قالت شبكة (سي.إن.إن) الإخبارية الأمريكية،
اليوم السبت، إن هناك قلقا متناميا بين المسؤولين الصينيين في بكين من أن يكون الرئيس
الأمريكي دونالد ترامب جادا في تهديده بالانقلاب على أنماط العلاقات الثنائية التي
اعتادتها الدولتان على مدار العقود القليلة الأخيرة.
وأوضحت الشبكة أن الأمر يمثل صدمة بالنسبة
لبكين أن تدرك أن التقارير بشأن مبادرة الإدارة الأمريكية بشأن مجابهة الصين أكثر من
مجرد كلام مرسل مشيرة إلى أنه منذ شهر يونيو تدهورت العلاقات الدبلوماسية الصينية الأمريكية
بشكل سريع على عدة أصعدة ليس فقط التجارية ولكن أيضا العسكرية والسياسية.
وأشارت الشبكة إلى أن الأمر قد لا يكون
بداية الحرب الباردة الجديدة لكن العلاقات بين الجانبين انزلقت إلى مستوى فاتر غير
مسبوق.
وقالت الشبكة إن الرئيس الصيني شي جين بينغ
قد يلتقي ترامب على هامش قمة مجموعة العشرين في بيونس إيريس في نوفمبر في محاولة للوصول
إلى تسوية. وينتاب خبراء سياسيون من الجانبين القلق من أن يكون هذا اللقاء متأخر للغاية
لإيجاد سبيل للعودة إلى الوراء.
وقال أورفيل سيشل مدير مركز إيجا سوسايتي
المتخصص في العلاقات الأمريكية الصينية ويتخذ من نيويورك مقرا له "هناك مد وجزر
في أمريكا بدرجة لم أشهدها في حياتي بعيدا عن المفاهيم القديمة بشأن المشاركة".
وأضافت (سي.إن.إن) أنه منذ عام ما كان ليتصور
سوى قليل من الناس أن تنخفض العلاقات الثنائية إلى هذه المستويات القياسية على صعيد
أهم شراكة دبلوماسية في العالم.
وأوضحت الشبكة أنه في التسعينيات وأوائل
الألفية الجديدة اعتاد الناس أن ينظروا إلى قضايا تايوان والتبت وأحداث "تيانانمين"
كالقضايا الأكثر إثارة للخلاف بين بكين وواشنطن لكن هذه القضايا الشائكة تلاشت على
مدار السنوات الماضية والآن تبدو تايوان عائدة إلى اهتمامات البيت الأبيض.
وقالت الشبكة إن نائب الرئيس الأمريكي مايك
بنس شن هجوما واسعا على السياسات الصينية بداية من انتهاكات حقوق الإنسان وحتى المزاعم
بشأن التدخل في الانتخابات الأمريكية.
وقال بنس إن الصين توظف منهجا حكوميا بحتا
يستخدم الأدوات السياسية والاقتصادية والعسكرية وكذلك الدعايا الإعلانية لبسط نفوذه
وللاستفادة من مصالحه في الولايات المتحدة.
وقارن كثير من المراقبين تصريحات بنس إلى
كلمة ونستون تشرشل الشهيرة "الستار الحديدي" وتنبأوا ببداية الحرب الباردة
الجديدة. وقالت "سي.إن.إن" إن واشنطن وبكين بذلتا جهودا مضنية لتنحية فكرة
كهذه جانبا، على الأقل علنا، إذ أبرز المسؤولون الصينيون استمرار المصالح الاقتصادية
الثنائية المتشابكة رغم الحرب التجارية.
وقالت سي.إن.إن إنه بعد أيام من تصريح بنس
ضاعف مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي تصريحات نائب الرئيس وقال إن الصين
تشكل خطرا أكبر على الولايات المتحدة من الخطر الذي تشكله روسيا.
وقال في جلسة استماع لمجلس الشيوخ يوم الأربعاء
الماضي "الصين تمثل بأشكال عديدة التهديد الاستخباراتي الأوسع والأكثر تعقيدا
والأطول مدى".
وقالت "سي.إن.إن " إنه في الولايات
المتحدة حيث أصبحت السياسيات حزبية إلى حد كبير، باتت الصين القضية الوحيدة التي يتفق
بشأنها الجمهوريون والديمقراطيون بما يصب في مصلحة ترامب إذ يتفق العديد من المسؤولين
الحكوميين والخبراء الأكاديميين ورواد الأعمال بشكل متزايد بشأن الحاجة إلى غربلة العلاقات
الصينية الأمريكية التي يقولون إنها ظلت لوقت طويل تصب في صالح الصين وهو نقطة طالما
سلط ترامب الضوء عليها.
وسلطت (سي. إن. إن) الضوء على تصريح ترامب
لبرنامج (فوكس أند فريندز) التلفزيوني يوم الخميس الماضي حيث قال "لقد عاشوا
(الصينيون) جيدا جدا لفترة طويلة جدا وبصراحة أعتقد أنهم يعتقدون أن الأمريكيين أغبياء..
الشعب الأمريكي ليس غبيا ".
وقال سيشل الخبير في (إيجا سوسايتي) إن
أمريكا تمر بمرحلة تضخم حرجة للغاية مضيفا "سننظر إلى الوراء وإما سنتمكن من الانسحاب
والعودة من على الهاوية أو سنمضي إلى الأمام ونقع في صدام للحضارات".
وقالت "سي.إن.إن" إن كثيرا من
الأمريكيين هللوا للكلمة الأخيرة لنائب الرئيس الأمريكي ووصفوها بأنها طال انتظارها.
وأوضحت الشبكة أن الإجماع الحزبي غير المعتاد
بشأن الصين يعني أنه حتى المتشككين بشأن ترامب سواء داخل أو خارج الإدارة يعطونه الصلاحية
للإطاحة بالتوازن الصيني بسياسته الخارجية التي تنتهج منهجا غير التقليدي ويصعب التنبؤ
به.
وقال مسؤول أمريكي بارز لـ"سي.إن.إن"
إن التعريفات التي فرضها ترامب على الواردات الصينية دفعت الحكومة الصينية المعروفة
بالتخطيط شديد الدقة إلى الإسراع في الردود متخذة إجراءات لا يبدو أنها تجدي نفعا.
وأشار المسؤول إلى أن استراتيجية ترامب
تعمل وسينهار الصينيون تحت الضغط الاقتصادي الكبير مشيرا إلى أن هناك دلائل على اتخاذ
بكين خطوة للتهدئة، بعد أن شنت في بادئ الأمر حربا كلامية متشددة عبر مسؤوليها وإعلامها
وأبلغ السفير الصيني في واشنطن محاورة أمريكية مؤخرا أن بلاده مستعدة لتقديم تنازلات
إن أظهر الأمريكيون "حسن النوايا".
وقالت "سي.إن.إن" إن بعض المسؤولين
الصينيين يشاطرون المحللين قلقهم من حدوث صدام مستقبلي بين الصين والولايات المتحدة
إن لم يتمتع أي قائد من الدولتين بالإرادة القوية للوصول إلى نقطة وسط سيدفع ذلك حتما
إلى صعود القوميين المتشددين في الحكومة الصينية والجيش.
واختتمت سي.إن.إن تحليلها بقولها إنه مع
اقتراب الشتاء في كل من الصين والولايات المتحدة يبدو مكمن القلق أن يتحول الفتور الأكبر
في تاريخ العلاقات بين البلدين إلى شتاء قارس البرودة.