رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


التكنولوجيا تهدد الحفر على الخشب بالانقراض

28-3-2017 | 02:28


كتبت : أماني محمد

يمتلكون أنامل ذهبية قادرة على تحويل قطعة صامتة من الخشب إلى لوحة فنية رائعة ومبهرة التفاصيل، منقوشة بالحروف والزخارف والرسومات، "الراسمون على الخشب" فقط هم القادرون على تحقيق ذلك، الأمر لا يقتصر فقط على امتلاك المهارة والحرفة، بل هو الشغف والاحتراف ما يجعل أحدهم مميزا عن الآخر.

فهي ليست مجرد دقدقات باستخدام أدوات إنما عزف على بقعة خشبية ودندنات تجعلها نابضة بالروح والتفاصيل، "آيات قرآنية، كلمات، نقوش إسلامية، رسومات وأشكال حيوانية" وغيرها من الزخارف اعتاد فنانو الحفر على الخشب رسمها، ليس فقط للبيع أو التربح المادي إنما للحفاظ على التراث وبقايا مهنة هددتها التكنولوجيا بالاندثار.

"ياسين طه" أحد هؤلاء من ورثوا فن المهن اليدوية، عمل والده بالخيامية ورغب هو في تطبيق نفس الفكرة بنقل الرسومات من الورق إلى الخشب وليس القماش، كما كان والده يعمل: "هويت شغل الخيامية لكن على الخشب أحببته بشكل أكبر ولم أرغب في عمله على القماش" يصف طه كيف بدأ حبه لهذا النوع من الفن.

كان أول عمل يبدأ به هو الحفر على لوح خشبي لسريره "مُلَّة"، حاول إخفاؤها وحصل على أحد رسوم والده المصممة بالفعل ولصقها على تلك الخشبة، وبدأ في النقش عليها، "لا زلت حتى الآن أعمل بتلك الطريقة" يوضح، وبعد أن رآها والده وأُعجب بها أرسله لمعهد المشربية للتدريب والإتقان على أصوله.

ويرجع ياسين طه الاختلاف في تلك المهنة إلى الحب والرغبة في التميز ما يدفعه للعمل والمواصلة في التدريب والقدرة على العطاء والاختلاف، مضيفا هناك قطع أعمل عليها متفردة لا يستطيع أحد تنفيذها بسبب صعوبتها ودقة تفاصيلها، وكلما كان حجم خط الحفر أصغر صعب الأمر.

"لا أعمل بغرض الكسب بقدر الرغبة في التميز والابتكار" يكمل حديثه، مضيفا أن الفنون التراثية اليدوية تعاني من إهمال في مصر، لذلك يعمل على الحفاظ عليها بتوريثها لأبنائه كذلك بإنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تضم كافة محترفي تلك الحرف، قائلا :"نريد أن يتعلمها آخرون أيضا لأن المهن اليدوية هي أساس العمل في مصر وحل أزمة مصر بتنشيطها".

مراحل العمل تبدأ كما يوضح، بالحصول على التصميم المرغوب فيه مرسوما على ورق وتحديد قطعة الخشب التي سيتم تصميمها ولصق التصميم عليها، ثم بدء التحديد باستخدام الأدوات اللازمة وهي مجموعة من "الضفر" و"الأزاميل" مختلفة المقاسات والأغراض فالأولى مجوفة تستخدم لتحديد الرسومات غير المستقيمة، والثانية لتحديد تلك المستقيمة.

بعد التحديد تبدأ مرحلة التفريغ لإبراز الرسم أو التصميم على الخشب، موضحا أنه هناك نوعين من الحفر البارز والغائر الأول تكون التصاميم نفسها مرتفعة عن السطح والثاني عسكه فيكون السطح بارزا أما الكتابة فللداخل، مشيرا إلى أن الرسم الغائر صعب في الزخرفة لأن تلك النقوشات يعمل عليها تشكيل آخر لتحديد التفاصيل والحفر البارز يظهرها بشكل أفضل بعكس الكتابة تصلح للنوعين، لكن البارز هو الأكثر شهرة بشكل عام.

وأضاف أنه بعد الانتهاء من الحفر تبدأ مرحلة تسوية الخلفية أو الأرضية لتصبح جميعها متساوية، ثم رسم الزخارف أو التصاميم الداخلية مثل ورق الأشجار أو الورود والتفاصيل التي لا يتم تحديدها خلال مرحلة الحفر، بل رسمها مباشرة على الخشب، "تلك التفاصيل ترجع لرؤية الفنان لكن الأساس والشكل الخارجي هو ما يتم تحديده سلفا".

وقد يعقب ذلك عمل "ترميلة" وهي عبارة عن تنقيط باستخدام مسمار والتنقيط على خلفية التصميم، "الغز وتحديد الرسم ثم التفريغ ثم التجسيم والتفاصيل ثم تسوية السطح يعقبها أيضا الدهان كآخر خطوة" هذا هو الترتيب الصحيح للرسم كما يوضح، مضيفا أنه من الأفضل العمل بهذا الترتيب لتسهيل العمل.

أما عن التحديات التي يواجهها فن الحفر على الخشب فيكمن في الاستغناء عن العمل اليدوي مقابل الآلات، قائلا إنه "حتى فترة قريبة كان الحافرون على الخشب كُثر وأغلبهم في دمياط بسبب أعمال الأثاث لكن بعد الميكنة ودخول الآلات لعمل التصاميم جعل الكثير من الورش تستغنى عنهم".

وأضاف أنه بعدما كان يعمل في ورشة ما نحو أربعين فردا أصبح شخصا واحدا فقط هو الذي يعمل الآن لأنه يعمل تصميما واحدا فقط بيده على الخشب وبعدها يتم إدخاله إلى الماكينة لتنتجه بالكم الذي يرغب به وهو ما أضر عددا العاملين بالمجال وهدده بالانقراض.