كشف الكاتب الإسرائيلي شلومو ألغيرا، أنه خلال
بدايات السبعينيات، كان العدو الأكبر لإسرائيل هو منظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت
تشن عمليات ضد أهداف إسرائيلية حول العالم.
وكانت منظمة التحرير تهدف إلى إنشاء دولة
فلسطينية بدستور علماني ماركسي، وليس إسلاميًا.
لكن، خلال فترة رئاسة رابين المحدودة لحكومة
إسرائيل، ومن بعده حكومة بيغن، تصاعدت فكرة إنشاء فرع من الإخوان المسلمين في غزة والأراضي
الفلسطينية، من أجل مواجهة قوة منظمة التحرير وشعبيتها.
في بداية
السبعينيات، أنشأ الشيخ أحمد ياسين منظمة الجماعة الإسلامية، التي أسهمت في إنشاء الجامعة
الإسلامية في غزة، إلى جانب مجموعة من المستشفيات والمدارس.
في ذلك
الوقت، لم يكن ينظر إلى الإسلاميين على أنهم خطر يهدد العالم، وإنما على أنهم حلفاء
ضد الشيوعيين، بسبب الاختلافات الفكرية بين الطرفين. كما كانت الحكومات العربية الشيوعية
في صراع مع الإسلاميين، ولذلك رأت إسرائيل في هؤلاء حليفًا مقربًا ضد عدو مشترك.
خلال
الثمانينيات، بدأت المصادمات بين العلمانيين والإسلاميين بالتوسع، وكانت إسرائيل ترى
في ذلك أنه سيؤدي إلى تقليل مواجهتها من الأطراف الفلسطينية بشكل كبير، أي حين ينشغلون
ببعضهم.
ووفقًا
لما قاله الجينرال يتسحاق سيغيف، الحاكم العسكري الإسرائيلي في غزة أوائل الثمانينيات،
لصحيفة نيو يورك تايمز، فقد ساعد الجينرال شخصيًا في تمويل الحركة الإسلامية من أجل
أن تكون ثقلًا متوازنًا مقابل العلمانيين واليساريين في منظمة التحرير الفلسطينية وحركة
فتح، بزعامة ياسر عرفات، الذي أشار هو الآخر إلى أن حماس هي صناعة إسرائيلية.
ويعترف الجنرال الإسرائيلي بأنه ساهم في
تمويل حماس من خلال أموال الضرائب الإسرائيلية، التي عاد لاحقًا لاستخدامها في تصفية
نشطاء حماس واغتيالهم.
بعد
سنة من الانتفاضة الفلسطينية الأولى، شنت حماس أول عملية ضد إسرائيل، إذ خطفت جنديين
إسرائيليين وقتلتهما. بعد ذلك، أي منذ عام 1988، بدأت إسرائيل تنظر إلى حماس على أنها
حركة إرهابية مثلها مثل منظمة التحرير.
ومع
نهاية سنوات الانتفاضة، وبدء مفاوضات مدريد، نظر الفلسطينيون إلى المنظمة على أنها
ضعيفة، لأنها بدأت محادثات السلام مع إسرائيل، بينما توجه مزيد من الفلسطينيين إلى
دعم حماس، على اعتبار أنه حركة إسلامية ترفض الاعتراف بإسرائيل ككيان سياسي، ولأن ميثاقهم
التأسيسي تضمن رفض الاعتراف بوجود إسرائيل.
بعد توقيع اتفاقية أوسلو، زادت حماس من
وتيرة الهجمات على الأهداف العسكرية الإسرائيلية، بينما كانت تتراجع شعبية المنظمة.
خلال الانتفاضة الثانية، أصبحت حماس أكثر خطرًا على إسرائيل، عندما بدأوا بشن هجمات
في أنحاء إسرائيل كافة بداية الألفية الجديدة.
انسحبت
إسرائيل من غزة عام 2005، ولم تعد تسيطر على أي شيء هناك، فيما تحول القطاع إلى ما
يشبه دولة إسلامية تابعة لحماس. ويدور الحديث في إسرائيل الآن عن ضرورة القضاء على
حماس ضمن حملة عسكرية شاملة على القطاع، تشمل إعادة احتلاله بالكامل، وبناء مستوطنات
جديدة. وإذا ما استمرت الأمور على هذا النحو، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى بناء قوة
عسكرية كبيرة تهدد إسرائيل، بما في ذلك كمية كبيرة من الصواريخ التي تهدد أمن الدولة
العبرية.
لقد خلقت إسرائيل هذا الوحش، وعليها أن
تقضي عليه بالكامل في يوم من الأيام، لأن إسرائيل لا يمكنها أن تتعايش مع “دولة إرهابية”
تهدد مواطني إسرائيل.