في ذكرى ميلاد عمر الجيزاوي.. استعار من أم كلثوم واستعارت منه شادية
إن كان محمود شكوكو وإسماعيل يس
وغيرهم قد عبروا بمنلوجاتهم عن أبناء المدينة، أو ابن البلد الفهلوي، ومشكلات المدينة، فقد ظهر في حقبتهم من يحدث التوازن، ويعبر عن أبناء القرية سواء كانوا من
بحري أو قبلي، وهو الفنان عمر الجيزاوي الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم، وفي ذكراه
نطرح العديد من الأسرار عن حياته.
ولد عمر الجيزاوي في الرابع والعشرين
من ديسمبر 1917، وحفظ القرآن الكريم في طفولته، ثم التحق بالمدرسة الإبتدائية لمدة
عام واحد فقط، تعلم فيه الحساب والقراءة والكتابة، ومنعه والده من تعلم أية لغة
أجنبية فقد كان يكره الأجانب، ومن المدرسة خرج عمر إلى ورشة أبيه التي يديرها
لمستلزمات البناء والمعمار، واكتسب الصبي كل فنون العمارة والبناء، وبدأ في صباه
بالغناء للعمال، وقد استحسنوا صوته الذي يسليهم ويدفعهم للعمل، وحدث أن دعاه أحد
العمال ليحيي فرحه فلم يتأخر "عمر" عن زميله وعند عودته إلى المنزل نال (علقة ساخنة) من أبيه الذي لا يريده أن يصبح راقصا أو مغنواتيا.
لم يعبأ "عمر" بنصائح أبيه، واستمر في
الغناء في أفراح الأصدقاء إلى أن اكتشفه الفنان علي الكسار، فقد كان أحد المدعوين
في الفرح، وقدمه للإذاعة وكانت تلك انطلاقته إلى عالم الفن، فقد أشركه الكسار في
فيلم "يوم في العالي" عام 1946، وغني فيه الجيزاوي منلوج "سلامو
عليكو" الذي كان نافذة شهرته، ثم شارك في فيلمين عام 1951 وهما "خضرة والسندباد القبلي" مع شكوكو، وعلي الكسار، وحسن فايق، ودرية أحمد، وفيلم
"خد الجميل" مع عبد العزيز محمود، وسامية جمال، وشكوكو؛ ونظراً لفنه
الجديد والمختلف، فقد سافر الجيزاوي إلى العديد من الدول الأوربية ولاقت أغانيه
ومنلوجاته إقبالاً شديداً، حيث عبر عن جزء من التراث الريفي المصري.
تزوج "الجيزاوي" من ثلاث سيدات حتى عام
1962، حسب ما أدلى به لمجلة الراصد في يناير من نفس العام، حيث أكد أنه تزوج من
الراقصة اللبنانية أنوار حسين وأنجب منها "معين"، وتزوج من إيطالية وله منها ولد واحد، وتزوج من مصرية وأنجب منها ثمانية أولاد، وقد قدم العديد من
الحفلات في سوريا ولبنان وأمريكا الجنوبية، وأحب صوت الموسيقار عبد الوهاب وأم
كلثوم وويع الصافي.
في مشواره السينمائي الذي بلغ 29
فيلماً غنى عمر الجيزواي العديد من المنولوجات، وفي بعضها اقتبس من أغاني محمد
عبد الوهاب، حيث غنى " مصر تتكلم عن نفسها .. والقلب سلم بحبها" وهي على
غرار أغنية مصر تتحدث عن نفسها لأم كلثوم، وله أيضاً منلوج "كنت في جهلك
مكره"، وهو أيضاً على وتيرة نشيد الحرية لعبد الوهاب "كنت في صمتك
مكره"، والطريف أنه أنهى المنولوج في الفيلم مع كبير الراحمية بجزء من أغنية
مصر التي في خاطري لأم كلثوم .. إذن الثابت أنه استعار بعض الأغنيات للمشاهير وغنى
على لحنها مع تعديل بعض الكلمات، وهذا ما حدث له قبل رحيله بوقت قصير، حيث استعار
أحد الملحنين أغنيته " ياللي من البحيرة وياللي من آخر الصعيد" وأعطاها
لكاتب أضاف عليها شطرات جديدة؛ لتغنيها شادية في احتفالات سيناء، وقد تقدم الجيزاوي
بشكوى لجمعية المؤلفين والملحنين، وقد توصلوا لإرضائه بأن يذكر إسمه كملحن للعمل
بجانب الملحن الجديد، مما أدخل عليه الحزن الذي أوصله للمرض لمدة تسعة أشهر ويفارق
بعدها الجيزاوي الحياة.