"عسران" في "التعاون العربى الصينى في مجال الطاقة": التجربة التنموية الصينية نموذجً نتطلع إليه
ألقى المهندس أسامة عسران نائب وزير الكهرباء والطاقة المتجددة كلمة أثناء الجلسة الإفتتاحية لفعاليات الدورة السادسة لمؤتمر التعاون العربى الصينى في مجال الطاقة تحت شعار "حزام واحد، طريق واحد: فرص استثمارية واعدة " والمنعقد بالقاهرة خلال الفترة من 5 إلى 7 نوفمبر الجارى
رحب عسران فى بداية كلمته بالضيوف من جمهورية الصين الشعبية والدول العربية الشقيقة في بلدهم الثاني مصر، موضحاً أنه سيتم خلال المؤتمر مناقشة الفرص والتحديات التى تواجه كلاً من الصين والدول العربية وبحث سبل دعم فرص التعاون فى مجال الطاقة.
أشاد عسران بعمق علاقات الصداقة بين الدول العربية والصين التى لها جذور راسخة في عمق التاريخ ارتبط خلالها الجانبان على مدى أكثر من 2000 عام؛ موضحاً أن علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين تعد من أهم ركائز التعاون العربي الصيني؛ حيث تعتبر الصين ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية، في الوقت الذى تعد فيه الدول العربية أكبر مورد للنفط وسابع أكبر شريك تجاري للصين، كما تعتبر التجربة التنموية الصينية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي تجربةً رائدةً ونموذجًا ملهمًا تتطلع دولنا العربية للاستفادة منه.
وأعرب عن استعداد مصر وسائر الدول العربية للتعاون والتفاعل الإيجابي مع المبادرة الصينية “حزام واحد – طريق واحد"، لما لهذه المبادرة من انعكاسات اقتصادية إيجابية متوقعة متمثلة في زيادة حجم التجارة البينية والاستثمارات بين الجانبين العربي والصيني، وتوطيد دعائم التعاون والمصالح المشتركة بينهما، إضافة إلى مجالات التعاون الأخرى التكنولوجية والبحثية والثقافية.
وأضاف إن العلاقات التي تربط بين مصر والصين قد حظيت بمكانة متميزة عبر التاريخ نظراً للأواصر السياسية والتاريخية والاقتصادية والثقافية المتعددة والمتشعبة بين الشعبين والقيادتين، وقد تواصلت هذه العلاقات عبر العصور القديمة من خلال "طريق الحرير"، وحتى العصر الحديث، حيث اقيمت العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين فى مايو من عام 1956، وكان لمصر الريادة بين كافة الدول العربية والافريقية فى إقامة علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية التى أسسها الزعيم الصينى ماوتسى تونج عام 1949.
وأضاف إن الأعوام الأخيرة شهدت تطورات استراتيجية غير مسبوقة لتعزيز علاقات التعاون بين الجانبين، حيث أولى الرئيس عبد الفتاح السيسي الصين اهتماماً خاصاً ظهر جلياً من خلال قيام سيادته منذ ديسمبر 2014 بخمس زيارات للصين اختتمت بزيارته الأخيرة في سبتمبر 2018، وتأتي هذه الزيارات تأكيداً علي مدي تطور العلاقات المتميزة بين البلدين، والحرص على استشراف آفاق أرحب للتعاون، ليس فقط على الصعيد الثنائي، ولكن أيضاً بين الصين والدول العربية والأفريقية، حيث تعتبر مصر رابع أكبر شريك تجاري للصين في أفريقيا.
جدير بالذكر أن رئيس الوزراء شارك في فعاليات افتتاح الدورة الأولى لمعرض الصين الدولي للواردات بمدينة شنجهاي الصينية، حيث أكد أن التعاون الاقتصادي بين مصر والصين يمثل ركيزة أساسية في ملف التعاون المشترك بين البلدين، فمن الناحية التجارية نجد أن الصين تعد الشريك التجاري الأول لمصر على مستوى الدول، كما أن مصر تعد رابع أكبر شريك تجاري للصين في القارة الأفريقية، فوفقاً لإحصاءات عام 2017 فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين ما يقرب من 11 مليار دولار أمريكي.
