رئيس الوزراء خلال لقائه نائب الرئيس الصيني: نسعى لتأسيس مركز طاقة إقليمي بشرق المتوسط.. وإنشاء خط ربط كهربي مع قبرص.. وحريصون على إسهام المنطقة الصناعية لقناة السويس في تطوير حركة الملاحة الدولية
عقد الدكتور مصطفى
مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، جلسة مباحثات
موسعة اليوم بمقر مجلس الوزراء مع وانج تشي شان، نائب رئيس جمهورية الصين الشعبية والوفد
المرافق له الذي يتضمن نائب وزير الخارجية وسفير الصين لدي مصر، لاستعراض سبل دعم علاقات
التعاون القائمة بين مصر والصين في شتي المجالات. وحضر الجلسة عن الجانب المصري وزراء
التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، والسياحة، وقطاع الأعمال، ومساعد وزير الخارجية
للشئون الأسيوية.
ورحب رئيس الوزراء
بنائب الرئيس الصيني والوفد المرافق له، مشيراً إلى العلاقات التاريخية التي تجمع مصر
والصين، ومشيداً بالتطور الملحوظ للعلاقات الثنائية والتي أصبحت ترتقي إلى مستوى
"الشراكة الاستراتيجية الشاملة"، وبالتقدم الكبير الذي شهده التعاون الاقتصادي
والاستثماري بين البلدين، خاصة بعد التوقيع على اتفاقية "الشراكة الاستراتيجية
الشاملة" في ديسمبر 2014، وكذا "البرنامج التنفيذي لتعزيز علاقات الشراكة
الاستراتيجية الشاملة" بين البلدين خلال خمس سنوات (2016-2021).
ونوه رئيس الوزراء
إلى أن التوقيع اليوم على عدد من الوثائق بين الجانبين في المجالات ذات الاهتمام المشترك
هو تعميق للشراكة المتميزة التي تجمع البلدين، مضيفاً أن تبادل الزيارات رفيعة المستوى
أضفى مزيداً من الزخم على العلاقات الثنائية، وخير دليل على ذلك تلبية الرئيس عبد الفتاح
السيسي لدعوة الرئيس الصيني لزيارة الصين (5) مرات كان آخرها في سبتمبر 2018 للمشاركة
في قمة منتدى الصين-أفريقيا، في دلالة على عمق العلاقات التي تربط بين القيادات السياسية
في البلدين.
وفيما يتعلق بالعلاقات
الاقتصادية والفنية، أشار مدبولي إلى أن للحكومة المصرية توجهاً جاداً لتحقيق نمو اقتصادي
متسارع من خلال برنامج إصلاح اقتصادي وطني خالص، والذي يتم بالتوازي مع تنفيذ مشروعات
كبرى جاذبة للاستثمارات في مختلف المجالات.
كما نوه إلى إشادة المؤسسات المالية والاقتصادية
الدولية بمسار الإصلاح الاقتصادي في مصر، فضلاً عن ارتفاع تصنيف مصر الائتماني، والذي
جاء نتيجة الإصلاحات التشريعية التي تم اتخاذها وساهمت في تحسين مناخ الاستثمار وإزالة
أية معوقات تواجه المستثمرين، خاصة في ضوء تنفيذ توجيهات القيادة السياسية بتقديم حزم
خاصة من الحوافز الاستثمارية للمشروعات الاستثمارية الأجنبية الاستراتيجية.
وأشاد مدبولي بمساهمة
الشركات الصينية في المشروعات الكبرى من بينها العاصمة الإدارية، ومحطات توليد الكهرباء،
ومشروعات النقل.
وأكد على أهمية قائمة
المشروعات ذات الأولوية للجنة (2+2) التي تم توقيعها خلال الزيارة الرئاسية الأخيرة
في سبتمبر 2018، والتي مثلت دفعة جديدة للعلاقات الثنائية بين الجانبين لتنفيذ
(11) مشروعاً كبيراً بتمويل يقرب من (24) مليار دولار، مشيراً إلى أهمية تعزيز التعاون
مع الجانب الصيني في المشروعات الإنتاجية ذات الجدوى الاقتصادية والاستثمارات الأجنبية
المباشرة التي تخلق فرص عمل وتعتمد على نقل التكنولوجيا الحديثة، وهو ما يتسق مع اتجاه
الحكومة المصرية نحو زيادة الصادرات وإحلال الواردات.
