السيسي: الفتن لن تنتهي واليقظة واجبة.. الطيب: المسلمون مكلفون بحماية الكنائس.. تواضروس: مآذن المسجد تتعانق مع منارات الكاتدرائية
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الافتتاح المتزامن لمسجد "الفتاح العليم" وكاتدرائية "ميلاد المسيح" يجسد لحظة مهمة للغاية في التاريخ المصري.
وقال الرئيس السيسي، خلال افتتاحه الكاتدرائية مساء اليوم الأحد، "إن هذا الحدث العظيم يؤكد أننا لن نسمح لأحد أن يؤثر سلبا في شجرة المحبة التي غرسناها معا والتي تحتاج لأن نحافظ عليها حتى تخرج ثمارها من التسامح والتآخي بين الناس من مصر للعالم بأثره".
وأضاف أن الفتن لن تنتهي، مطالبا بضرورة التحلي باليقظة والوعي من أجل الحفاظ على أمن واستقرار مصر.
وأضاف الرئيس السيسي: "أن من حفظ مصر هو الله من أجل خاطر أهلها الطيبين"، مشددا على أن المحبة والتسامح والتآخي يجب أن يكون نهجنا دائما وأن الشعب المصري واحد وسيظل كذلك.
وأكد الرئيس السيسي أنه لابد من اليقظة والوعي، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه لن ينسى كلمات البابا تواضروس خلال الاعتداء على الكنائس عام 2013 عندما قال "إن وطنا بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن".
وأوضح أن تلك الكلمات "تعكس معاني عظيمة للغاية تستحق أن نتوقف عندها كثيرا، وتعكس أيضا ضرورة أن تكون أعيننا على بلدنا. وقال: "لا تنسوا لازم نخلي بالنا من بلدنا".
ووجه الرئيس السيسي كل التحية والاحترام الى أرواح شهداء كل المصريين من الجيش والشرطة والمدنيين مسلمين ومسيحيين الذين سقطوا، مضيفا: "نحن نقوم بالبناء والحفاظ على الوطن، حيث نبني 14 مدينة جديدة بها المساجد والكنائس"، واختتم حديثه بتقديم التهنئة للبابا تواضروس والشعب المصري، متمنيا عاما جديدا سعيدا على الشعب المصري.
وشهدت العاصمة الإدارية الجديدة حدثا استثنائيا اليوم، بافتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي بصحبته الرئيس الفلسطيني محمود عباس وبمشاركة وفود رفيعة المستوى تمثل عددا من الدول العربية والإسلامية والأجنبية، مسجد "الفتاح العليم" وكاتدرائية "ميلاد المسيح"، في "يوم من أيام مصر" تجلت فيه الوحدة الوطنية، بكلمة بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس الثاني، من مسجد "الفتاح العليم" أكد فيها أن مصر تسجل اليوم صفحة جديدة في كتاب حضارتها العريقة.
وقال إن افتتاح هذه الصروح العالية بالعاصمة الجديدة تفتح آفاق المستقبل لمصر، مشددا على أن هذه الصروح العظيمة بُنيت بأموال وتبرعات المصريين وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي هو أول المتبرعين، كما أنها بُنيت بجهود وإبداع المصريين.
وفي ذات السياق، شدد الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في كلمته، خلال افتتاح كاتدرائية "ميلاد المسيح"، أن المسلمين مكلفون بحماية الكنائس.
وقال إن مسجدا وكنيسة بنيا في وقت واحد وانتهيا في وقت واحد بقصد تجسيد مشاعر الأخوة والمودة المتبادلة بين المسلمين والمسيحيين. وتابع قائلا "هذان الصرحان بالغا القدر من حيث العمارة التي يحق لمصر أن تفخر بها ويحق لعاصمتها أن تزهو على سائر الأمصار".
وبدأت مراسم الاحتفال بافتتاح مسجد "الفتاح العليم" وكاتدرائية "ميلاد المسيح" عقب وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي ومرافقيه إلى قاعة المؤتمرات الرئيسية بالعاصمة الإدارية، ودعا الرئيس السيسي المشاركون بالوقوف دقيقة حدادا على روح الشهيد الرائد مصطفى عبيد الازهرى الذي استشهد مساء أمس أثناء تفكيك عبوة ناسفة كانت تستهدف كنيسة ابو سيفين بمنطقة عزبة الهجانة بالقاهرة.
كما شهد مراسم الاحتفال رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس الوزراء المهندس مصطفى مدبولي، وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وبابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس الثاني، وشيخ الأزهر القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول محمد زكي، عدد من الوزراء وكبار رجال القوات المسلحة والشرطة وعدد من كبار رجال الدولة وأعضاء البرلمان ورجال الصحافة والإعلام.
وضمن الحفل عرضت رسالة مُسجلة للبابا فرانسيس بابا الفاتيكان، قدم خلالها التحية للرئيس عبدالفتاح السيسي وللحكومة المصرية على افتتاح كاتدرائية (ميلاد المسيح)، كما هنأ البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والكنيسة الأرثوذكسية بمناسبة عيد الميلاد المجيد، كما وجه عدد من كبار رجال الدين المسيحي في مختلف أنحاء العالم التهنئة بعيد الميلاد والإعراب عن التقدير لإنشاء الكاتدرائية.
