"الإدارية العليا" ترفض تعويض شركة بـ 1.5 مليون جنيه من الدولة بمشروعات التحكم عن بُعد
أصدرت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، مبدأ قضائيا جديدا يضع ضوابط الالتزام بالتطورات التقنية والعلمية ويعيد للدولة حقوقها بشأن التعاقدات الإدارية التى تبرمها مع الشركات التخصصة فى المجال التكنولوجى، وقضت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار الدكتور حسنى درويش نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشار ناصر عبد القادر ومنير عبد القدوس ونجم الدين عبد العظيم والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نواب رئيس مجلس الدولة برفض طلب شركة مصر للنظم والحاسبات إلزام الحكومة بسداد ما تدعيه من مستحقات مالية، ورفض طلبها بإلزام الدولة بدفع مبلغ مليون و500 ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابت الشركة الطاعنة جراء الفسخ غير القانونى.
قالت المحكمة، إن الحكومة تعاقدت مع الشركة الطاعنة عن عملية إصلاح الأعطال وتوريد وتركيب سنترال جديد وعمل الصيانة لمشروع التحكم عن بُعد لمحطات النصر بغرب النوبارية، وقد تضمنت شروط العقد التزام الشركة الطاعنة بإصلاح الأعطال والتشغيل لمشروع التحكم عن بُعد لمحطات النصر بغرب النوبارية وتركيب سنترال جديد وإصلاح تليفونات وسنترالات، والتزام الشركة بإصلاح الأعطال والتشغيل لمشروع التحكم عن بُعد لمحطات النصر الـ5 الرئيسية بغرب النوبارية، ونقل المعلومات إلى المركز الرئيسى بالمصلحة والإدارة المركزية بمركز بدر، ومقر إدارة محطات ناصر وأجهزة التكييف ضمن مشمول العقد وأعمال الصيانة اللازمة، وأن الشركة مسئولة عن النظام بالكامل (H.W) وهى تعنى الأجهزة، وتحميل (S.W) وهى تعنى السوفت وير أى البرامج . وقد تضمن العقد أن تتم هذه الأعمال لمدة خمس سنوات وبمبلغ مقداره 390000 جنيه (ثلاثمائة وتسعون ألف جنيه) سنوياً ويسدد شهرياً بواقع 32500 جنيه.
وأضافت المحكمة أنه أثناء تنفيذ العقد حدثت بعض الأعطال فى غرفة التحكم الآلى، وتحرر بذلك مكاتبات متبادلة من مركز نظم المعلومات والشركة بينت فيها الأعطال التى حدثت بالوحدة والتى تمثلت فى تعطل 5 أجهزة رئيسية هى جهاز المميك وجهاز الميكرو فاكس وشاشة الورك ستيشن والطابعة وشاشة التيرمينال. وقد أرجعت الشركة سبب هذه الأعطال إلى عدم سلامة نسخ البرامج لديها، وأنها تحتاج إلى نسخ البرامج الأصلية والموجودة بحوزة الجهة الإدارية. وبالفعل قامت الجهة الإدارية بتسليم نسخ البرامج إلى الشركة إلا أن الأخيرة فشلت فى تحميل البرامج وتشغيل الأجهزة المعطلة، معللة ذلك بقدم برامج التشغيل. وإزاء ذلك تقدمت الشركة بطلب الحصول على نسخ من برامج التشغيل من الشركة البريطانية المصنعة لهذه البرامج حيث قامت الأخيرة بتقديم نسخة أصلية جديدة لتشغيل جهاز المميك حيث عمل الجهاز بشكل صحيح واعتذرت عن تقديم برامج تشغيل باقى الأجهزة المعطلة لقدم هذه البرامج وتوقف تصنيعها منذ سنوات.
