رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


البورصة تواجه أسوأ انهيار لها منذ سنوات.. والطروحات الحكومية وضخ سيولة من الصندوق السيادي هما «طوق النجاة»

16-9-2018 | 18:17


استيقظت البورصة المصرية، اليوم الأحد، على كارثة حقيقية، إذ أُصيبت بنزيف حاد من الخسائر في أسهمها، لم تعهده منذ فترة طويلة، مُنهية تعاملات اليوم بخسائر بلغت نحو الـ 24 مليار جنيه، ليُعد هذا الانهيار من  أسوأ الانهيارات التي واجهت البورصة المصرية في جلسة واحدة.

الصرخات تتعالى من قبل المستثمرين المصريين، إثر هذا التراجع الحاد الذي لم يكن في الحُسبان، وحالة من الهلع أصابت المحللين الفنيين، إذ وصفوا أداء البورصة الأخير بـ"الهستيري" وغير المفهوم.

ﺍﻟﻤﺆﺷﺮ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﻠﺴﻮﻕ " EGx30 " تهاوى إلى المنطقة الحمراء بقوة، حيث تراجع ﺑﻨﺴﺒﺔ 3.61 %، ﻟﻴﺴﺘﻘﺮ عند مستوى 14755 نقطة، كما رافقه في التراجع ﻣﺆﺷﺮ "EGX50 " مُنخفضاً ﺑﻨﺴﺒﺔ 3.79 % ﻣﺴﺘﻘﺮًّﺍ عند ﻣﺴﺘﻮﻯ 2357 نقطة.

كما تراجع مؤشر ﺍﻷسهم ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟمتوسطة "EGX70 "، ﺑﻨﺴﺒﺔ 1.23 %، ﻟﻴﺴﺘﻘﺮ عند ﻣﺴﺘﻮﻯ 733 نقطة، وانخفض ﺍﻟﻤﺆﺷﺮ ﺍﻷﻭﺳﻊ نطاقا " EGX100" ﺑﻨﺴﺒﺔ 1.87% ﻣﺴﺘﻘﺮًّﺍ عند 1864 نقطة.

النصيب الأكبر لأداء الأسهم  كان أيضا «التراجع»، حيث انخفض 135 سهما، من جملة 180 سهمًا تم التعامل عليها بجلسة اليوم، لتنجو ثمانية أسهم فقط، بينما لم تتغير 37 سهمًا، سواء بالارتفاع أو الانخفاض.

الأسهم الثمانية الناجية جاءت كما يلي: «الإسكندرية للخدمات الطبية، المركز الطبي الجديد، شمال الصعيد للتنمية والإنتاج الزراعي (نيوداب)، عبورلاند للصناعات الغذائية، القاهرة للإسكان والتعمير، الشركة العالمية للاستثمار والتنمية، اكرو مصر للشدات والسقلات المعدنية، البنك المصري الخليجي، وأخيراً المصرية للأقمار الصناعية (نايل سات)».


تخارج الأجانب

عدة أسباب كانت وراء هذا التراجع وهذا النزيف، يأتي على رأسها تخارج المستثمرين الأجانب من السوق المصري، حيث كشفت بيانات البنك المركزي المصري منذ أسبوع، عن تراجع استثمارات الأجانب بالعملة المحلية في أذون الخزانة إلى نحو 269 مليار جنيه (نحو 15 مليار دولار) نهاية يوليو 2018.

واستناداً إلى تقرير المركزي الصادر الخميس الماضي ، فقد سحب الأجانب نحو 8.1 مليار دولار من مصر خلال أربعة أشهر في الفترة بين أبريل حتى نهاية يوليو من العام الجاري.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي خلال تعاملات اليوم فقط، بلغت مبيعات المستثمرين الأجانب بالبورصة المصرية، نحو 916.9 مليون جنيه، مقابل مشتريات بقيمة 72.8 مليون جنيه، ليبلغ الصافي البيعي 844 مليون جنيه، أي ما يقرب من مليار جنيه في يوم واحد.