وتُعد مصر شريكاً حضارياً وتاريخياً للصين في مبادرة الرئيس الصيني “حزام واحد – طريق واحد"، التي تقوم على إعادة إحياء طريق الحرير، حيث أبدت مصر تأييدها الكامل لهذه المبادرة، وعبرت عن أهمية المشروعات التي يتطلع الجانبان إلى تنفيذها في منطقة قناة السويس في إطار المبادرة، وشهدت زيارة الرئيس الصيني إلى مصر في يناير ٢٠١٦ توقيع مذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين، بهدف تعزيز التعاون في قطاع البنية التحتية وتنفيذ المشروعات الوطنية الكبرى، خاصة فيما يتعلق بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة.
وأشار عسران إلى علاقات التعاون التى ترتبط بين قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة المصري وقطاع الطاقة الصيني والتى تعززت خلال الفترة الأخيرة من خلال المشاركة في العديد من المشروعات للإستفادة من الخبرات والتكنولوجيا الصينية المتقدمة والمتمثلة فى محطة الحمراوين بتكنولوجيا الفحم قدرة 6000 م.
ومع تحالف شركتى دونج فانج وشنغهاى اليكتريك الصينيتين ، محطة الضخ والتخزين بجبل عتاقة قدرة 2400 م.و مع شركة سينوهيدرو الصينية ، تنفيذ خطوط جهد 500 ك.ف. بأطوال حوالي 2000 كم لتطوير شبكة النقل مع شركة State Grid الصينية.
وأضاف أن بعض الشركات الصينية تساهم في بناء أكبر محطة خلايا فوتوفلطية في العالم في مكان واحد بمنطقة بنبان بأسوان بإجمالي قدرة 1465 ميجاوات.
كما تتعاون مصر مع الصين فى العديد من المشروعات المشتركة فى مجالات العدادات الذكية وتصنيع المهمات الكهربائية، حيث تم توقيع العديد من الشراكات بين شركات القطاع الخاص المصري والصيني، كما أن للصين دور رائد فى مجال بناء القدرات والتدريب للكوادر المصرية بقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة المصرى.
هذا بالإضافة إلي التعاون بين الجانب الصيني ووزارة الانتاج الحربى لإنشاء مصنع للخلايا الفوتوفلطية لاستغلال الرمال البيضاء المصرية.
هذا وأشار عسران إلى أن مصر تشهد العديد من المشروعات التنموية في كافة المجالات وزيادة الطلب على الطاقة، الأمر الذى دفعنا للعمل على تطوير بدائل مستدامة للطاقة منخفضة التكلفة وصديقة للبيئة مع العمل علي زيادة فرص الاستثمار المقدمة للقطاع الخاص بما يساهم في خلق فرص عمل جديدة. ولقد استطعنا اتخاذ عدد من الإجراءات والسياسات الاصلاحية بقطاع الطاقة.
وكان من أهم ثمار هذه السياسات القضاء نهائياً على أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي وتحقيق احتياطي آمن من الطاقة الكهربائية حوالي 25%، حيث تمكن القطاع خلال عامين ونصف فقط من إضافة قدرات تقدر بحوالي 25400 ميجاوات.
وفي إطار تنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية فقد تم وضع استراتيجية حتى عام 2035 تتضمن تعظيم مشاركة الطاقة المتجددة فى مزيج الطاقة لتصل نسبتها إلى 42% بحلول عام 2035.
ويعمل قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة المصري جاهداً من أجل تهيئة مناخ جاذب للاستثمار من خلال تحرير سوق الكهرباء وتعزيز المنافسة في مجال إنتاج الكهرباء وإنشاء مشغل مستقل للشبكة TSO، وإعادة هيكلة تعريفة الأسعار بهدف التخلص التدريجي من دعم الطاقة الكهربائية فى عام 2021.
