رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


في ذكرى رحيل فوزي.. "ماما زمانها جاية" أبكت جليل البنداري

20-10-2018 | 21:36


في ذكرى رحيل الموسيقار العبقري محمد فوزي، وهو الحالة الإستثنائية في تاريخ الموسيقى العربية لما استحدثه من أشكال غنائية سبق بها كل معاصريه من الملحنين ، وتميزت ألحانه بالسهولة وإضفاء البهجة على المتلقي من خلال روحه المرحة وابتسامته الدائمة، تطرح بوابة الهلال زاوية جديدة في إحدى أعماله الهامة التي دلف بها إلى عالم الطفولة لتسعدهم وتظل باقية على مدى الدهر، وهي أغنية "ماما زمانها جاية".

 

في إحدى رحلات محمد فوزي إلى ألمانيا حرص على سماع الموسيقى والألحان هناك، وأعجبه أغنية للأطفال هناك تتخللها ضحكة لطفل شديدة البهجة والجمال، ومن المؤكد أن هناك اختلافا كبيرا بين موسيقى الشرق والغرب، وقد ألهمت تلك الأغنية فوزي كي يعد أغنية للطفل المصري والعربي تتخللها نفس الضحكة.

 

أوردت د. حامدة كريمة الشاعر الكبير حسين السيد في كل أحاديثها التليفزيونية ملابسات مولد كلمات أغنية "ماما زمانها جاية" ، وأكدت أن والدها كان يرعى شقيقها وقت أن كانت والدتها تحاضر في الجامعة، فبدأ يهدئ الصغير الذي يبكي بقوله "ماما زمانها جاية .. جاية بعد شوية" ، وانتبه حسين السيد للموسيقى في تركيب الجملة، وعلى الفور سجلها في ورقة لتصبح مذهباً يبني عليه أغنية كاملة، وبعد أن انتهى من صياغة الأغنية عرضها على محمد فوزي، وكان بينهما تعاون سابق في مجال أغنية الطفل وهي "ذهب الليل".

 

لاقت كلمات حسين السيد كل الترحيب من محمد فوزي عند عودته من ألمانيا، فقد التقت أفكارهما، فها هي الكلمات التي يبحث عنها كي يقوم بتنفيذ فكرة الأغنية الألمانية التي أعجبته، وبسرعة قام فوزي بتلحين الأغنية وبقيت مشكلة وحيدة تعوق تسجيلها وهو صوت ضحكة الطفل التي تتخلل الأغنية، فقام بجلب دفعات من الأطفال لتسجيل أجمل ضحكاتهم، حتى قام بتسجيل 40 ضحكة لأربعين طفل مصري، ولم يجد بينها ما يطابق ضحكة الطفل الألماني، ما دعاه أن يستعين بضحكة الطفل الأصلية في الأغنية الألمانية ليدمجها مع صوته عند تسجيل اللحن.

 

حققت الأغنية نجاحاً مبهراً عند الكبار قبل الصغار، ونروي الكواليس التي تؤكد ذلك، فقد كانت تلك الأغنية هي الوحيدة التي ملكت قلب وزلزلت وجدان الكاتب الصحفي والشاعر جليل البنداري، وقد اعترف البنداري في حديث له أنه لا يسمع أي أغنية بصوت الرجال، فبرغم صداقته لكبار نجوم الطرب ومنهم عبد الوهاب وفريد الأطرش وعبد المطلب وغيرهم، إلا أنه كان يستمع فقط إلى الأغاني بصوت النساء مثل أم كلثوم وفايزة أحمد ونجاة الصغيرة وغيرهن .. أما حكايته مع أغنية "ماما زمانها جاية" فلم يبح البنداري بسر عشقه لها وقد كسر بها سياج اعتراضه على غناء الرجال ، وسمعها من فوزي وملكت وجدانه.

 

ذهب جليل البنداري إلى الموسيقار محمد عبد الوهاب في بيته وطلب منه أن يعلمه عزف الأغنية على البيانو، وبعد عدة جلسات أتقن البنداري عزفها، وعلى الفور قام بشراء بيانو خصيصاً لذلك ووضعه في منزله كي يستمتع بعزف الأغنية وغنائها في البيت باستمرار .. وحدث أن أفلس جليل البنداري بعد أن أنتج أحد الأفلام وتم الحجز على مقتنياته الثمينة ، وقد ذهب إليه صديقه مجدي العمروسي فوجده يعزف على البيانو ويغني "ماما زمانها جاية"، وسألها العمروسي عن أحواله فقال له أن المحضر سيأتي غداً لأخذ البيانو ، وطلب منه البنداري أن يذهب ويتركه في خلوته ، فغداً سيأتي المحضر ويحرمه من عزف أحب أغنية إلى قلبه .. تنهد العمروسي وخرج بخطىً بطيئة ، وتوارى قليلاً خلف الستارة قبل أن يخرج، فإذا به يجد دموع البنداري تنهمر وهو يغني "ماما زمانها جاية" .. بقي أن نشير أن البنداري ولد يتيم الأب ورعته أمه وعمل منذ طفولته كي ينفق على نفسه وأمه، فهل وجد في أغنية فوزي سلواه التي تداعب ذكريات طفولته؟