رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


ثمانى ضحايا فى ٥ أشهر.. هل هى تصفية للمعارضة الروسية؟

30-3-2017 | 11:01


تقرير: هالة حلمى

مساء يوم الخميس الماضى وبعد ساعات قليلة من مقتل المعارض الروسى وعضو الدوما السابق دنيس فورونينكوف ٤٥ «عامًا» فى أحد شوارع أوكرانيا كان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يجلس على أحد مقاعد مسرح مالى بالعاصمة موسكو متمتعًا بمشاهدة مسرحية «الضحية الأخيرة» للكاتب ألكسندر أوستروفسكى وهو ما اعتبره البعض رسالة قوية لخصومه بتوخى الحذر، حتى لا ينضموا إلى القائمة الطويلة من الضحايا الخصوم للزعيم الروسى، خاصة فى الفترة المقبلة التى تسبق الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها فى العام القادم.

دون انتظار حتى للتحقيقات الأولية وبمجرد الإعلان عن مقتل المعارض الروسى فورونينكوف ضربًا بالرصاص وهو يعبر الطريق فى وضح النهار أمام أحد الفنادق، كتب الرئيس الأوكرانى بيترو بورشبنكو تغريدة على تويتر قال فيها «ضحية أخرى من ممارسات إرهاب الدولة الروسية» وأضاف «هذا المعارض كان شاهدًا على العدوان الروسى ضد أوكرانيا»، فالمعارض الروسى فورورنينكوف والذى فر إلى أوكرانيا العام الماضى، كان عضوًا فى مجلس الدوما وكان من أشد المنتقدين للعدوان الروسى على أوكرانيا وضمها لإقليم القرم ولم يكتف المعارض الروسى والذى تنضم إليه زوجته عضو الدوما السابقة أيضًا رياما ساكوفا بذلك فقط، بل وكان يتعاون مع المدعين فى أوكرانيا لرفع قضية خيانة عظمى ضد الرئيس الأوكرانى السابق فيكتور إنوكفتيش الموالى لروسيا والذى فر من بلاده عام ٢٠١٤، وكان فورنينكوف شاهدًا رئيسيًا فى هذه القضية.

هذا الحادث لأحد خصوم بوتين لم يكن الأول ولن يكون الأخير، فالكثير منهم سقطوا قتلى وجرحى فى ظروف غامضة ودائمًا يخرج الكرملين نافيًا أى شبهة لتورط عملائه فى ارتكاب مثل هذه العمليات.

ولكن الغيوم التى تحيط بالرئيس كثيفة والاتهامات صريحة كان آخرها التقرير الذى نشرته شبكة سى إن إن والتى أشارت فيه إلى أنه بمقتل المعارض فورونينكوف فى أوكرانيا نهاية الأسبوع الماضى يكون قد تم اغتيال ثماني شخصيات روسية كلها شخصيات سياسية ودبلوماسية روسية بارزة فى الخمسة أشهر الماضية فقط ومنذ إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى الثامن من نوفمبر الماضى، وأن بعض هذه الحوادث بدت فيها عمليات الوفاة طبيعية تمامًا واستبعدت فيها شبهة القتل العمد، وتساءل التقرير دون أن يقدم الدليل هل لهذا أية علاقة بتدخل روسيا فى انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام ٢٠١٦ مشيرة إلى خمس من الضحايا كانوا من رجال السلك الديبلوماسى الروسى.

ويستمر التقرير مشيرًا إلى وفاة السفير الروسى للأمم المتحدة فيتالى شوركين « ٦٤عامًا» المفاجئ فى العشرين من فبراير الماضى فيما يبدو أنه أصيب بأزمة قلبية وهو فى مكتبه وإلى وفاة ألكسندر كاداكين ٦٧” عامًا» وهو السفير الروسى إلى الهند فى ٢٦ يناير وقد خرج المتحدث باسم السفارة فى نيودلهى ليعلن أن السفير توفى بعد فترة مرض قصيرة وهناك أيضًا الدبلوماسى البارز فى سفارة روسيا فى اليونان أندريه مالانين الذى وجد متوفى فى شقته فى بداية شهر يناير الماضى، ورغم أن التقارير الرسمية اليونانية أشارت إلى أن الوفاة طبيعية إلا أن تقارير أخرى مسربة كشفت أن الملف لم يغلق وأن احتمالات الجريمة الجنائية مازالت تبحث.