وإدراكاً من قطاع الكهرباء والطاقة المصري لأهمية كفاءة الطاقة حيث أثبتت أنها أداة فعالة لتحقيق التنمية المستدامة بتكاليف أقل من تكاليف إنشاء محطات جديدة، فقد وافق المجلس الأعلي للطاقة علي خطة العمل الوطنية الثانية لكفاءة الطاقة للفترة من 2018 – 2022 لتنفيذها في عدد من القطاعات المستهلكة للطاقة وجاري اعتمادها من مجلس الوزراء، بالإضافة إلي برامج ترشيد الطاقة داخل وخارج القطاع لخفض معدلات استهلاك الوقود وكذلك خفض معدلات الفقد الكهربى في شبكات النقل والتوزيع وتوزيع لمبات إضاءة عالية الكفاءة بتكنولوجيا "الليد" على المستهلكين حيث بلغ ما تم توزيعه من خلال القطاع والشركات الخاصة حوالي 100 مليون لمبة "ليد" ، بالإضافة إلي تفعيل أكواد كفاءة استخدام الطاقة بالمبانى السكنية والتجارية والعامة وإستكمال إعداد بطاقات ومواصفات كفاءة الطاقة للأجهزة الكهربائية المنزلية.
وفى مجال العدادات الذكية فإنه يجري حاليا تنفيذ مشروع تجريبى لتركيب عدد 250 ألف عداد ذكي فضلاً عن تركيب مليون عداد ضمن مشروع تحديث عدد 8 مراكز تحكم بشبكات توزيع الكهرباء، ومن المستهدف تغيير جميع العدادات بالشبكة الكهربائية (والتي تقدر بحوالي 40 مليون عداد) بعدادات أخرى ذكية أو مسبوقة الدفع حيث تم تركيب أكثر من عدد 6 مليون عداد مسبق الدفع بالإضافة إلى إنشاء شبكات الاتصال ومراكز البيانات الخاصة بها خلال السنوات العشر القادمة.
ولضمان توفير المزيد من الطاقة المستدامة وخلق سوق مشتركة للكهرباء، فإن قطاع الكهرباء يضع ضمن استراتيجيته مشروعات الربط الكهربائى لاستيعاب الطاقات الضخمة التى سيتم توليدها من الطاقة النظيفة، حيث ترتبط مصر مع دول المشرق والمغرب والخليج العربى وكذا الربط الثنائي مع دولة السودان بنهاية هذا العام هذا بالإضافة إلى مشروعات الربط مع العمق الإفريقي، كما تم توقيع مذكرة تفاهم لدراسة الربط الكهربائي بين مصر وقبرص واليونان للربط مع أوروبا بالإضافة إلي توقيع مذكرة تفاهم مع المنظمة العالمية للربط الكهربائي "جيديكو" بهدف تعزيز مفهوم الربط الكهربائي العالمي للطاقة حتي عام 2050، وإدراكاً من قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة لأهمية الربط الكهربائي وفي إطار رؤية مصر لأن تكون محور للربط الكهربائي فإنه يجري حالياً دراسة الأنضمام للمبادرة التي أعلنت المنظمة العالمية للربط الكهربائي "جيديكو" أنها بصدد تدشينها لإنشاء تحالف أفريقي للربط الكهربائي والتنمية المستدامة. وباستكمال مشروعات الربط المشار إليها سوف تصبح مصر مركزاً محورياً للربط الكهربائي في المنطقة.
وفي نهاية كلمته أوضح عسران أن علي العالم العربي بموقعه الجغرافي المتميز وموارد الطاقة المتوفرة به والجانب الصيني بخبراته وتكنولوجياته، الموائمة بين الاستراتيجيات التنموية فيما بينهما للحصول علي الاستفادة القصوى لمزايا الجانبين وتعزيز المصالح المشتركة، بما يربط حلم الأمتين العظيمتين للنهضة بشكل وثيق، وأود التأكيد على أهمية استمرار التعاون والتنسيق بين الجانبين على النحو المأمول لترجمة الأفكار والمشروعات الطموحة إلي واقع عملي بما يحقق مستقبل أفضل للجانبين.
وأعرب عن أمانيه أن نستطيع معاً من خلال المشاركة الفعالة وتبادل الآراء خلال هذا المنتدى الخروج بتوصيات مستقبلية ومقترحات للتنفيذ والاستفادة من الفرص المتاحة في مجال الطاقة مما يساهم بشكل فعال في دفع قاطرة التنمية في بلادنا.
كما تقدم بالشكر والتقدير لمنظمى المؤتمر من جامعة الدول العربية ووزارة الكهرباء والطاقة المتجددة والجانب الصينى والشركات الراعية على الجهود المبذولة في الإعداد والتحضير لأعمال المؤتمر.