وذكرت المحكمة أن الجهة الإدارية شكلت لجنة لدراسة أسباب الأعطال على هدى من ادعاء الشركة الطاعنة من أن هذه الأعطال سببها قدم البرامج (برامج السوفت وير S.W) حيث طلبت الشركة من اللجنة مهلة لتقوم بتصنيع برامج محلية جديدة تقوم مقام البرامج القديمة فى تشغيل الأجهزة المعطلة. وبالفعل قامت الشركة بتصنيع برامج جديدة وحددت مع اللجنة يوما لتجربة النظام، وقد تم تجربة النظام فى الموعد المحدد له حيث طلبت اللجنة من الشركة إصلاح بعض الأخطاء بالنظام وإجراء التعديلات وتنفيذ بعض الملاحظات. بيد أن الأوراق كشفت عن أن الشركة الطاعنة لم تقم بإدخال التعديلات التى طلبتها اللجنة، كما امتنعت الشركة عن تنفيذ طلب الجهة الإدارية تغيير جهاز الميكروفاكس معللة ذلك بأنه لا فائدة من تغيير الجهاز، طالما لم يتم تشغيل البرامج الجديدة بشكل صحيح. وعلى الفور قامت الجهة الإدارية بفسخ العقد استنادا إلى مسئولية الشركة عن سلامة برامج تشغيل هذه الأجهزة، ولا يجوز لها أن تتنصل من التزامها والادعاء باقتصار مسئوليتها على تحميل البرامج دون ضمان سلامة هذه البرامج .
وأوضحت المحكمة أنه لا يعفى الشركة من السئولية قولها بأن الأعطال التى حدثت ليست بسبب تطور تكنولوجى وعلمى وتقنى متسارع، بل لقدم البرامج الأساسية للتشغيل، فذلك مردود بأن عمل الشركة الرئيسى هى وضع البرامج المتعاقد عليها موضع التنفيذ الصحيح دون أن تتذرع بقدمها وهى العليمة بذلك، فضلا عن أنه وإن كان من أخص واجباتها بحكم تخصصها التقنى ملاحقة ركب التطور التكنولوجى والعلمى والتقنى سريع الإيقاع، فإن الأورق كشفت عن أن الأعطال لم تكن وليدة لثمة تطور حدث فى هذا المجال، ولم تكن كذلك ترجع إلى قدمها، وإنما لتقصيرها فى وضع ما اتفقت عليه نصاً وروحاً موضع التنفيذ الصحيح .
وأشارت المحكمة إلى أن قول الشركة، بأن التزامها بتحميل برامج التشغيل فقط دون أن يمتد بضمان عملها، فهذا الدفع مردود بأن مضمون كلمة تحميل برامج التشغيل (S.W) تحتوى بالضرورة وفقاً للمعنى الفنى الدقيق على تحميل هذه البرامج لتشغيل الأجهزة على نحو صحيح بحكم درايتها وتخصصها، فإذا تم تحميل هذه البرامج بشكل خاطئ أو ترتب على تحميل هذه البرامج أن الأجهزة لا تعمل بشكل صحيح، تكون الشركة قد قصرت فى أداء عملها ولم تقم بتحقيق الغرض من الالتزام، مما يتعين معه طرح هذا القول .
واختتمت المحكمة حكمها الهام برفض طلب الشركة بتعويضها بمبلغ مليون ونصف جنيه من الدولة، لأن الشركة مسئولة مسئولية كاملة عن تعطل النظام، نظراً لأن الجهة الإدارية قامت بتسليمها نسخ البرامج والنسخ الاحتياطية لنظام السوفت وير، وساندتها فى كل ما طلبته من إجراءات، إلا أنها فشلت فى تشغيل الأجهزة، ولم تستطع تنفيذ التزاماتها العقدية على وجهها الصحيح، مما حدا بالجهة الإدارية إلى فسخ التعاقد مع مصادرة التأمين وتسييل خطابى الضمان المقدمين كتأمين ابتدائى ونهائى، ومن ثم لم ترتكب الجهة الإدارية ثمة خطأ تجاه الشركة الطاعنة وتنهار باقى أركان المسئولية الموجبة للتعويض فى جانب الجهة الإدارية متعيناً القضاء برفضه.