عدة دوافع أدت إلى تخارج المستثمرين الأجانب كان على رأسها، بحث الأجانب عن فرص استثمار أفضل، ورفع الدول المجاروة لأسعار الفائدة، لجذب المستثمرين إليها، من ضمن تلك الدول تركيا، حيث أعلن البنك المركزي التركي، مساء الخميس، رفع سعر الفائدة الرئيسي 625 نقطة أساس، إلى 24%، ما يعني أن البنك رفع أسعار الفائدة بمقدار 11.25 نقطة مئوية منذ أواخر أبريل في مسعى لوقف هبوط الليرة المتداعي.

هذا فضلاً عن رفع البنك المركزي الأرجنتيني، نهاية أغسطس سعر الفائدة 15% دفعة واحدة، لتصل إلى 60%، في خطوة مفاجئة، لوقف الهبوط الحاد للعملة المحلية «البيزو»، كما أنه من المحتمل قيام الولايات المتحدة برفع الفائدة بالشهر المقبل، كل هذا يؤدي إلى سحب استثمارات الأجانب من الدول المجاورة وضخها في تلك الدول للاستفادة من معدلات الفائدة المرتفعة.

من جانب آخر، كان لكثرة الاكتتابات يد في هذا التراجع المتواصل؛ إذ ساهمت بدوره في سحب السيولة المالية من السوق، والمساعدة على شح تواجدها، مما زاد الأمر سوءاً.

ومن الأسباب الأخرى التي أدت لانهيار البورصة اليوم، العنفوان البيعي من المستثمرين، وجاء ذلك نتيجة لأنباء القبض على علاء وجمال مبارك، نجلي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وثلاثة متهمين آخرين، هم «حسن هيكل نجل الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، وأحمد فتحي، وياسر الملواني»، وحبسهم على ذمة قضية "التلاعب بالبورصة".

فبناءً على هذه الأنباء؛ تراجع سهم المجموعة المالية «هيرمس القابضة»- أحد الاسهم القيادية المؤثرة في حركة السوق- بنسبة 8.56% بختام جلسة تداول اليوم الأحد، بداية جلسات الأسبوع، ليصل إلى مستوى 15.59 جنيه للسهم.

هذا التراجع أيضا جاء رغم ما أعلنته «هيرميس» للبورصة المصرية اليوم في بيان، عن كونها ليست طرفًا في القضية المنظورة، وأن أنشطة الشركة وعملياتها مستمرة كالمعتاد في ظل الإدارة الحالية، مشيرة إلى أن ياسر الملواني، يشغل حاليًا منصب نائب رئيس مجلس إدارة الشركة غير التنفيذي منذ ديسمبر 2014.


أسباب أخرى والأمل

الأسباب السابقة كانت الدافع الرئيسي في تراجع البورصة المصرية، وانهيارها اليوم، إضافةً لعدم تواجد أنباء إيجابية بالساحة الاقتصادية، وعدم توافر السيولة المالية داخل أروقة البورصة- التي تُشجع بدورها على الاستثمار ومن ثم الصعود- ولعل الأمل الوحيد المنتظر أمام المستثمرين هو قرارات الحكومة بشأن الطروحات الحكومية وضخ السيولة المالية في السوق المنتظرة من قبل "الصندوق السيادي"، ليُصبحا بمثابة طوق نجاة البورصة من الانهيار.

كانت هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، قد صرحت منذ أيام، بأن الصندوق سوف يستثمر في 5 قطاعات خلال انطلاقته الأولى، وهي: «السياحة، التصنيع، البتروكيماويات، الأدوية، وأخيراً الأعمال الزراعية».

كما شددت «السعيد»، على أن الصندوق لن يكتفي بهذه القطاعات وسوف يستكشف لاحقا الفرص الدولية بالتعاون مع الصناديق العربية والصناديق العالمية.

ووافق مجلس النواب نهائيا على مشروع القانون المقدم من الحكومة، بشأن قانون إنشاء صندوق مصر السيادي برأس مال 200 مليار جنيه، وتصديق الرئيس عبد الفتاح السيسى على قانون إنشاء هيئة تنمية الصعيد، والتي ستتولى وضع خطة للإسراع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية الشاملة لمناطق إقليم جنوب الصعيد والمناطق الحدودية والمحرومة تصدرا أبرز التطورات الاقتصادية التي شهدتها مصر خلال الأسبوع الماضي.