017 | 11:27


تقرير: سناء حنفى

يمضى الإسكتلنديون قدماً فى تأكيد رغبتهم في الانفصال عن المملكة المتحدة ورسم الخطط التى ستؤهلهم لهذا الانفصال موجهين إلى بريطانيا أكبر لطمة في وقت تقوم فيه بتفعيل المادة ٥٠ من معاهدة لشبونة لإطلاق العد التنازلى لعامين من التفاوض قبل نهاية مارس وبدء طريقها الطويل والشاق للخروج من الاتحاد الأوربى. عواقب هذا الانفصال كما أجمع المحللون ستكون خطيرة على بريطانيا العظمى من الناحيتين السياسية والاقتصادية وهو ما يحاول الساسة تفاديه وتقليص الخسائر بقدر الإمكان بل وتحويلها إلى مكاسب.

 

تريزا ماى

من جديد تتعرض بريطانيا لخطر التقسيم وللمرة الثانية وبعد أقل من ثلاثة أعوام تعلن رئيسة الوزراء الإسكتلندية نيكولا ستورجن عن رغبتها فى إجراء استفتاء حول استقلال بلادها عن المملكة المتحدة في الفترة بين خريف عام ٢٠١٨ وحتى ربيع عام ٢٠١٩ فى نفس الوقت الذى تجرى فيه مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوربى وقبل الانتهاء منها. وتعد هذه الخطوة مغامرة جديدة قد تخلف عواقب وخيمة على الطرفين.

وتحتاج الموافقة على إجراء الاستفتاء فى إسكتلندا للمرة الثانية لموافقة البرلمان البريطانى وكذلك رئيسة الوزراء تريزا ماى. وليس من المتوقع إنكار حق الشعب الإسكتلندى فى إجراء الاستفتاء الثانى خوفاً من تأجيج المشاعر القومية فى إسكتلندا وزيادة مطالب الانفصال على الرغم من إعلان ماى أن الحفاظ على وحدة بريطانيا تتصدر قائمة أولوياتها كما أعلن مكتبها أنه ينبغى عدم إجراء استفتاء ثان بعدما صوت الإسكتلنديون فى سبتمبر عام ٢٠١٤ لصالح البقاء فى المملكة بنسبة ٥٥٪ مقابل ٤٥٪ للرافضين لأن ذلك لن يساهم إلا فى زيادة التوتر مع إدنبرة، كما حذرت تريزا ماى أيضاً أن إجراء هذا الاستفتاء سيشكل عامل انقسام وسيؤدى إلى حالة من الضبابية الاقتصادية فى أسوأ وقت ممكن وقد ردت رئيسة وزراء إسكتلندا على انتقادات تريزا ماى لها بأنها لم ينتخبها أحد رغم أنها تعلم جيداً أن إجراء الاستفتاء أثناء المفاوضات يمثل ضغطاً هائلاً على الحكومة البريطانية التى ستكون عاجزة عن القتال على جبهة أخرى فى إسكتلندا وهو ما دفع ماى بتأجيل إجراء أي استفتاء حتى تتضح علاقة بريطانيا مع الاتحاد الأوربى.

وسوف يعقد قادة دول الاتحاد البالغ عددهم ٢٧ دولة قمة فى السادس من أبريل القادم يقومون فيه بتحديد الخطوط والتوجيهات للمفاوضات المقبلة وسوف يسعون لإظهار وحدتهم فى مواجهة بريطانيا التى تعانى من الانقسامات التى قد تستغل ضدها. والمعروف أن تكلفة الخروج من الاتحاد باهظة تقدر بنحو ستين مليار يورو التى تمثل القيمة التى تعهدت لندن بدفعها فى إطار مساهمتها في ميزانية الاتحاد. وهناك أيضاً مصير الأوربيين المقيمين فى بريطانيا والبالغ عددهم نحو ٣ ملايين شخص ترفض ماى ضمان حقوقهم قبل الحصول على ضمانات مماثلة لنحو ١.٢ مليون بريطانى يعيشون فى الاتحاد الأوربى.

ويمكن أن يؤدى إجراء الاستفتاء الثانى لإسكتلندا قبل وضوح معالم الاتفاق الذى ستصل إليه بريطانيا مع الاتحاد الأوربى إلى الإضرار بمصالح إسكتلندا أولاً من خلال تعكير أجواء المحادثات التى سيكون لإسكتلندا حصة فيها سواء كجزء من بريطانيا أو خارجها.

