النفط والسلاح والنفوذ السياسى .. أهداف روسيا فى الشرق الأوسط
تقرير: أمانى عاطف
يبدو أن الخطة التى وضعها الرئيس فلاديمير بوتين منذ توليه رئاسة روسيا تعتمد بشكل كبير على تعزيز وضعها كقوة عالمية كبرى مثلما كانت عليه خلال أهم الأوقات في الحرب الباردة مع واشنطن . تأتى قدرة روسيا على تغلغلها في المنطقة إلى حد كبير من تراجع النفوذ الأمريكي وأن الشرق الأوسط يمكن أن يوفر لها مكانا لتعزيز وضعها كقوة عالمية كبيرة فى وقت يقل فيه النفوذ الغربي. تشمل مصالح روسيا في المنطقة الأمن ومبيعات الأسلحة والنفط، فالشرق الأوسط كان ولا زال سوقا تقليديا كبيرا لمبيعات الأسلحة الروسية ، لا سيما في مصر وسوريا وإيران. ويضع بوتين عينه على الفرص الاستثمارية للشركات الروسية في المنطقة الغنية بالنفط والغاز.
تحافظ روسيا على مصالحها فى دول متعددة تختلف فيما بينها وفي الوقت الذي كان بوتين يقاتل إلى جانب إيران في سوريا، ساعد في التمسك باتفاقية توريد النفط مع المملكة العربية السعودية. أسس علاقة قوية مع مصر وفى نفس الوقت ، وأصلح العلاقات مع الرئيس التركي أردوغان بعد إسقاط طائرة روسية فوق سوريا، وحافظ على صلات ودية مع رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو الذى زار موسكو ثلاث مرات فى العامين الماضيين وهو تطور ملحوظ فى العلاقة كما استضافت موسكو محادثات تهدف إلى إنهاء الانقسامات الداخلية الدائرة منذ عشر سنوات بين الفصائل الفلسطينية، المتمثلة في حركة فتح وحركة حماس المناضلة في غزة متمسكا بدور أكثر فعالية فى التوسط الفلسطيني- الإسرائيلي.
تسعى روسيا لتوسيع دائرة نفوذها في منطقة الشرق الأوسط حيث عادت إلى الواجهة بقوة عبر تدخلها العسكري في سوريا عام ٢٠١٥ بناء على طلب من الرئيس السوري بشار الأسد .ونجحت روسيا في تعزيز موقف الرئيس الأسد في سوريا وأنقذته من الهزيمة ، وحولت التوازن العسكري لصالحه، ومهدت الطريق لوقف إطلاق النار. مما دفع الجهات الفاعلة لإعادة التفكير في دور روسيا في المنطقة. واستغلت موسكو بالفعل تدخلها في الصراع السوري، وفرضت نفسها شريكا مهما للقوى الإقليمية فى أي مفاوضات لإنهاء الأزمة. وفى بداية هذا العام ،أعلنت موسكو عن اتفاق مع سوريا من شأنه أن يسمح للبحرية الروسية برسو عدد أكبر من السفن الكبيرة فى ميناء طرطوس وإجراء عمليات الإصلاح للسفن وتزويدها بالإمدادات وضمان أماكن لاستراحة أفراد طواقم السفن،وهذا الاتفاق يعطي موسكو القدرة على توسيع نطاق عملها فى الشرق الأوسط.
وتحاول روسيا اليوم إيجاد مكان لها في ليبيا وسط الفوضى التي تعانيها منذ سقوط نظام معمر القذافي عام ٢٠١١من أجل تأمين مصالحها في المنطقة خاصة أن ليبيا تعتبر دولة غنية بموارد النفط والغاز .وتشير بعض التقارير إلى وجود تحركات مكثفة من قبل روسيا التي أرسلت سفنا حربية إلى المياه الإقليمية الليبية. ويبدو أن موسكو قد اختارت فريقها المفضل في الصراع القائم بين حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقرا لها وتحظى بدعم الأمم المتحدة والغرب وعدة دول إفريقية، والسلطة الموازية التي يقودها المشير خليفة حفترقائد الجيش الوطني والرجل القوي في شرق ليبيا. الذى نجح فى الحصول على دعم ثابت من روسيا ليتمكن من بسط سيطرته على أنحاء ليبيا، فيما تتطلع موسكو من ناحيتها لتوسيع نفوذها في هذا البلد.
ظهر هذا التقارب بين الطرفين خلال زيارة قام بها المشير حفتر بجولة على حاملة الطائرات الروسية “الأميرال كوزنتسوف” أثناء عودتها إلى روسيا من المياه السورية في يناير الماضى كما زار حفتر موسكو مرتين العام الماضي، إحداهما كانت في نهاية نوفمبرحيث طلب مساعدة روسيا لرفع حظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا منذ عام ٢٠١١.وأثار هذا التقارب قلق ومخاوف واشنطن من نوايا موسكو فى الدولة الغنية بالنفط .
وبعد الفوضى التي أحلها الربيع العربي فى الشرق الأوسط مصر وتراجع المساعدات الأمريكية لأنظمة عربية لا ترضى فى المنطقة سعت العديد من الدول إلى موسكو للحصول على السلاح والدعم السياسى .وهذا لم يقتصرعلى الدول غيرت أنظمتها السياسية فقط بل امتد إلى دول النفط الغنية مثل قطر والأمارات العربية المتحدة والسعودية .هذه الدول التى حصلت على صفقات متنوعة من السلاح الروسى .