وأشار رئيس الوزراء
خلال اللقاء إلى سعى مصر لتكون مركزاً إقليمياً للطاقة في شرق المتوسط ولتصدير الغاز
المسال لكل من أوروبا وآسيا، إضافة للتفاوض مع كل من قبرص واليونان لإنشاء خط الربط
الكهربي عالي الجهد من مصر إلى قبرص لتكون بذلك نقطة الربط بين أفريقيا وأوروبا في
إطار مبادرة الربط الكهربي الدولي.
وشدد على أهمية التعاون
مع الجانب الصيني في مجال النقل وخاصة تداول الحاويات وصناعة السفن وتصميم الموانئ،
وإنشاء مناطق لوجستية لبعض الصناعات الصينية الواعدة والاستفادة من بناء شبكة سكك حديدية
فائقة السرعة لربط دول مبادرة الحزام والطريق ببعضها.
وفيما يتعلق بمبادرة
الحزام والطريق، أكد رئيس الوزراء على مشاركة مصر في مبادرة الحزام والطريق واعتبار
قناة السويس محوراً هاماً على طريق الحرير البحري، وحرص الحكومة على أن تسهم المنطقة
الاقتصادية لقناة السويس في تطوير حركة الملاحة الدولية كمركز لوجيستي واقتصادي، معرباً
عن تطلع مصر إلى إقامة صناعات مشتركة ومتطورة للوصول لأسواق مختلفة واستفادة الجانب
الصيني من اتفاقيات التجارة الحرة التي تجمع مصر مع دول الاتحاد الأوروبي والكوميسا
والدول العربية.
وأكد مدبولي على
تثمين مصر الكبير لما تحقق في إطار قمة منتدى التعاون الصين أفريقيا، واهتمام الحكومة
المصرية بتعزيز أطر الشراكة بين الصين وأفريقيا في إطار تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي
في 2019، معرباً عن التقدير لسياسة الصين في إطار منتدى التعاون الصين- أفريقيا وآليات
التعاون مع الجنوب المختلفة المبنية على الفصل الكامل بين التعاون الاقتصادي والتجاري
والاعتبارات السياسية.
وأبدي رئيس الوزراء
تطلعه إلى زيادة معدلات السياحة الصينية إلى مصر، والتي شهدت على مدى السنوات الأخيرة
ارتفاعاً ملحوظاً حيث بلغ قرابة 300 ألف سائح في عام 2017.. وفي هذا السياق، أعربت
الدكتورة رانيا المشاط وزيرة السياحة عن حرص مصر على التعاون مع الصين في مجال النقل
والطيران بما يهدف إلى زيادة أعداد الوفود السياحية الصينية إلى مصر مشيدة في هذا الصدد
بزيادة حركة الطيران إلى مصر من مدن صينية مختلفة، هذا بالإضافة إلي التعاون مع المركز
الثقافي الصيني لتبادل الطلاب والمرشدين السياحيين. ومن جانبه، أشاد نائب الرئيس الصيني
بالحضارة المصرية المتنوعة حيث تفقد خلال زيارته إلى مصر عدداً من المواقع الأثرية
والمتاحف في محافظة الأقصر والقاهرة، معقباً في هذا الصدد "سأكون سفيراً للترويج
للسياحة المصرية".