وتضمن الحفل عرض فيلم تسجيلي حول أعمال إنشاء مسجد الفتاح العليم وكاتدرائية ميلاد المسيح منذ المراحل الأولى، وسلط الفيلم الضوء على فن العمارة المصرية على مر العصور.
وعقب ذلك تم عرض فيلم تسجيلي آخر أشار إلى فطرة البراعم ونشأتهم وتأديتهم لصلواتهم، وأنه لا فرق بين مسلم ومسيحي، فكل له دينه، وأن الكل أبناء لآدم وحواء، وأن الدين لا يفرق بين الأصدقاء سواء كانوا مسلمين أم مسيحيين، وأن الإله واحد.
ثم قام افتتح الرئيس السيسي وبصحبته الرئيس الفلسطيني بافتتاح مسجد الفتاح العليم. ويعد المسجد من أكبر المساجد في المنطقة والعالم وتم الانتهاء من تشييده خلال 18 شهرا، وجمع معماره بين الطرازين الأيوبي والفاطمي، فضلا عن لمحات من المعمار الحديث.
واستمع الرئيس السيسي إلى شرح مفصل من اللواء أركان حرب كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، حول مراحل إنشاء المسجد. وقال الوزير إن المسجد أنشئ في مدخل العاصمة الإدارية الجديدة على الطريق الدائري الأوسطي والذي يسع 17 ألف مصل، وتم إنشاؤه على الطراز المعماري المصري الإسلامي، موضحا أن المسجد به 4 مآذن بإجمالي ارتفاع 95 مترا.
وأشار إلى أن المسجد مكون من 4 عناصر رئيسية وهو عبارة عن طابقين، موضحا أن الطابق الأرضي يسع 6300 مصل، ومصلى للسيدات يسع 1200 مصلية ليصل إجمالي عدد المصلين في صحن المسجد إلى 7500 مصل. وأوضح رئيس الهيئة الهندسية أن المسجد به 21 قبة، إضافة إلى 520 وحدة إضاءة من بينها 74 نجفة.
ولفت الوزير إلى أن المسجد عملت به شركتان رئيسيتان، و30 شركة فرعية متخصصة، وشارك في إنشائه نحو 30 ألف فني وعامل.
وفي كلمته من مسجد "الفتاح العليم"، أكد بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية البابا تواضروس الثاني أن مصر تسجل بافتتاح المسجد صفحة جديدة في كتاب الحضارة المصرية العريقة، مضيفا أن هذا اليوم يمثل مناسبة غير مسبوقة في التاريخ.
وقال البابا تواضروس الثاني إن مصر تهتم بقوتها الناعمة، مضيفا: "نحتفل اليوم ونشاهد ونعاين وسط هذا الحضور أن مآذن هذا المسجد تتعانق مع منارات كاتدرائية ميلاد السيد المسيح".
وأشار إلى أن افتتاح هذه الصروح العالية بالعاصمة الجديدة تفتح آفاق المستقبل لمصر، مشددا على أن هذه الصروح العظيمة بُنيت بأموال وتبرعات المصريين وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي هو أول المتبرعين، كما أنها بُنيت بجهود وإبداع المصريين.
وتابع البابا تواضروس الثاني قائلا: "إنني كمواطن مصري أقف في هذا المسجد الكريم وأفرح مع كل أخوتي الأحباء بهذه المناسبة السعيدة التي تسجل في تاريخ مصر".
وأضاف: "لقد علمنا السيد المسيح أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، ولكن أيضا الأرواح تجد غذاءها في هذه المؤسسات الروحية والدينية".
واستطرد: "سيادة الرئيس لقد وعدت في يناير 2017 بهذا الوعد الكريم وبناء المسجد والكنيسة وكان هذا يعتبر دربا من المستحيل لأنها صروح ضخمة، وكيف تبنى في هذا الوقت الوجيز؟، ولكننا في هذا اليوم نرى سيادتكم وقد وفيتم بهذا الوعد، وها نحن نشهد هذا الافتتاح العظيم في هذه المناسبة الجليلة".
وقال: "كل الشكر لسيادتكم ونقدم كل الشكر لكل الشركات التي عملت وشاركت في هذه الأبنية، نقدم كل الشكر إلى المهندسين والفنيين والمكاتب الاستشارية والعمال الذين اهتموا، نقدم شكرا خاصا إلى القوات المسلحة والهيئة الهندسية للقوات المسلحة التي خططت وأشرفت واهتمت بإنجاز هذا العمل العظيم في هذه الفترة الوجيزة، نشكركم جميعا ونصلي أن يملأنا الله وأن يديم محبتنا ويديم وحدتنا جميعا، وليشهد العالم في هذه الليلة المباركة هذه الصورة التي نقدمها لكل أحد، كيف أن مصرنا تعيش في هذه الوحدة والمحبة، نصلي أن يديمها الله على الدوام، ونصلي أن يحفظكم الله دائما في قيادة بلادنا العظيمة، واشكركم جميعا وتحيا مصر".
