تجويف الفم بدءا من الشفاه حتى البلعوم يضم عالما رهيبا يموج بمئات الأنواع من الميكروبات الدقيقة، التى لا نراها ترتع على هيئة مستوطنات متعددة، كل مستوطنة تتكون من ملايين الميكروبات التى تتعايش على العائل، وهو نسيج وخلايا مكونات الفم فى توازن مناعى مدهش ومحير.
ويتعرف الجهاز الدفاعى فى الجسم على جميع هذه الأنواع، ويرصد "أنتيجيناتها" ليقف لها بالمرصاد، حتى لا تبدأ هذه الميكروبات غزوا مرضيا للإنسان .
ويوضح رئيس قسم الأمراض المتوطنة ومدير مركز الكبد الأسبق فى طب القاهرة الدكتور أحمد أبو مدين أن الجهاز المناعى داخل كل إنسان يتعرف على ميكروباته الموجودة بالفم، فيما تحدث الأزمة عند انتقالها من شخص إلى آخر، حيث لا يعرف الجهاز المناعى الجديد عنها شيئا.
وأضاف أبو مدين لـ"الهلال اليوم": "المأساة الحقيقية لا تبدأ بوجود هذه الميكروبات إلا عندما يفقد دفاع الجسم قدرته على تحجيم الدور المرضى لها".
وأوضح رئيس الأمراض المتوطنه أن مرض الإيدز يبدأ بانفلات الميكروبات لتغزو الأنسجة وتتلفها فى عملية تدميرية رهيبة، وعلى الرغم من أن طبيعة أغلب هذه الميكروبات غير مسببة للمرض، إلا أنها تصبح قاتلة فى بعض الأحيان.
وتابع: "بدراسة الوسط الميكروبى فى الفم تبين أنه يذخر بالميكروبات العديدة التى تتراكم على الأسنان والأغشية الحيوية الأخرى المبطنة لتجويف الفم بأكمله على هيئة طبقة بها أعداد رهيبة من المستعمرات التى تملك آلية انتهازية فى حالة تدهور مناعة الجسم لتهاجم الأنسجة، ولهذا فإن وسائل الدفاع فى الجسم تراقب وتحجم تكاثر هذه الميكروبات".