قالت وزيرة الدولة الباكستانية للتغير المناخي زارتاج جول، إن مصر حظيت بقائد أنقذها من الإرهاب والتطرف متحديا الصعوبات والضغوط وهو الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأضافت في تصريحات لها على هامش فعاليات منتدى شباب العالم 2018 المنعقد بمدينة شرم الشيخ تحت رعاية وبحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، إنه في باكستان قام رئيس الوزراء عمران خان بالدور ذاته الذي قام به الرئيس السيسي في مصر، حيث أعلى مصلحة بلاده على أي اعتبارات أخرى، ورفض أن يرضخ لرغبات الدول العظمى، وتمسك رغم الضغوط بعدم الزج بباكستان في حرب بالوكالة ليست طرفا فيها، كما أن كلا الزعيمين يتمتعان بحب وثقة شعبيهما، وهو أمر يدعو إلى المزيد من التقارب بين البلدين بما يمكنهما من التواجد على خارطة الدول القوية والمتقدمة على مستوى العالم.
وذكرت الوزيرة الباكستانية أنها دعت الرئيس السيسي لزيارة باكستان وذلك نيابة عن رئيس الوزراء الباكستاني، كما التقت بوزير الخارجية المصري سامح شكري وسلمته رسالة من نظيره الباكستاني شاه محمود قريشي، ودعته كذلك لزيارة باكستان، مؤكدة أن باكستان سترحب بشدة بزيارة الرئيس السيسي لإسلام آباد.
وأكدت أن مصر وباكستان يمكنهما العمل سويا ليس فقط على صعيد مواجهة التغير المناخي ولكن في مختلف المجالات مثل الأمن ومواجهة الإرهاب والأمن الغذائي والتكنولوجيا وكذلك السياحة، فمصر وباكستان بلدان سياحيان من طراز فريد حيث تتمتعان بالعراقة والتاريخ القديم وجمال الطبيعة، كما تجمع البلدين ثقافة إسلامية مشتركة، ومن ثم فإن أوجه التشابه وعلاقات الصداقة الطيبة بين البلدين تعزز من قدرتهما على التعاون والعمل سويا وتحقيق النجاح على مختلف الأصعدة.
وأشارت جول إلى أن المواقف المصرية الباكستانية متطابقة في العديد من القضايا وعلى رأسها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، فضلا عن التطابق بين البلدين في القضايا التي تشغل الأمة الإسلامية وعملهما على خلق موقف موحد لدول العالم الإسلامي.
وأشادت الوزيرة بالقيادة الحكيمة الديمقراطية في مصر، قائلة "إن الشعب المصري يثق في قياداته، وأن المصريين محبوبون وطيبون جدا وأنها ستخبر مواطني باكستان بالمعاملة الكريمة التي تلقتها من الشعب المصري، متوقعة مستقبلا رائعا للشعب المصري".
وقالت جول إنها شاركت كمتحدثة في الجلسة الخاصة بإعادة بناء المجتمعات في مرحلة ما بعد الحروب ضمن فعاليات منتدى شباب العالم، وذلك لعرض الحالة الباكستانية، حيث تمر باكستان بمرحلة إعادة بناء المجتمع الباكستاني بعد حرب لم تكن طرفا فيها ولم تدر على أرضها من بعد حادث الحادي عشر من سبتمبر، ففي هذه الحادث قتل أكثر من 3 ألاف شخص، وخلال 10 أعوام من الحرب على الإرهاب التي تلت هذا الحادث دفعت باكستان الثمن الأغلى على الإطلاق حيث قتل أكثر من مائة ألف شخص باكستاني في هذه الحرب.
وأكدت جول أن مهمة بناء الوطن في مرحلة ما بعد الحرب ليست مهمة سهلة، فالحرب تؤدي إلى دمار المستشفيات والمدارس وتؤدي إلى تقطع الطرق وتدمير البنية التحتية، ولكن تبقى مهمة إعادة بناء ما سبق أيسر من إعادة بناء عقول البشر ورفع أرواحهم المعنوية في مرحلة ما بعد الحروب فهي مهمة صعبة للغاية، خاصة مع وجود الآلاف من اللاجئين والنازحين الذين شردتهم الحرب وعادوا ليجدوا منازلهم قد دمرت، وأكدت من خلال المنتدى أن القوى الكبرى يجب عليها أن تقوم بدورها في عملية بناء المجتمعات في مرحلة ما بعد الحرب.
وذكرت أن دعوة الرئيس السيسي لكل هؤلاء الشباب من مختلف دول العالم ليستمعوا خلال المنتدى للأدوار التي يمكن لبدانهم القيام بها في مرحلة ما بعد الحرب أمر جيد للغاية، لافتة إلى أن باكستان تمثل إحدى الحالات التي يجب النظر إليها في هذا السياق فهي تعمل على إعادة بناء مجتمعاتها بعد الحرب، ليس فقط إعادة بناء الطرق والمباني ولكن أيضا في إعادة بناء العقول، حيث أنقذ رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان عقول 21 ألف شخص عن طريق تحويلهم من الفكر الأصولي المتشدد إلى الفكر المتحضر عبر برامج منظمة وهي مهمة شديدة الصعوبة.
وأكدت أن عملية إعادة البناء في باكستان تتم برؤية واضحة وملهمة من رئيس الوزراء الباكستاني وبإرادة وعزيمة الشعب الباكستاني الذي لديه رغبة جامحة في التخلص من الإرهاب وتحقيق النمو لبلاده، وهو على قناعة كاملة بأن السير في ركب التقدم يستلزم بالضرورة دحر الإرهاب.
