ذكرت صحيفة أمريكية أن روسيا استضافت في نوفمبر الماضي محادثات للسلام بشأن أفغانستان بمشاركة ممثلين دبلوماسيين من كل من الحكومة الأفغانية وجماعة طالبان التي رفضت حضور الجولتين السابقتين من تلك المحادثات في 2017.
وأشارت "واشنطن بوست" في سياق مقال تحليلي أوردته على موقعها الإلكتروني إلى أن تلك المحادثات انتهت بالفشل حيث أدانت طالبان وجود الرئيس الأفغاني أشرف غني أحمد زي ووصفته بأنه "رئيس غير شرعي" كما اتهمت الحكومة الأفغانية روسيا بتعزيز الشرعية السياسية لحركة طالبان على الساحة العالمية. مع ذلك وصفت وزارة الخارجية الروسية تلك المحادثات بأنها خطوة تاريخية قد تؤدي إلى إحلال السلام.
ووفقا لما ذكرته الصحيفة الأمريكية فإن الحكومة الروسية تواصل وساطتها الدبلوماسية التي من المحتمل أن تفشل لعدة أسباب من أهمها اهتمام الكرملين بسمعته بين المواطنين الروس.
وأوضحت الصحيفة أن الحكومة الروسية تستغل الأزمات الدبلوماسية لحشد الدعم الشعبي الروسي والتأثير على الرأي العام من خلال ثلاثة محاور رئيسية: أولها تأكيد الكرملين على ازدواجية معايير الولايات المتحدة.
ففي فبراير 2007 ألقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطابا معاديا للغرب في مؤتمر ميونيخ للأمن معلنا عن وضع جديد للسياسة الخارجية الروسية ومنذ ذلك الوقت يصف المسؤولون الروس بشكل منتظم السياسة الخارجية الأمريكية بأنها "منافقة" وهو ما أثر بشدة على الرأي العام الروسي.
أما المحور الثاني فيتمثل في محاولة الكرملين إظهار روسيا وكأنها قوة لا غنى عنها حيث يرغب الكثير من الروس في إنهاء عزلة بلادهم عن الغرب. في هذا السياق كشف استطلاع للرأي أجراه مركز ليفادا عام 2016 أن 62 بالمائة من الروس يؤيدون إجراء المزيد من الحوار مع القوى الغربية بينما يرغب 24 بالمائة فقط في استمرار الانعزال عن الغرب.
وفي 12 نوفمبر قال المبعوث الروسي الخاص لدى أفغانستان "زامر كابولوف" إن مشاركة طالبان في محادثات موسكو قد يقود إلى محادثات للسلام ربما تضم أيضا الولايات المتحدة كما أعلنت وزارة الخارجية الروسية في 3 ديسمبر أن المستشار الأميركي بشأن أفغانستان خليل زاده قد يلتقي مع نظيره الروسي زامير كابولوف لمناقشة شروط طالبان للسلام.
كما أشارت الصحيفة إلى أنه لم يتضح حتى الآن ما إذا كانت الولايات المتحدة ستسحب قواتها من أفغانستان أم لا إذ قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه أمر بسحب القوات ولكن من غير المرجح أن ترفع الولايات المتحدة عقوباتها طويلة الأمد المفروضة على طالبان. ومع ذلك فإن بوتين قد يبرز أي مشاورات أمريكية لروسيا كانتصار دبلوماسي كبير وقد يرسم الكرملين صورة تظهر أهمية دوره في مناطق الأزمات مثل أفغانستان لزيادة الثقة الشعبية في وزارة الخارجية الروسية وصرف النظر عن الإحباطات الاقتصادية التي أدت إلى انخفاض معدلات التأييد للرئيس بوتين.
وتشير "واشنطن بوست" في المحور الثالث إلى أن الكرملين يرغب في طمأنة الروس على وجود علاقات دبلوماسية قوية مع الهند فروسيا كانت تؤسس شراكة دبلوماسية مع الهند على مدى العقد الماضي وهو ما حظى بتأييد الرأي العام في روسيا.
وقد توترت العلاقات الروسية-الهندية في الفترة الأخيرة ولكن في ظل سعي موسكو لتعزيز شراكتها مع باكستان وكذلك تعزيز الولايات المتحدة علاقتها مع الهند فإن قرار الهند إرسال وفد غير رسمي إلى محادثات موسكو ساعد في مواجهة القلق العام الروسي من تدهور العلاقات بين البلدين.