وقبله وفى ٢٦ من ديسمبر الماضى عثر على أوليج أروفينكين الجنرال السابق فى جهاز ما يسمى «الإف. إس. بى» «وكالة تنفيذ القانون والمخابرات الروسية» متوفى فى سيارته ولم يصدر عن الجهات الرسمية الروسية أية تقارير تفيد أسباب الوفاة ولكن بسبب علاقة أروفينكين القومية بجهاز المخابرات الروسية وعمله الحالى لدى «إيجور سيشين» رئيس شركة روزنفيت النفطية العملاقة والصديق المقرب للزعيم بوتين منذ عام ١٩٩٠، توقعت بعض الدوائر أن يكون هو أيضًا المصدر الذى حصلت منه وكالات المخابرات الأمريكية على المعلومات لإعداد الملف المكون من ٣٥ صفحة والذى تكشف فيه عن تورط حملة ترامب الانتخابية فى علاقات مشبوهة مع روسيا.

وتطرق التقرير أيضًا إلى مقتل السفير الروسى فى تركيا أندريه كارلوف فى العشرين من ديسمبر الماضى وفى نفس اليوم قتل ديبلوماسى آخر بارز يدعى بيتر بولشكوف ٥٦” عامًا» رميًا بالرصاص فى منزله وخرجت وزارة الداخلية الروسية لتعلن أن الحادث إجرامى وليس له أية علاقة بمهام عمله.

وفى صبيحة يوم الانتخابات الأمريكية كما يذكر التقرير فى الثامن من نوفمبر الماضى وبعد ساعة واحدة من فتح باب الاقتراع تلقت الشرطة الأمريكية نداء من القنصلية الروسية فى نيويورك وعندما توجهت إلى هناك عثرت على سيرجى كرنوف ٦٣” عامًا» مسئول الشئون الأمنية بالسفارة متوفى، وبحسب ما ذكر زملاؤه أنه سقط من فوق السطح وأصيب بأزمة قلبية ولكن تقرير شرطة نيويورك أفاد العثور على كدمة بالرأس وبعد التشريح تبين أن سبب الوفاة حدوث نزيف فى منطقة الصدر ولم تستبعد الشرطة الأمريكية حتى الآن العمل الجنائى.

ويمضى تقرير الـ»سى أن إن» مشيرًا إلى أنه فى أوائل الأسبوع الماضى وقبل أيام من مقتل المعارض فورونينكوف فى أوكرانيا أصيب المحامى الروسى نيكولاى جورخوف ٥٣” عامًا» إصابة بالغة فى الرأس بعد أن سقط من الدور الرابع فى شقته بموسكو.

نيكولاى كان يعمل محاميًا نشطًا فى الحملة التى يشنها بعض النشطاء الروس ضد الفساد فى بلاده قائمة الـ»سى أن إن» وإن كانت الأخيرة ولكن أسماء أخرى عديدة من معارضى بوتين تنضم إلى قائمة القتلى الروس فى ظروف غامضة خلال السنوات الأخيرة منهم على سبيل المثال لا الحصر بوريس نيمستوف نائب رئيس الوزراء الروسى فى فترة التسعينيات من القرن الماضى والذى قتل منذ عامين برصاصة فى الظهر وهو يسير فى أحد شوارع وسط موسكو وفى الشهر الماضى قضى صديق نمستوف المقرب والناشط فلاديمير كارا - مورزا عدة أيام فى غيبوبة بعد إصابته بالتسمم. هذا الناشط من أشد المعارضين للرئيس بوتين هذه هى المرة الثانية التى يسقط فيها فى غيبوبة بسبب التسمم.

فى عام ٢٠٠٦ توفى العميل الروسى السابق ألكسندر ليتفينكو فى بريطانيا بعد إصابته بالتسمم وفى فراش الموت اتهم بوتين صراحة بأنه يقف وراء تسميمه بنوع نادر من الإشعاع وضع له فى الشاى فى أحد فنادق لندن وفى نفس العام قتلت الصحفية المعارضة للحرب الروسية على الشيشان أنا بولتيكوفسكب رميًا بالرصاص فى شقتها بالعاصمة موسكو.

الجميع فى روسيا وخارجها يعلمون أن هذه الحوادث لن تكون الأخيرة وأن هناك شبهات قوية عن تورط الثعلب الروسى بوتين ولكن هذا لم يمنع المعارض الروسى ألكس نافالتى من الدعوة إلى مظاهرات حاشدة فى موسكو احتجاجًا على انتشار الفساد فى جوانب الدولة الروسية، الجدير بالذكر أن نافلتى المحامى البارز يعتزم الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة أمام بوتين فهل يكون هو الضحية القادمة؟