فنزويلا التي أعلن رئيس البرلمان المعارض خوان غوايدو، الأربعاء، نفسه رئيساً موقتاً لها في تظاهرة ضد الرئيس نيكولاس مادورو، هي أول بلد مصدر للنفط في أمريكا اللاتينية، لكنها تشهد أزمة سياسية واقتصادية خطيرة.
وأطلق هوغو تشافيز الذي انتخب رئيساً في 1999 “ثورة بوليفارية” باسم بطل الاستقلال سيمون بوليفار.
وبنى شعبيته على عدد من البرامج الاجتماعية في بلد يشهد تفاوتاً اجتماعياً كبيراً، واتبع أسلوب حكم بين اليساري والعسكري، وانتخب لولاية ثالثة في 2012 إلا أنه توفي في السنة التالية بالسرطان.
خلفه في السلطة نائبه نيكولاس مادورو، الذي فقد شعبيته بسرعة بينما تشهد البلاد أزمة اقتصادية خطيرة أدت إلى تظاهرات عنيفة في 2014، سقط فيها 43 قتيلاً.
وفي يناير 2016، أصبح تحالف المعارضة “منصة الوحدة الديموقراطية” يشكل أغلبية في البرلمان، لكن المحكمة العليا ألغت نتائج الاقتراع.
وجرت تظاهرات تطالب برحيل مادورو استمرت 4 أشهر في 2017، وأسفرت عن سقوط 125 قتيلاً.
قرر مادورو بعد ذلك انتخاب جمعية لصياغة دستور جديد في مناورة للاحتفاظ بالسلطة حسب المعارضة التي قاطعت الانتخابات في 2017.
ولا يعترف الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وعدد من دول أمريكا اللاتينية بالجمعية التأسيسية، ولا بالولاية الرئاسية الثانية لنيكولاس مادورو التي بدأت في 10 يناير 2019.
وفي 23 يناير ، بعد يومين من انتفاضة احتوتها سريعاً مجموعة عسكرية، أعلن رئيس البرلمان خوان غوايدو المعارض، نفسه رئيساً موقتاً للبلاد في تظاهرة مناهضة للحكومة.
واعترفت به سريعاً الولايات المتحدة، وعدة بلدان في أمريكا اللاتينية، فيما حصل مادورو على دعم المكسيك، وكوبا، وبوليفيا، وتركيا، وروسيا.
ووعد البرلمان بالعفو عن العسكريين الذين يديرون ظهورهم لمادورو، لكن الجيش يدعمه بقوة.
فنزويلا الواقعة على بحر الكاريبي وتفوق 916 ألف كيلومتراً مربعاً، إحدى دولتين اثنتين في أمريكا اللاتينية عضوين في منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، وتملك احتياطات ثابتة 300 مليار برميل، لتكون الأكبر في العالم.
وتراجع إنتاج النفط بسبب نقص السيولة النقدية لتحديث الحقول النفطية، وبلغ الإنتاج 1.13 مليون برميل يومياً في نوفمبر حسب أوبك، وهو الأدنى منذ ثلاثة عقود.
وتُعاني فنزويلا التي تضررت من تراجع أسعار النفط منذ 2014، وهي تعتمد في 96% من عائداتها عليه، من نقص في العملات الأجنبية أغرقها في أزمة حادة ودفعت مئات الآلاف من السكان إلى الرحيل بسبب نقص الغذاء والأدوية، في خطوة سببت توترات مع الدول المجاورة.
ويعيش ثلاثة ملايين فنزويلي خارج البلاد، غادر 2.3 مليون منهم على الأقل منذ 2015 وفق الأمم المتحدة، وينتظر أن يرتفع الرقم إلى 5.3 ملايين، في 2019.
وفي الأعوام الخمسة الماضية، انخفض إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 45% حسب صندوق النقد الدولي الذي يتوقع تراجعاً بنسبة 8% في 2019، مقابل 18% في 2018.
وارتفع التضخم قريباً من 10 ملايين بالمئة هذا العام، ليجبر مادورو في منتصف يناير على رفع الحد الأدنى للأجور 4 أضعاف ليصل إلى 18 ألف بوليفار (20 دولار)، أو ما يساوي ثمن 2 كيلوغرام من اللحم.
وفي أغسطس، أطلق مادورو خطة تحفيز للاقتصاد، خفضت قيمة البوليفار بـ 96%.
ويرى مادورو أن سبب الأزمة “حرب اقتصادية” يقودها اليمين والولايات المتحدة للإطاحة به، علماً أن واشنطن فرضت سلسلة من العقوبات على فنزويلا.
وفي نوفمبر 2017، أعلنت وكالات عدة للتصنيف الائتماني أن فنزويلا والشركة الوطنية النفطية في”عجز جزئي” عن سداد المستحقات المالية.
أما معدل الفقر، الذي كانت مكافحته محور معركة “الثورة البوليفارية”، فيبلغ 87% حسب تحقيق أجرته الجامعات الكبرى في البلاد.
وتعاني فنزويلا من عنفٍ مزمنٍ أيضاً، وبلغ معدل جرائم القتل 81.4 لكل 100 ألف نسمة في 2018 حسب منظمة “المرصد الفنزويلي للعنف” غير الحكومية.