رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


القمة العربية على المحك

29-3-2017 | 12:53


بقلم – محمد الشافعى

تأتى القمة العربية التى تنعقد فى العاصمة الأردنية عمان صباح يوم (الأربعاء) .. لتمثل واحدة من أخطر وأهم القمم العربية.. إن لم تكن أهمها على الإطلاق.. وذلك لأن الوضع العربى الراهن يسر العدو ولا يسر الحبيب.. ومن المفترض أن تناقش هذه القمة ذلك الوضع البائس.. إضافة إلى العلاقات العربية المتشابكة مع كل من أمريكا وروسيا وإيران وتركيا وإثيوبيا.. وفوق كل هذا قضية الصراع العربى الصهيوني.. كما أن القمة القادمة مطالبة بأن تمحو من الذاكرة العربية.. ذلك الفشل الذى حققته القمة السابقة والتى أقيمت فى العاصمة الموريتانية نواكشوط بعد اعتذار المغرب عن استضافتها.. ويمكن أن نستشعر خطورة وأهمية القمة القادمة مما يلي: -

 

أولًا :الجامعة العربية تساوى حاصل جميع قوة الدول المشاركة فيها.. وإذا ما نظرنا إلى الخريطة العربية.. فلن نتعجب عندما نتأكد من أن الجامعة العربية أصبحت بلا وزن تقريبًا.. فهل من العروبة أن تدعم بعض الدول العربية الإرهاب فى دول عربية أخرى.. سعيًا إلى تفتيت وتقسيم تلك الدول.. وهل من العروبة أن تتبنى بعض الدول العربية (أجندات الخصوم والأعداء .. والتى لا تهدف إلا إلى تحطيم كل ما هو عربي.

ثانيًا: منذ أن ورثت أمريكا الدور الإنجليزى والفرنسى فى منطقتنا العربية.. وهى تعمل على استنزاف المقدرات العربية.. وإضعاف العرب.. والتآمر عليهم.. ودعم عدوهم الصهيوني.. ومشاركته فى العدوان على الدول العربية.. أو حتى العدوان المنفرد كما حدث فى العراق.. ويتركز الهدف الأمريكى فى (شفط) المقدرات المالية والبترولية لعرب الخليج.. وتفتيت وإضعاف الدول العربية القوية مثل سوريا والعراق ومصر.. وصولًا إلى تنفيذ سيناريو تقسيم العرب إلى دويلات صغيرة.. تنطلق من الخلافات المذهبية والعرقية. ويخطئ إلى حد الخطيئة من يظن أن الصراعات السنية الشيعية.. والكردية العربية.. والإسلامية المسيحية.. ليست من صنع الأمريكان.. والسؤال المطروح من كل عربى على القادة الذين سيشاركون فى القمة القادمة: هل تستطيعون القضاء على هذا السيناريو الأمريكى البشع.. أو حتى مقاومته وفرملته؟

ثالثًا: روسيا وريثة الاتحاد السوفييتي.. ورغم أنها تسعى لتحقيق مصالحها.. ومحاولة العودة كقوة عظمى تناوئ الأمريكان.. إلا أنها صاحبة سجل حافل فى مساندة العرب.. ودعم قضاياهم.. وروسيا الآن موجودة وبقوة فى سوريا.. واستطاعت تغيير معادلات القوى على الأرض السورية.. حفاظا على وجود قواعدها الحربية فى سوريا..

كما أن روسيا موجودة فى ليبيا واليمن والعراق.. وتتمتع بعلاقات جيدة مع مصر والأردن والجزائر.. أى أنها تحولت إلى رقم فاعل على الخريطة العربية.. فهل يمكن لقادة العرب فى القمة القادمة.. الاتفاق على تبنى (سياسة متوازنة) بين القطبين الأمريكى والروسي.. لتحقيق المصالح العربية.. والأهم للاحتفاظ باستقلالية «القرار العربي» .. وعدم ارتهانه لدى واشنطن أو موسكو؟

رابعًا: إيران قوة إقليمية فاعلة فى منطقة الشرق الأوسط.. والعداء معها أكثر تكلفة وخسارة للعرب.. من محاولة التعايش معها.. ومن المؤكد أن إيران لها مطامعها.. وتحاول استخدام المذهب الشيعى لتحقيق هذه المطامع.. ويحاول الدور الإيرانى أن يتمدد فى المنطقة.. خاصة بعد انكماش الدور العربى وخاصة المصري.. وبعد المخطط (الصهيو أمريكي) والممتد منذ سنوات طويلة.. والذى يعمل على (شيطنة إيران) ليصنع منها (العدو البديل) للكيان الصهيوني.

