رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


أحدثكم عن الدكتورة رشيقة

30-3-2017 | 10:16


بقلم : إقبال بركة

هى عالمة من الأفذاذ الذين رفعوا اسم مصر عاليا فى المحافل العلمية، واستحقت بجدارة العديد من الجوائز المحلية والدولية، الدكتورة رشيقة فتحى الريدى بنت بنى مزار أستاذة علم المناعة بقسم الحيوان في كلية العلوم جامعة القاهرة.

أثبتت د. رشيقة أن المرأة إذا ما اقتحمت مجال العلوم فهى تضع نصب عينيها خدمة البشرية والبحث عن حلول عملية لمشاكل مزمنة يعانى منها البشر, هذا ما فعلته العالمة المصرية بالضبط بعد تخرجها فى كلية العلوم جامعة القاهرة بامتياز ما أهلها للحصول على بعثة علمية فى "تشيكوسلوفاكيا"، فاختارت أن تدرس المناعة فى معهد الوراثة الجزئية بأكاديمية العلوم التشيكوسلوفاكية بـ"براج" حيث لم يكن يوجد قسم مناعة بكلية العلوم فى ذلك الوقت، ثم عادت لمصر كأول أستاذة تتخصص فى علم المناعة بالجامعة, اختارت هذا العلم الذى كان نادرا وقتها لكى تبحث عن دواء ينقذ المصريين من مرض البلهارسيا الذى تعانى منه نسبة كبيرة من أبناء الريف المصرى، ومن أهم أسباب تأخر التنمية في أفريقيا، فهو يصيب الأعضاء الرئيسية فى جسم الإنسان مثل الكبد والطحال والمثانة ويسبب دوالى المريء والنزيف الحاد، وفى أحيان كثيرة يؤدى إلى الوفاة كما حدث مع الفنان عبد الحليم حافظ أشهر مريض بالبلهارسيا فى مصر.

قررت د. رشيقة أن المقاومة خير من العلاج بعد اكتشافها أن الأدوية الأمريكية التى يعالج بها المرضى لم تكن ناجحة وتسببت فى موت الآلاف، والسبب عدم توفر الأبحاث العلمية الكافية حول ذلك المرض اللعين, والغريب أن منظمة الصحة العالمية تقدر عدد المصابين به بنحو 600 مليون شخص معظمهم في أفريقيا إلا أنها لم تشجع أبحاث التوصل للقاح ضد البلهارسيا، كذلك لا تتحمس شركات الدواء متعددة الجنسيات لإنتاج مثل هذه اللقاحات، كما لا تتوافر الإرادة السياسية الغربية لإنتاجها رغم وجود أبحاث كثيرة حولها، والأغرب من ذلك الصمت المريب لأساتذة طب الكبد والكلى والسرطان في مصر وعدم الربط الإحصائي بين انتشار البلهارسيا وتفشي أمراض الفيروسات الكبدية والفشل الكلوي والسرطان في مصر !

واستمرت العالمة المصرية الدكتورة رشيقة الريدى لمدة 20 عاماً تجرى الأبحاث وتعمل بلا كلل لساعات طويلة، حتى تكللت جهودها بالنجاح وتوصلت إلى إنتاج لقاح نقي عملي رخيص السعر يتاح لجميع المصابين في أنحاء العالم ودون آثار جانبية تقريبا, والعلاج المصري الجديد لعلاج مرض البلهارسيا يعتبر مكملا غذائيا بالذات للأطفال الذين يعانون من فقر الدم بسبب البلهارسيا, حيث تم تجربته على أطفال مصريين بموافقة من وزارة الصحة المصرية‏،‏ وبنسبة فعالية تبلغ 70% وهي نفس النسبة المستخدمة حاليا في الأدوية الأخرى، إلا أنه أكثر أمانا من الأدوية السامة التي يتناولها المرضى حاليا, إنه علاج وغذاء ودواء في نفس الوقت.

وكما ترى العالمة المصرية، فإن إنتاج مثل هذا اللقاح يعتبر سلاحا سياسيا مهما لمصر وسيساهم في حل مشكلة النزاع على مياه النيل وخاصة مع الحبشة التى يعانى أكثر من نصف سكانها من مرض البلهارسيا، وكذلك الصين  حيث يوجد نحو عشرين مليون مريض.

وإلى جانب إشرافها على أكثر من 100 رسالة ماجستير ودكتوراه، فلم تهمل الدكتورة رشيقة أمومتها ونجحت كأم في تشجيع ابنها الدكتور حاتم عبد المنعم تليمة على الدراسة العلمية ومواصلة مسيرتها العظيمة فحصل على درجة مدرس كيمياء في الجامعة الأمريكية، وأصبح مساعدها وسندها الأكبر في أبحاثها حتى توصلا معا إلى الاكتشافات الأساسية لتطوير اللقاح ضد البلهارسيا، وفازت بجائزتي الدولة للتفوق، وجامعة القاهرة التقديرية عام 2002، ثم  فازت فى أكتوبر 2009 بجائزة لوريال اليونسكو في مجال العلوم لعام 2010 ضمن خمس نساء متفوقات في قارات العالم.