من عصر الفاطميين وحتى الآن.. احتفالات رسمية سلطانية وملكية ورئاسية بالمولد النبوي الشريف
بدأت مصر الاحتفال بالمولد النبوي
الشريف في عصر الفاطميين ، فقد أقيم أول احتفال بتلك المناسبة الشريفة عام 973 في
عهد الخليفة المعز لدين الله ، وعرفت صناعة حلوى المولد النبوي منذ ذلك العهد، فقد
كانت هناك طقوس خاصة منها تخزين المواد الخاصة بصناعة الحلوى حتى يتم تصنيع الحلوى
التي تكفي لجموع الشعب ، حيث يأمر الخليفة بتوزيع الحلوى مع احتفالات الدولة التي
تبدأ من غرة ربيع الأول حتى الثاني عشر منه كل عام.
وألغيت في العصر الأيوبي احتفالات مولد
النبي ، حيث تعمد السلطان صلاح الدين الأيوبي اقتلاع مذاهب الفاطميون ، ومع عصر
المماليك عادت الاحتفالات بأبهى صورها وعظمتها ، حيث كانت تمتد ليالي تلاوة القرآن
الكريم والمديح النبوي والتواشيح وفي صباح يوم المولد يوزع السلطان كميات من القمح
على أفراد الشعب.
ولما كان نابليون بونابرت قائداً شديد
الذكاء فقد حاول دائماً التقرب إلى الشعب المصري أثناء الحملة الفرنسية على مصر، ومع اقتراب ذكرى المولد النبوى كان يقوم
بإرسال نفقات الاحتفال إلى شيخ الأشراف بحي الأزبكية مع الطبول الضخمة والقناديل
التي تضئ الشوارع كي يستميل قلوب المصريون نحوه ، وهو أيضا ً من أتى بأول آلة
ضخمة للطباعة في مصر، وكان الغرض من وجودها طباعة المنشورات التي تهنئ المصريون في
أعيادهم باللغة العربية، وطباعة المنشورات والتعليمات لأفراد الحملة باللغة
الفرنسية، ودأـب بونابرت على حضور ومشاهدة مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي في ليلته
الختامية في مصر.
واستمرت مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي
حتى عصر الملك فاروق الذي أصر على أن تقام سنوياً طوال فترة حكمه، حيث خصصت أرض
شاسعة تقام عليها الاحتفالات ويقام عليها سرادق ملكي كبير يحضر إليه فاروق ووزراء
المملكة المصرية لمشاركة الشعب في تلك المناسبة الجليلة ، حتى بعد قيام ثورة يوليو
استمرت احتفالات الشعب المصري بالمولد النبوي وصولاً إلى عصر الرئيس السادات الذي
حرص على الصلاة في مسجد الحسين كل عام بالمسجد الحسيني بالقاهرة في صحبة وزراء
الدولة ولقاء كبار مشايخ وأئمة الأزهر الشريف .
وتأصلت وترسخت احتفالات المولد النبوي
الشريف في مصر من تلك العهود حتى عصرنا الحالي، حيث تتبارى الشركات المصرية في
صناعة حلوى المولد بأشكالها المختلفة ، وحرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على حضور
ليلة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف كل عام كي يرسل للشعب المصري وللأمة
الإسلامية رسائل التهنئة في كلمة يلقيها في تلك المناسبة العطرة.