وللأسف فإن الصراع (الإيرانى السعودي) أدى إلى وجود العديد من الالتهابات العربية الشديدة.. فى اليمن والعراق وسوريا والبحرين ولبنان.. كما أن المواقف العربية شديدة التباين مع إيران.. فهناك خصومة خليجية واضحة.. وفى ذات الوقت علاقات إيرانية طبيعية مع عُمان والكويت.. بل إن أكبر تبادل تجارى إيرانى مع العرب.. موجود مع الإمارات.. كما أن الطيران الإماراتى يرسل أكثر من عشرين رحلة أسبوعيًا إلى طهران.. وذلك رغم احتلال إيران لثلاث جزر إماراتية.. ونعتقد أن مصر وحدها تستطيع إحداث التوازن فى العلاقات العربية الإيرانية.. خاصة وأن إيران يمكن أن تمثل ورقة شديدة الأهمية.. فى الصراع العربى الصهيوني.. وفى العلاقات العربية الأمريكية.. فهل يمنح القادة العرب فى قمتهم القادمة مصر تفويضا لمعالجة هذا الملف؟.

خامسًا: تركيا هى الأخرى قوة إقلمية مهمة فى منطقة الشرق الأوسط.. ولكنها - وخاصة تحت حكم الإخوانى أردوغان - لم تنس أنها احتلت ولعدة قرون الوطن العربى.. وهيمنت على مقدراته.. وتسعى طوال الوقت إلى إضعاف سوريا والعراق.. ومحاولة الهيمنة سياسيًا على بعض دول الخليج.. وإعلان العداء السافر لمصر.. ظنا منها أن دورها الإقليمى لن يترسخ إلا بغياب دور مصر الإقليمى والعربي.. وللأسف الشديد فإن بعض الدول العربية.. قد دخلت فى (شراكات استراتيجية) مع تركيا.. رغم أن ذلك لن يكون إلا على حساب العرب وخاصة مصر.. فهل يستطيع القادة العرب فى قمتهم القادمة.. (كبح جماح) من يعمل منهم ضد مقتضيات الأمن القومى العربي. والأهم الاتفاق على سياسة عربية موحدة تتعامل مع تركيا بندية وحسم.. تجبرها على احترام الدور العربي.. وعدم التورط فى ملف الصراع السنى الشيعي؟

سادسًا: تحاول إثيوبيا منذ سنوات طويلة.. أن تجعل من نفسها قوة إفريقية مهيمنة.. ولكن التجربة الإفريقية الرائدة للزعيم جمال عبدالناصر.. وضعتها فى حجمها الطبيعي.. إلى أن وقعت أحداث يناير ٢٠١١ لتبدأ إثيوبيا فى تنفيذ المخطط الصهيو أمريكي.. بخنق مصر مائيا من خلال سد النهضة..

وللأسف الشديد فإن بعض الدول العربية تساهم فى بناء هذا السد.. بل إن (المكايدة السياسية) جعلت بعض الدول العربية تقدم دعمًا سياسيًا وماديا لإثيوبيا فى محاولة للنيل من مصر.. فهل يستطيع القادة العرب فى قمتهم القادمة الانتصار لمقتضيات الأمن القومى العربي.. والاعتراف بأن مصر القوية الفاعلة.. هى الدعم الحقيقي.. والسند الأقوى لكل العرب؟

سابعًا: قبل سبعين عامًا تفجر الصراع العربى الصهيوني.. بعد مؤامرة الغرب بإنشاء الكيان الصهيونى على أرض فلسطين.. وقد أدى الصراع الفلسطينى الفلسطيني.. والعربى العربى إلى تآكل القضية الفلسطينية.. حتى كادت أن تتلاشى.. وبعد مجىء ترامب إلى حكم أمريكا أصبحنا أمام وضع لا نحسد عليه.. فالصهاينة يريدون دولة يهودية.. ترفع لواء التطهير العرقي.. وترامب لا يعترف بحل الدولتين.. والعرب يكتفون بالمطالبة بدولة فلسطينية على حدود ١٩٦٧.. رغم أن الحد الأدنى للمطالب العربية يجب أن يكون الرجوع إلى قرار تقسيم فلسطين الذى أصدرته الأمم المتحدة فى نوفمبر ١٩٤٧ .. والذى يمثل الشرعية الوحيدة لوجود الكيان الصهيوني.. فهل يستطيع القادة العرب فى قمتهم القادمة.. توحيد كلمتهم.. واستثمار ما لديهم من قوى لفرض هذه الكلمة على الصهاينة قبل الغرب؟

ثامنا: القضايا التى يجب أن يناقشها القادة العرب كثيرة ومهمة.. ومن أهمها كيف يمكن استثمار مال العرب لصالح العرب.. فالأمريكان من خلال قانون (جاستا) يخططون لشفط ٧٥٠ مليار دولار سعودي.. كما يخططون لمصادرة ٥٠٠ مليار دولار سرقها عشرون قائدًا عراقيًا من الشعب العراقى المذبوح.. وهكذا يذهب المال العربى إلى أعداء وخصوم الأمة.. ليستخدموه فى قتل العرب وتقسيم دولهم وتقوية أعدائهم.. فهل يستطيع القادة العرب فى قمتهم القادمة أن يمتطوا (جواد الرشد والحكمة).. للحفاظ على هويتهم ومقدراتهم.. حتى لا نعيد مأساة الهنود الحمر.. الذين تحولوا إلى مجرد أثر بعد عين.