ومن ناحية أخرى فإن الخروج من الاتحاد الأوربى يجعل الحياة أصعب بالنسبة للمؤيدين لوحدة البلاد. وبالفعل فإن ماى تجد أن موقفها إزاء الاتحاد الأوربى يزيد من صعوبة دفاعها عن وحدة بريطانيا. في نفس الوقت تؤكد ستورجن أنها تريد من هذا الاستفتاء أن تتيح للإسكتلنديين الفرصة للسيطرة على الأحداث بدلاً من البقاء تحت رحمتها وأن يكون فى وسع إسكتلندا تقرير مستقبلها خاصة وأنها عارضت الخروج من الاتحاد الأوربى بنسبة ٦٢٪ بينما أيده البريطانيون وهو الأمر الذى تستمر فى تنفيذه رئيسة الوزراء البريطانية.

ويخشى الإسكتلنديون أن تهدد عملية البريكست الشاقة وظائفهم وسبل عيشهم. وتصر ستورجن على استمرار التجارة الحرة بين إسكتلندا وباقى أنحاء بريطانيا مهما كانت نتائج الاستفتاء لكن هذا سيكون أكثر صعوبة إذا انضمت إسكتلندا مرة أخرى للاتحاد الأوربى أو أصبحت جزءاً من المجموعة الأوربية للتجارة الحرة، حيث ستطبق القواعد المنظمة عليها كعضو في الاتحاد الأوربى وهذا سيزيد من تعقيد التجارة بين إسكتلندا وبريطانيا التى تمثل أكبر سوق لها. وترسل إسكتلندا نحو ثلثى صادراتها لباقى أنحاء بريطانيا بالمقارنة مع أقل من ٢٠٪ إلى الاتحاد الأوربى.

ويرى المراقبون أن الإسكتلنديين إذا كانوا سيستعيدون سيادة بلادهم من خلال انفصالهم عن التاج البريطانى إلا أن بلادهم من ناحية أخرى ستفقد النفوذ الذى تتمتع به كعضو فى دولة أكثر قوة، كما أن هذا سيأتى على حساب مقعدها فى مجلس الأمن وعضويتها فى مجموعة السبعة.

وربما يكون الجانب المشرق فى خروج إسكتلندا من عباءة بريطانيا يكمن فى أنها على وشك أن تصبح من أغنى الدول بعد اكتشاف ثروة هائلة من النفط فى بحر الشمال للسواحل الشرقية لها وهو ما يجعلها تنفرد عن بقية بريطانيا بثروات طبيعية ضخمة إضافة إلى تصدير منتجاتها إلى بريطانيا كمنتجات أجنبية وليس كناتج محلى بريطانى والذى سيؤدى بدوره إلى زيادة الدخل السنوى للمواطن الإسكتلندى بنسبة .١٥٪

وربما ستكون الحكومة البريطانية هى الخاسر الأكبر من الانفصال حيث ستخسر نحو ثلث المساحة الحالية لبريطانيا وانخفاض عدد السكان بشكل مفاجئ بحوالى ٦ ملايين مواطن، هذا إلى جانب انهيار قيمة الجنيه الاسترلينى بنسبة ١٠٪ تدريجياً مع خسارة سنوية للدخل القومى للمملكة المتحدة بنحو ٣٠٠ مليار دولار. وترجح استطلاعات الرأى عدم نجاح نيكولا ستورجن في الاستفتاء الثانى كما حدث من قبل على الرغم من أن هناك مخاوف من انفلات عقد المملكة المتحدة بأكملها.. وتشير التقارير الصحفية إلى وجود مطالبات واسعة بعقد استفتاءات مماثلة فى ويلز وأيرلندا الشمالية الخاضعتين لحكم الكومنولث بالمملكة المتحدة. واستفتاء استقلال أيرلندا سيفتح الباب أمام فكرة إعادة توحيد أيرلندا مرة أخرى وهو ما سيعزز نجاح الاستفتاء في حال الدعوة له. وقد ذكرت مصادر من داخل القصر الملكى أن الملكة إليزابيث الثانية تخشى أن تكون آخر ملكات إسكتلندا بعد ٣٠٠ عام من الوحدة وأن تشهد إنجلترا غروب الشمس عن إمبراطوريتها بعد أكثر من ٧ قرون.