ومن جانبه، أعرب
وانج تشي شان، نائب رئيس الصين عن سعادته بما لمسه من ترحاب كبير وكرم ضيافة وتعاون
من قبل المسئولين لإنجاح الهدف من الزيارة والخروج بأفضل نتائج بما يعود بالنفع ويحقق
مصالح شعبي البلدين الصديقين، مشيداً بما شهدته مصر من تقدم وتطوير في عهد الرئيس عبد
الفتاح السيسي، وبمتانة العلاقات الثنائية وما تشهده من حالة زخم تتضح من خلال الزيارات
المتبادلة لمسئولي البلدين وفي مقدمتها زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الصين
والتي أسهمت في الارتقاء بآفاق علاقات التعاون في مختلف المجالات إلى مستويات أرحب،
مشيراً إلي تطلع بلاده لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وأكد نائب الرئيس
الصيني علي حرص القيادة السياسية في بلاده علي تعزيز أطر التعاون القائمة مع مصر في
مختلف المجالات والتوسع فيها من خلال استغلال الفرص الاستثمارية الواعدة المتاحة في
السوق المصرية في ضوء ما يتم تنفيذه من مشروعات قومية كبرى، معرباً عن تطلع الشركات
الصينية العاملة في مصر إلى زيادة حجم استثماراتها، هذا إلى جانب حرص شركات صينية أخرى
على ضخ استثماراتها في السوق المصرية، خاصة في ظل إشادة عدد من المؤسسات الدولية بالتحسن
الملحوظ الذي طرأ علي مؤشرات أداء الاقتصاد المصري وما اتخذته الحكومة المصرية من إجراءات
إصلاح اقتصادي واجتماعي وتشريعي وما بذلته من جهود لتهيئة بيئة الأعمال وجذب المزيد
من الاستثمارات الأجنبية.
وأشار نائب الرئيس
الصيني إلى أن عمل الشركات الصينية في مصر ساهم في خلق العديد من فرص العمل، منوهاً
إلى المشاركة الفعالة للشركات الصينية في العاصمة الإدارية الجديدة، موضحاً أن الشركات
الصينية العاملة في مصر تستفيد من إعادة التصدير إلى أوروبا ومناطق مختلفة من العالم.
وأشاد نائب الرئيس
الصيني بالاستثمارات الكبيرة للحكومة المصرية خاصة في مجال الكهرباء والتي قضت على
المشكلات التي كانت تعاني منها مصر في السنوات الماضية، مؤكداً اهتمام بلاده بملف العجز
التجاري واتخاذها لخطوات مهمة في هذا الصدد من خلال تشجيع استيراد المنتجات المصرية،
حيث عرض آخر تطورات الاقتصاد الصيني وما يتم تنفيذه من إجراءات لتحقيق الحلم الصيني
من خلال التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
كما أعرب نائب الرئيس
الصيني عن ترحيب بلاده لمشاركة مصر كضيف شرف في الدورة الأولى لمعرض الصين الدولي للاستيراد
بمدينة شنغهاي المقرر عقده خلال الفترة من 5-10 نوفمبر 2018 نظراً لما يمثله المعرض
من فرصة لتعرف المستوردين الصينيين على المنتجات المصرية.. وفي هذا الصدد أبدى رئيس
الوزراء حرص مصر على المشاركة في المعرض، مؤكداً على أنه جاري الاستعداد لافتتاح الجناح
الوطني في المعرض بما يسمح بتدعيم العلاقات التجارية بين البلدين.
وجدد نائب الرئيس
الصيني دعوة بلاده لمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة الثنائية لمنتدى الحزام
والطريق للتعاون الدولي المقرر عقدها بنهاية أبريل 2019 في الصين، مشيراً إلى أن مبادرة
الحزام والطريق تحظي باهتمام عدد كبير من الدول، مبدياً حرص بلاده على تطوير التعاون
مع مصر في خطة تطوير محور قناة السويس.
وخلال الاجتماع،
ثمنت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري ما تشهده العلاقات
المصرية الصينية من تطور كبير في السنوات الماضية، معربة عن تطلعها إلى الاستفادة من
التجربة الصينية فيما يتعلق بالصناديق السيادية وإمكانية التوصل إلى أطر تعاون مشتركة
بين الصناديق الصينية وصندوق مصر السيادي.
