التحقيقات في رشوة رئيس الجمارك السابق تكشف عن طلبه رشوة من مستوردين لتسهيل وتخفيض الرسوم
كشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، في قضية رشوة رئيس مصلحة الجمارك السابق المعروفة إعلاميا بقضية "رشوة الجمارك"، أن المتهم جمال عبد العظيم رئيس مصلحة الجمارك السابق، طلب وأخذ مبالغ مالية وعطايا على سبيل الرشوة من المتهمين علاء المنصوري وإسلام حجاج مستخلصين جمركيين بوساطة متهمين آخرين؛ كي يستعمل نفوذه لدى الإدارة المركزية لجمارك بورسعيد حتى يتمكنا من إنهاء مصالحهما بها.
وأفادت التحقيقات، أنه في تاريخ 10 يونيو 2018 رصد ضباط الرقابة الإدارية لقاءً بين رئيس مصلحة الجمارك وقتها وعلاء المنصوري بالسكن الإداري لرئيس الجمارك بعمارات التوفيق بمدينة نصر، أخبره فيه رئيس الجمارك وقتها أنه استعمل نفوذه لدى اللجنة المشكلة بقرار النيابة لاستكمال الفحص ببينات جمركية خالية من المخالفات للإبقاء على المستحقات المقدرة، بالإضافة إلى أن المتهم المنصوري وجه رئيس الجمارك لنقل موظفين بالإدارة المركزية لجمارك بورسعيد حتى يتمكن من إنهاء مصالحه، وفي هذا اللقاء قدم لرئيس الجمارك مبلغ 3 آلاف دولار.
وأضافت التحقيقات، التي جرت في القضية التي أحالها النائب العام المستشار نبيل أحمد صادق لمحكمة الجنايات بعد انتهاء تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا فيها بإشراف المستشار خالد ضياء الدين المحامي العام الأول، أن رئيس مصلحة الجمارك السابق جمال عبد العظيم الذي ألقي القبض عليه في القضية تدخل لدى موظفي الإدارة المركزية لجمارك بورسعيد بقرار النيابة العامة في إحدى القضايا الخاصة بفحص بيانات جمركية من رسوم مستحقة على مقدمي الرشوة له خلال الفترة من أول أغسطس 2017 حتى 15 أغسطس 2017؛ وذلك لتخفيض الرسوم المستحقة عليهما.
وقد تبين من التحقيقات في القضية أنه بتسجيل المحادثات الهاتفية ولقاءات المتهمين تبين أن رئيس مصلحة الجمارك المتهم طلب وأخذ أثناء رئاسته الإدارة المركزية لجمارك بورسعيد من المتهمين "المنصوري وحجاج" بوساطة متهمين آخرين مبالغ مالية على دفعات بصفة دورية كل منها بلغ قرابة 100 ألف جنيه على سبيل الرشوة وملابس قيمتها 17 ألف جنيه مقابل إنهاء مصالح لهما في مصلحة الجمارك.
وأشارت التحقيقات إلى أنه تم رصد لقاء آخر بتاريخ 8 يوليو 2018 بين رئيس مصلحة الجمارك السابق و"المنصوري وحجاج" في حضور وسيط هو المتهم السادس في القضية ويدعى محمود فؤاد فرج، وهو من نقل المتهمين "المنصوري وحجاج" لسكن رئيس المصلحة وتسلم منهما 3 آلاف دولار و50 ألف جنيه مصري قدماها رشوة لرئيس الجمارك وقتها، وعرضا عليه بعض طلباتهما الخاصة بجمارك بورسعيد، وأبلغاه أنهما سلما مبلغ الرشوة للمتهم السادس، وألقت الرقابة الإدارية القبض على الوسيط أثناء عودته لرئيس الجمارك الذي ألقي القبض عليه هو الآخر وبجوزته مبلغ الرشوة.
وأفادت تحريات الرقابة الإدارية في القضية أن رئيس مصلحة الجمارك جمال عبد العظيم أثناء رئاسته للإدارة المركزية لجمارك بورسعيد طلب وأخذ من المتهم الرابع السيد طه أبو سعدة عطايا عينية جاوزت قيمتها 30 ألف جنيه منها ملابس وأحذية على سبيل الرشوة مقابل إصدار قرارات بترخيص 4 مستودعات عامة بمنطقة الرسوة حيث محل انتفاعه من الشركة العامة للصوامع والتخزين، وأيضا طلب وأخذ 26 ألف جنيه قيمة هاتفين محمولين ورخام لمسكنه بمحافظة القليوبية بقيمة 112 ألف جنيه مقابل نقل 3 رسايل من البورسلين المخزنة بمستودعات جمارك العبور إلى مخازنه ببورسعيد، وقبوله أثناء رئاسته لمصلحة الجمارك طلبات مقدم الرشوة بشأن إعادة تقدير قيمتها المقبولة جمركيا لتخفيض المبلغ مستحق السداد عليها وإعادة تصديرها.
ووفقا للتحقيقات، فقد أقر المتهم الثاني علاء المنصوري أنه والمتهم الثالث إسلام محمد جمال الدين حجاج قدما عطايا على سبيل الرشوة للمتهم الأول جمال عبد العظيم؛ مقابل استعمال نفوذه لدى المختصين بالإدارة العامة لجمرك المنطقة الحرة والاستثمار ببورسعيد، وقال إنه بحكم عمله مستوردا للملابس ومستخلصا جمركيا منذ عام 2000 وتعامله مع المختصين بجمارك بورسعيد جمعه علاقة بالمتهم الأول جمال عبد العظيم مطلع عام 2017 أثناء رئاسته للإدارة المركزية الذي استدعاه لمكتبه في مارس 2017 وطلب منه مشاركته في أعماله مستغلا صفته الوظيفية لكنه ماطله في الرد عليه وأنه بعد تواصل بين المتهمين قدم المنصوري وحجاج مبلغ 100 ألف جنيه لجمال عبد العظيم قدماها مناصفة بينهما.