وتابعت "لدينا مشكلات اقتصادية كبيرة متعلقة بالإرهاب الذي يعد العدو الأول للاقتصاد، فالكثير من الأموال تذهب إلى الجماعات الإرهابية التي تعمل على تدمير البلاد، لذا نحن نعمل على تنفيذ هدف وطني هو دحر الإرهاب ونحن على يقين بأن باكستان ستصبح أمة قوية خلال الأعوام المقبلة".
وأضافت "في الوقت الذي نواجه فيه حربا تقليدية ضد أعدائنا وضد الإرهاب فإننا نواجه مع العالم كله حربا غير تقليدية بالمرة ضد ظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي، فباكستان ومصر من أكثر الدول المتضررة من التغير المناخي، ونفقد الأرواح نتيجة الكوارث الطبيعية الناتجة عن هذه الظواهر، ونحن نؤمن أن كل دول العالم عليها أن تقوم بدورها لمواجهة التغير المناخي، فهناك المئات من البروتوكولات تحت مظلة الأمم المتحدة بين العديد من الدول لمكافحة الانبعاثات والتلوث والتصحر والجفاف وغيرها من الظواهر السلبية، لكن معظم الدول لا تتحمل مسئولياتها تجاه هذه الظواهر، التغير المناخي إرهاب جديد من نوعه يهدد العالم أجمع".
وأوضحت أنه في باكستان "تم إنشاء وزارة التغير المناخي بهدف التعامل مع ظاهرة التغير المناخي وتبعاتها بأساليب غير تقليدية، ولدينا خطة لزراعة 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء باكستان لمواجهة التصحر وتحقيق الأمن الغذائي، وهي أمور تظهر الفكر الجديد لباكستان في التعامل مع مختلف القضايا حيث لم يعد التركيز على تحقيق المصلحة السياسية أو الفردية ولكن التركيز الآن ينصب على كيفية رسم مستقبل أفضل للبلاد".
وفيما يتعلق بمنتدى شباب العالم، قالت جول"إن المنتدى من أعظم الفعاليات والأحداث التي رأيتها في حياتي"، معربة عن سعادتها بزيارة شرم الشيخ لأول مرة ورؤية هذا العدد الكبير من الوجوه الشابة المشرقة والمتحمسة والتي ستقود العالم في المستقبل، وهم يتحاورون مع بعضهم البعض ويقبل كل منهم ثقافة الآخر.
وأشارت إلى أن "تمكين هؤلاء الشباب الذين يمثلون قادة المستقبل يجب أن يكون هدفنا الأول حتى يمكنهم مستقبلا تحقيق ما لم يستطع أحد من قبلهم تحقيقه"، مضيفة أنه "أمر عظيم أن يجتمع قادة المستقبل في مكان واحد على أرض مصر".
وتابعت "عندما نتحدث هنا عن الشباب فهم يمثلون مستقبل أي دولة لذا علينا أن نتحدث أولا عن أمور خاصة بهم مثل جودة التعليم وجودة القيادة لخلق مستقبل أفضل لهؤلاء الشباب"، مضيفة "عندما أتيت إلى هنا رأيت الوجوه المشرقة للشباب المصري واستمتعت برؤية صور الشباب المبتسم على الحافلات في مدينة شرم الشيخ بمجرد وصولي لمطار المدينة".
من ناحية أخرى، أشارت الوزيرة الباكستانية إلى أهمية الدرجات العلمية التي تمنحها جامعة الأزهر للباحثين الباكستانيين كإحدى صور التقارب المصري الباكستاني، لافتة إلى أن جامعة الأزهر تتمتع بهيبة ومكانة خاصة لدى الباحثين الإسلاميين، وخاصة الباكستانيين.
وقالت "أعجبت بالتعاون بين الطلاب المصريين والباكستانيين في جامعة الأزهر ورغبتهم في الاطلاع على ثقافة بعضهما البعض واستيعابهما لهما والاطلاع على تاريخ كلا البلدين والمنطقة التي تقع بها كل دولة لكي يستطيعوا بناء مستقبل مشترك"، مشيدة في الوقت نفسه بوجود طلاب مصريين في باكستان يتمتعون بالمستوى العالي للتعليم الباكستاني في مجالات مختلفة منها الطب والهندسة والعلوم.
وأكدت جول على ضرورة زيادة العمل بشكل رسمي لزيادة التبادل الطلابي بين البلدين وغيره من أشكال التواصل بين شباب الدولتين، ورحبت بفكرة إقامة منتدى للشباب المصري والباكستاني مماثل لمنتدى شباب العالم يناقش فيه شباب البلدين القضايا المشتركة بما يعود بالنفع الكبير على البلدين.
وأشادت الوزيرة بحسن تنظيم منتدى شباب العالم، وحسن الضيافة في مصر بشكل عام، وما لمسته من ود وبشاشة لدى الشعب المصري، كما أبدت إعجابها الشديد بمدينة شرم الشيخ واعتبرتها نموذجا للمدن المثالية بيئيا من حيث نقاء الهواء وعدم وجود شوائب عالقة بالجو، ما يعكس جهود مصر في التعامل مع الظواهر البيئية المختلفة.
وقالت جول إنها تخطط لزيارة القاهرة لرؤية معالمها السياحية والأثرية، خاصة وأنها درست الحضارة المصرية القديمة في بلادها، لافتة إلى أنها ستدعو الشباب الباكستاني لزيارة مصر، كما تدعو المصريين لزيارة باكستان التي تتمتع بطبيعة خلابة ومواقع سياحية مبهرة.
وأكدت أن باكستان بلد آمن ومستقر، ولم تؤثر الحرب على الإرهاب على الحركة السياحية في البلاد، حيث تنعم المواقع والمزارات السياحية المختلفة في باكستان بالأمن والسلام وهي مهيأة تماما لاستقبال السائحين من مختلف أنحاء العالم.