كما أعرب هشام توفيق
وزير قطاع الأعمال خلال الاجتماع عن تطلع مصر إلى التعاون مع الصين في مجالات عدة للاستفادة
من خبراتها، خاصة في ظل ما تقوم به الحكومة المصرية حالياً من إعادة تأهيل 16 صناعة
من بينها صناعة الحديد والصلب، وإنتاج السيارات، وصناعة إطارات السيارات، والجرارات
الزراعية، والصناعات الدوائية، وإنتاج الطاقة الشمسية للمصانع، وصناعة الألومنيوم،
ومن جانبه أكد نائب الرئيس الصيني أن هناك تكاملاً في التعاون بين البلدين فيما يتعلق
بالطاقة الإنتاجية، مشيراً إلى أنه سيتم دراسة كافة تلك المقترحات لتعزيز أطر التعاون
الثنائية.
وعقب جلسة المباحثات
الموسعة، شهد رئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس جمهورية الصين الشعبية مراسم التوقيع على
3 اتفاقيات ومذكرة تفاهم في مجالات الزراعة، والآثار، والتعليم بين الجانب المصري والجانب
الصيني.
وفي مجال التعليم،
تم التوقيع على اتفاقية بشأن "منحة لتمويل وتنفيذ مشروع تطوير نظام التعليم عن
بعد للمرحلتين الأولى والثانية وتنفيذ المرحلة الثالثة" بتكلفة 11,5 مليون دولار
بين وزارة الاستثمار والتعاون الدولي المصرية ممثلة في الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار
والتعاون الدولي، والهيئة الوطنية الصينية للتعاون الإنمائي الدولي ممثلة في سونج إيجيو
سفير الصين لدي مصر.
وتأتي المنحة للاستثمار في العنصر البشري في إطار
مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لدعم الاستثمار في العنصر البشري، حيث يهدف مشروع
تطوير التعليم عن بعد إلى استخدام تكنولوجيا المعلومات لإنشاء نظام تعليمي شامل يرتكز
على المتعلم وذلك لأداء المهام الإدارية والتعليمية وذلك لدعم الإدارة والسياسات والتدريب
المهني للعملية التعليمية.
وفي مجال الزراعة، تم التوقيع على اتفاقية بشأن "البرنامج التنفيذي
للتعاون الزراعي بين عامي 2019-2021" بين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية
ممثلة في الدكتور عز الدين أبوستيت وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، ووزارة الزراعة
والشئون الريفية الصينية ممثلة في سونج إيجيو سفير الصين لدي مصر.
وتأتي الاتفاقية بهدف تعزيز آلية التعاون الزراعي،
والقيام بأنشطة ترويج الاستثمار الزراعي، وصياغة خطة التعاون بين مصر والصين بشأن الاستثمار
الزراعي، والتعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا الزراعية، وتبادل البعثات والتعاون
في بناء القدرات.
وفي مجال الآثار، تم التوقيع على اتفاقية بشأن "تعاون وتبادل المساعدة"
بين وزارة الآثار المصرية ممثلة في الدكتور خالد العناني وزير الآثار، وكلية علم الآثار
لأكاديمية الصين للعلوم الاجتماعية ممثلة في الدكتور تشن شينغ تسان المدير العام لمعهد
الآثار للأكاديمية الصينية للعلوم والتكنولوجيا.. وتأتي الاتفاقية لإرساء الأساس القانوني
للطرفين للقيام بصورة مشتركة بتنسيق العمل المتعلق بأنشطة حفظ الآثار والمشاريع البحثية
وبناء القدرات وتبادل المعارض المؤقتة والبعثات الأثرية.
كما تم توقيع مذكرة
تفاهم في مجال التعليم بشأن "إنشاء فصل كونفوشيوس في جامعة جنوب الوادي وإهداء
ألف كتاب للجامعة" بين جامعة جنوب الوادي المصرية ممثلة في الدكتور عباس محمد
منصور رئيس الجامعة، وجامعة العاصمة للمعلمين الصينية ممثلة في الدكتور مينج فانهوا
رئيس الجامعة، وتأتي مذكرة التفاهم من أجل تنمية تدريس اللغة الصينية في جامعة جنوب
الوادي ودفع التعاون بين جامعة العاصمة للمدرسين وجامعة جنوب الوادي.