وأضاف المنصوري أنه في سبتمبر 2017 علم هو والمتهم الثالث بتكوين عبد العظيم لجنة لفحص البيانات الجمركية الخاصة بحاويات استوردها، وانتهى تقرير اللجنة إلى وجود مخالفات جمركية تتعلق بأوزان الحاويات ومواصفاتها مما نتج عنه مستحقات للدولة تقدر بـ10 ملايين جنيه.
وأخبرهما عبد العظيم بضرورة تحرير مذكرة للطعن على تقرير اللجنة حتى لا تقدم الأوراق للنيابة، كما أنه علم بعد ذلك من المتهم الثالث "حجاج" بطلب المتهم الأول "عبدالعظيم" منهما بوساطة المتهم الخامس مبالغ مالية على دفعات منتظمة على سبيل الرشوة مقابل تخفيض المبالغ المستحقة عليهما، فوافقا على ذلك وقدما مبلغ يجاوز 500 ألف جنيه على دفعات متتالية أولها كانت في سبتمبر 2017، و60 ألف جنيه في أكتوبر2017.
وأوضح أنه نظرا لتوقفه عن تقديم الرشى؛ التقى بالمتهم الأول "جمال عبد العظيم" في سكنه الإداري ببورسعيد الذي استعلم منه عن سبب توقفه عن دفع الأموال له وطلب منه استكمال تقديمها وبناء على ذلك أرسل له 50 ألف جنيه وضعها داخل علبة حلوى، وفي أبريل 2018 أرسل له أيضا مبلغ 50 ألفا أخرى مقابل إنهاء مصالحه بالجمرك وتخفيض الرسوم المقررة عليه التي كان بموجبها سيدفع ما يزيد على 5 ملايين جنيه.
وتضمنت أقوال "المنصوري" أنه بعد تولي عبد العظيم رئاسة مصلحة الجمارك علم بتحويل تقرير من لجنة جمارك بورسعيد للنيابة بشأن مخالفات مالية وتم تكليف لجنة بإعادة الفحص وأثناء زيارة رئيس المصلحة لبورسعيد التقاه في السكن الإداري وتحدثا عن تلك القضية وأخبره "عبد العظيم" بنفوذه لدى اللجنة المكلفة من النيابة العامة وأنه سيتدخل لديها ويؤثر على أعضائها ويكلفهم بفحص البيانات الجمركية الصحيحة فقط؛ تمهيدا لتخفيض الرسوم المستحقة عليه هو والمتهم الثالث وفي نهاية اللقاء اتصل هاتفيا بالمتهم السادس محمود فؤاد واستعلم منه عن مقاس بدل "عبد العظيم"؛ لأنه يريد تقديم مجموعة بدل له وبلغت قيمت تلك البدل 17 ألف جنيه، وفي 8 يوليو 2018 التقى والمتهم الثالث بجمال عبد العظيم في السكن الإداري وسلما مبلغ 3 آلاف دولار دفعة رشوة متفق عليها وطلبا منه إنهاء مصالح لهما منها قضية البيانات الجمركية التي اتهم فيها عدد من موظفي جمارك بورسعيد الخاصة بغرامات مستحقة عليهما وسلماه مذكرتين بطلب لكل منهما، ثم غادرا مع المتهم السادس بسيارته.
وتضمنت التحقيقات أقوال المتهم الرابع السيد طه أبو سعدة صاحب شركة مستودعات، الذي أقر بتقديم عطايا لرئيس مصلحة الجمارك مقابل إنهاء إجراءات تشغيل مستودعات له بميناء غرب بورسعيد منتفع بها من الشركة العامة للصوامع والتخزين كمستودعات ذات طبيعة خاصة وأيضا تخفيض القيمة الجمركية لشحنات بورلسين خاصة به، موضحا أنه عندما استوفى إجراءات ترخيص المستودعات الخاصة به مطلع 2018 ماطله "عبد العظيم" حال رئاسته لإدارة جمارك بورسعيد في إصدار التراخيص دون مبرر وطلب منه بوساطة المتهم السادس عطايا عينية على سبيل الرشوة؛ حتى يصدر الترخيص الخاص بالمستودعات ولذلك قدم له خلال الفترة من يناير حتى أبريل 2018 بشكل دوري بوساطة اثنين من المتهمين ملابس وأحذية، ونظارتين شمسيتين ومأكولات بحرية، ومستلزمات منزلية على سبيل الرشوة، وغطائين لأسرة قيمتهما 2400 جنيه وطاقمين من الأواني قيمتهما 7 آلاف جنيه، وبناء على ذلك تم إصدار تراخيص المستودعات الخاصة به وتأكد من وصول تلك الأشياء لجمال عبد العظيم بمراجعتها معه أثناء وجوده في مكتبه.
وأضاف المتهم الرابع في التحقيقات أن جمال عبد العظيم أيضا طلب منه رخاما لمسكنه مقابل إنهاء إجراءات تخفيض جمركي لرسائل بورسلين خاصة به وبالفعل تم شراء الرخام من منطقة شق الثعبان بالقاهرة بقيمة 112 ألف و500 جنيه سدد منها 25 ألفا مقدما، ثم تولى عبد العظيم رئاسة مصلحة الجمارك وواصل المتهم الرابع سداد باقي ثمن الرخام الذي نقل لمنزل عبد العظيم بالقليوبية.