رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


قضية "الأطفال المجهولون".. قصة مأساوية من حرب البوسنة والهرسك

14-12-2018 | 14:33


 ما تزال الحرب التي شهدتها، البوسنة والهرسك في تسعينيات القرن الماضي، تلقي بثقلها وأعبائها على الآلاف من "الأطفال المنسيين" أو "المجهولين" في البوسنة، والذين ولدتهم نساء وفتيات تعرضن للاغتصاب خلال الحرب، ولم يُعرف آباؤهم بعد.


وكنتيجة للحرب الدموية التي شهدتها، توجد في البوسنة والهرسك اليوم الكثير من عائلات بدون أبناء، والآلاف من أبناء بدون آباء.


ويعاني "الأطفال المجهولون" أو "الأطفال المنسيون" من ويلات ونتائج تلك الحرب المؤلمة حتى يومنا هذا، فلا أحد يعرف من هم وما نسبهم رغم أنهم متواجدون في كل مكان من أنحاء البوسنة .


ويعد البوسني أجنا جاسيك، واحد من بين الآلاف من أولئك الأطفال المفتقدين لآبائهم. ولد "جاسيك" عام 1993 في إحدى المدن البوسنية التي شهدت الحرب، ودرس علم النفس كي يكون سنداً وعوناً لمن يشاركوه المصير نفسه معه ومع والدته، حيث يعمل الآن في سراييفو لدى جمعية "الأطفال المنسيون" في الحرب.


ويروي "جاسيك" قصة حياته هو ووالدته، حيث خرجت والدته من مدينتها التي تعرضت فيها للاغتصاب، وبدأت تعيش في مدينة أخرى، وهناك ولد "جاسيك" وأمضى سنوات طفولته.


وبعد عدة سنوات قضاها برفقة أمه في هذه المدينة، هاجروا إلى مدينة أخرى ليبدأ هناك تعليمه الذي لم يستمر سوى بضع سنين، إذ أنه اضطر لترك المدرسة لسوء ما تعرض له فيها لكونه من أطفال الحرب المجهولين.


وذكر "جاسيك" أن والدته كانت تخشى من أن تشعر ابنها بالخجل من أم مثلها، وقال "لكني فكرت ذات يوم بيني وبين نفسي، أنه ليس هناك ما يعيب علي وعلى والدتي. فالذي حل بنا اليوم ليس ذنبي ولا ذنبها، فضلاً عن أن والدتي لم تظهر لي سوى الحب والمودة في سائر الأوقات. لذا بدأنا نتصالح مع أنفسنا، وأمضينا ما بين 3 و4 سنوات كي نتخطى هذه الحالة النفسية المزرية."


وأوضح أن جميع وثائقه الرسمية لا تحتوي على اسم الأب، ويوضع خط صغير على خانة الأب في تلك الوثائق، معرباً عن شعوره بالألم والحزن نتيجة هذا.


وأردف: "لا أرغب على الإطلاق في معرفة والدي الحقيقي. لأني لا أعتبره إنساناً. ما قام به لا يفعله من كان إنساناً بحق. كما أني لا أكنّ الكراهية تجاهه، لأن والدتي ربتني بحيث لا أحمل الكراهية لأحد."


وأشار "جاسيك" إلى وجوب الحديث حول هذه المأساة، نظراً لأن هناك الكثير من الأطفال الذين يولدون الآن في مناطق الحروب، دون وجود قوانين تحميهم.


وبحسب الإحصائيات حول الأطفال "المجهولين" أو "المنسيين" في البوسنة والهرسك، فإن هناك ما بين ألفين إلى 4 آلاف طفل مجهول، وذلك نتيجة تعرض حوالي 50 ألف امرأة وفتاة للاغتصاب خلال الحرب.


يذكر أن القوات الصربية ارتكبت العديد من المجازر بحق مسلمين خلال ما عرف بفترة حرب البوسنة، التي بدأت عام 1992، وانتهت 1995 بعد توقيع اتفاقية دايتون، وتسببت في إبادة أكثر من 300 ألف شخص باعتراف الأمم المتحدة، بالإضافة إلى اغتصاب الآلاف من النساء المسلمات في البوسنة والهرسك.