وعقب افتتاح المسجد، قام الرئيس عبد الفتاح السيسي ومرافقوه بافتتاح كاتدرائية "ميلاد المسيح". وفي كلمته في افتتاح الكاتدرائية، قال فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، إن الإسلام ضامن لكنائس المسيحيين، والمسلمين مكلفون بحماية الكنائس.
وأضاف الطيب أن مسجد الفتاح العليم وكاتدرائية ميلاد المسيح سيتصديان لكل محاولات العبث باستقرار الوطن وإثارة الفتن الطائفية، مشيرا إلى أن هذا حدث استثنائي ربما لم يحدث من قبل على مدى تاريخ الإسلام والمسيحية.
وأوضح أن مسجد وكنيسة بنيا في وقت واحد وانتهيا في وقت واحد بقصد تجسيد مشاعر الأخوة والمودة المتبادلة بين المسلمين والمسيحيين. وتابع قائلا "هذان الصرحان بالغا القدر من حيث العمارة التي يحق لمصر أن تفخر بها ويحق لعاصمتها أن تزهو على سائر الأمصار".
وحول موقف الإسلام من موضوع الكنائس، قال فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، إن موضوع الكنائس في الإسلام موضوعا محسوما ويتلخص فيما يلي، أولا: دولة الإسلام ضامنة شرعا لكنائس المسيحيين ولمعابد اليهود وهذا حكم شرعي، وأيضا إذا كان الشرع يكلف المسلمون بحماية المساجد فإنه وبالقدر ذاته يكلف المسلمون بحماية الكنائس، والمسلمون يتقدمون في حماية الكنائس على إخوتهم المسيحيين، مشيرا إلى أن هذا ليس حكما يأتي هكذا مجاملة، وإنما هو حكم قائم على آية من القرآن الكريم نحفظها جميعا.. وأحيانا للأسف الشديد يخفى على كثير حتى من المتخصصين، وهى تكلف المسلمون بالقتال من أجل الدفاع عن دور العبادة لليهود وللمسيحيين وللمسلمين.
واستشهد الطيب بالآية القرآنية: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا"، مشيرا إلى أن الآية التي أمرت المسلمين بأن يحموا مساجدهم هي نفس الآية التي أمرت المسلمين بأن يحموا دور العبادة بالنسبة لغير المسلمين ومنها الكنائس والمعابد.
وأضاف "أن ما أرسله النبي صلي الله عليه وسلم لنصارى نجران من معاهدات ضمن لهم فيها وأمن لهم كنائسهم وضمن لهم أن تبقى كما هي وألا يقربها أحد، وضمن لهم صلبانهم وكل ذلك، ثم قال الرسول من لم يؤد هذا العهد فهو خائن لله ولرسوله".
وتابع قائلا "أنه عندما كان الرومان يتربصون بالإسلام، الذي هو الدين الجديد، كانوا يستدعون مثل هذه الفتاوى التي كانت احترازية ووقائية في ذلك الوقت، وكذلك في حروبهم الصليبية أو في محاكم التفتيش بالأندلس، موضحا أن هذه الفتاوى عابرة للزمان والمكان فقد ظهر من يفتي اليوم بحرمة بناء الكنائس في الإسلام.. مؤكدا أن هذا خطأ شديد، وأن التاريخ يخبر أن كل كنائس مصر بنيت في عهد الإسلام وبعد دخول الإسلام في مصر وعلى مسمع ومرأى من علماء الأزهر منذ أكثر من ألف عام.
وتوجه شيخ الأزهر الشريف - في ختام كلمته - بالشكر إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي على هذا الإنجاز الذي يحق لمصر أن تفخر به، وأنه يقدم للعالم أن مصر هي النموذج الأمثل في التحاب والتآخي بين المسلمين والمسيحيين. وأعرب شيخ الأزهر عن خالص تهانيه للبابا تواضروس الثاني والمسيحيين في مصر وخارجها بهذه الكاتدرائية.
وشهد دخول الرئيس السيسي والرئيس عباس والبابا تواضروس إلى كاتدرائية "ميلاد المسيح" حالة من الفرح، ولوح المشاركون بأعلام مصر ابتهاجا بافتتاح الكاتدرائية الجديدة.
واستدعى الحدث ترحيبا دوليا رفيعا، إذ رحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ببناء أكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط في مصر، مشيرا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يسعى لأن يتسع مستقبل مصر للجميع.
وقال ترامب، في تغريدة على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" اليوم الأحد، "سعيد بمشاهدة أصدقائنا في مصر يفتتحون أكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط. الرئيس السيسي يقود بلاده لمستقبل يتسع الجميع ".
وبعد إنتهاء مراسم الافتتاح، ترأس البابا تواضروس الثاني صلوات قداس عيد الميلاد المجيد بحضور عدد من الوزراء والشخصيات العربية والأجنبية.