رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


الإفراج عن القس الأمريكي يفضح زيف خطاب أردوغان الناري

12-10-2018 | 20:16


كشفت "مسرحية" محاكمة القس الأمريكي أندرو برانسون، التي انتهت فصولها الجمعة، بالإعلان عن إطلاق سراح القس، فصلا جديدا من مسلسل الخداع الذي يلعب بطولته الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتصريحات "نارية خادعة" بعيدة عن الواقع.

فقبل ساعات من صدور الحكم التركي بإطلاق سراح برانسون، الجمعة، أكدت تقارير صحفية أمريكية إبرام صفقة بين واشنطن وأنقرة، يتم بموجبها الإفراج عن القس مقابل رفع الإجراءات العقابية التجارية الأمريكية تجاه تركيا.

وكشف مسئولان أمريكيان كبيران لصحيفة "واشنطن بوست"، الخميس، أنهما على علم بقرار الإفراج عن برانسون، ورسما المسار الذي تبعه القضاء التركي تماما، الجمعة، ليؤكدا حدوث الصفقة.

وقالت الصحيفة، إن المحكمة ستصدر حكما مخففا على برانسون، بما يكفل له الحرية بعد ما قضاه على ذمة القضية، ويسمح له بالرحيل عن تركيا والعودة إلى الولايات المتحدة، وهو ما حدث بالفعل، حيث حكم على الرجل بالسجن 3 سنوات وشهر و15 يوما، مما يعني أنه تم إطلاق سراحه، لأنه وفق القانون التركي، فإن من يحكم عليه بـ3 سنوات، يطلق سراحه بعد عامين من السجن، وهو ما قضاه برانسون فعليا.

وكانت محطة "إن.بي.سي نيوز" قد ذكرت وفي وقت سابق الخميس، أن الولايات المتحدة وتركيا، توصلتا لاتفاق يطلق بموجبه سراح برانسون، وتسقط اتهامات بعينها موجهة له خلال الجلسة المقبلة من محاكمته المقرر عقدها الجمعة.

ونقلت المحطة عن مسيولين، وشخص ثالث على اطلاع بالأمر، توقعهم بأن يعود برانسون إلى منزله في ولاية نورث كارولينا، خلال الأيام المقبلة، بعد إفراج الحكومة التركية عنه.

وأوضحت المصادر، أن الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الجاري، يقضي بإسقاط القضاء التركي في جلسة الجمعة، عددا من التهم الموجهة لرجل الدين الأمريكي.

وهاجم أردوغان في أكثر من مناسبة الولايات المتحدة الأمريكية، مشددا على أن مصير برانسون بيد القضاء وحده، نافيا بشكل قاطع وجود صفقة أمريكية تركية بخصوص الأمر.

وصّرح في يوليو الماضي: "في رأيي هذه حرب نفسية ولن نتراجع مع العقوبات الأمريكية، ونحن لم نساوم في قضية برانسون".

وفي تغريدة على حسابه بتويتر، قال أردوغان: "إن من يظنون أن بإمكانهم ردعنا باستخدام لغة التهديد أو فرض عقوبات لم يعرفوا هذا الشعب بتاتا".

وأضاف: "من الواضح أن من يتهموننا بعدم معرفتنا بحيثيات النظام الأمريكي لا يعرفون شيئا عن تاريخ أمتنا. ونحن لن ننحني بتاتا لهذا النوع من الضغوطات".

ووفقا لوسائل إعلام تركية، فقد صرّح الرئيس التركي، الخميس، خلال لقائه عددا من الصحفيين على متن الطائرة الرئاسية أثناء عودته من زيارة أجراها للمجر: "تركيا دولة قانون، وعلى الجميع احترام القرار الذي سيصدر بحق القس الأمريكي أندري برانسون الذي يحاكم في تركيا بقضايا تجسس وإرهاب".

وأوضح أن القانون يطبق على الجميع في تركيا، وأنه لا يمكن لأحد التدخل في قرارات الأجهزة القضائية، بما في ذلك رئيس الجمهورية.

وفي يوليو، حذر أردوغان الولايات المتحدة، من أن فرض عقوبات لن يجبر أنقرة على "التراجع"، ونقلت صحيفة حرييت التركية عنه: "على الولايات المتحدة ألا تنسى أنها يمكن أن تخسر شريكا قويا ومخلصا مثل تركيا ما لم تغير موقفها".

وبيّن أن: "تغيير الموقف مشكلة ترامب، وليس مشكلتي"، واصفا التهديدات الأمريكية بـ"الحرب النفسية".

لكن يبدو أن أردوغان أدرك أن مصالحه المتشابكة مع الولايات المتحدة، بدءا من كونهما عضوين في حلف شمال الأطلسي، مرورا بالملف الكردي في الحرب السورية، فضلا عن قضية رجل الدين التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، وانتهاء بالعقوبات الأمريكية التي ساهمت في فقدان الليرة التركية لـ40 في المائة من قيمتها هذا العام، جعلت الرئيس التركي يلجأ لطريق الخداع المعتاد، والظهور كبطل قومي أمام شعبه في الوقت الذي يفاوض فيه الولايات المتحدة على إنهاء عقوباتها.

وانتهج أردوغان ذات الأسلوب خلال تعاطيه مع أزمة الطائرة الروسية التي أسقطها الطيران التركي قرب الحدود السورية، في نوفمبر من عام 2015.

ووصل أردوغان إلى ذروة لهجة التصعيد مع موسكو، عندما شدد على أن بلاده ستواصل التعامل مع أي جهة تخترق الأجواء التركية مثلما تصرفت مع القاذفة الروسية "سو 24"، منددا بالتدخل الروسي في سوريا.

إلا أنه بعد أشهر من الدفاع عن العمل التركي تجاه الطائرة الروسية، بزعم أنها اخترقت المجال الجوي، واستخدام "خطاب شعبوي" بهدف استقطاب الأتراك، لم تنته الأزمة سوى بعد اعتذار شخصي من أردوغان لنظيره الروسي فلاديمير بوتن، حيث قدم في العام 2016 "تعاطفه وتعازيه الحارة" لعائلة الطيار الروسي الذي قتل في إسقاط الطائرة، و"اعتذاره" لروسيا وبوتين، و"كل ما بوسعه لإصلاح العلاقات الودية بين أنقرة وموسكو"، وفقا لـ «سكاي نيوز».