في ذكراه الـ 150.. أشعار أمير الشعراء في فن عبد الوهاب
مائة وخمسون عاماً.. تحل اليوم على ذكرى
ميلاد أمير الشعراء أحمد شوقي، فهو المولود في 16 أكتوبر 1868 بحي الحنفي
بالقاهرة، وواكب ميلاده عصر النهضة والجمال في مصر، فكانت جدته وصيفة في قصر
الخديو إسماعيل باعث النهضة والعمارة في مصر، ويبدو أن مكتسب الشيء يسعى دائماً
للإغداق به، فقد تكفلت به جدته من حيث التربية والنشأة الرغدة، مما دعاه أن يتكفل
بموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب عندما تصادقا.
بدأت معرفة أمير الشعراء بعبد الوهاب
بتوصية إشفاق على ذلك الفتى النحيل من جهد السهر والعمل، فقد رآه أحمد شوقي يغني
وهو في سن الخامسة عشرة، فطلب من حكمدار القاهرة بإصدار أمر يمنع عمل وسهر الصغار
والفتيان ليلاً، وترك ذلك الحادث ألما في نفس عبد الوهاب الذي يجِد لينفق على نفسه
ويسعى لإظهار موهبته الفنية، وبعد تسع سنوات كان اللقاء الثاني عام 1924 عندما دعي
عبد الوهاب للغناء في نادي الموسيقى الشرقي بفندق سان استيفانو وكان أمير الشعراء
على رأس المدعوين، وأعجب هذه المرة شوقي بفن عبد الوهاب وبدأت الصداقة بينهما
وتكفله شوقي، إذ حرص على تثقيفه واصطحابه معه في رحلاته داخل مصر وخارجها وأعد له
غرفة خاصة في منزله وأطلق عليها "عش البلبل".
اتسمت أشعار شوقي بالوزن الموسيقي،
فقد كان بارعاً في انتقاء المفردات التي تحدث النغم في القصيد، وهذا ما دعا عبد
الوهاب إلى غناء الكثير من أشعار أحمد شوقي، وألف شوقي قصيدة شعرية لعبد الوهاب كي
يغنيها يوم زفاف ولده وكانت بعنوان دار البشاير وغناها عبد الوهاب عام 1924 وزف بها نجل شوقي، وفي نفس العام أيضاً
غنى عبد الوهاب ثلاثة من أشعار شوقي وهي قلبي بوادي الحمى ثم قلبي غدر بي ثم منى
روحي.
وفي عام 1925 غنى عبد الوهاب لشوقي
سيد القمر في سماه، وفي العام التالي انتقى من أشعاره أغنيتين وهما وطن جمالك
فؤادي ويا ليلة الوصل استني، أما عام 1927 فقد زادت الشوقيات في فن عبد الوهاب،
فقد غنى له خمس أغانٍ وهي اللي يحب الجمال ثم الليل بدموعه جاني، ثم أنا انطونيو
وخدعوها بقولهم حسناء واختتم ذلك العام بـ شبكتي قلبي يا عين، وفي عام 1928 غنى
عبد الوهاب من أشعار شوقي ثلاثة أغانٍ وهي دمشق وردت الروح وياجارة الوادي التي
غنتها فيروز فيما بعد، أما عام 1929 فلم يغنِ لشوقي سوى "يا ناعماً رقدت جفونه".
دأب عبد الوهاب على انتقاء روائع
الأشعار من حديقة شوقي الغنّاء ليقوم بغنائها في أوج صداقتهما، ففي عام 1930 غنى
له عبد الوهاب رائعته الشعرية بلبل حيران وتلفتت ظبية الوادي وإن قلبي لمخبري، أما
في عام رحيل شوقي وهو عام 1932 فقد غنى عبد الوهاب من أشعاره علموه كيف يجفو ثم في
الليل لما خلي وفي العام التالي غنى له النيل نجاشي ويا شراعاً وراء دجلة وكان شوقي
قد نظمها لتحية ملك العراق في ذكرى عيد جلوسه، وفي فيلم يوم سعيد عام 1940 غنى
عبد الوهاب سجى الليل من أشعار شوقي ، وفي عام 1943 غنى له أيضاً قصيدة دمشق
"سلام من صبا بردى، وعندما حدث الخلاف بين مصر والسودان عام 1945 غنى عبد
الوهاب قصيدة السودان "إلام الخلف بينكما" .
واصل عبد الوهاب غناء روائع أشعار شوقي سواء على
عوده أو بمصاحبة فرقة موسيقية ، حيث غنى قصيدة مضناك جفاه مرقده عام 1949 وبعدها
بعامين غنى له جبل التوباد ثم مقادير من جفنيك عام 1953 وكانت تلك القصيدة هي آخر
ما غنى عبد الوهاب من كنوز أشعار أحمد شوقي.