25 يناير ذكرى «موقعة الإسماعيلية».. ملحمة شاهدة على بطولات رجال الشرطة
يواكب 25
يناير، من كل عام، ذكرى ملحمة سجلها رجال الشرطة في التصدي للاحتلال البريطاني في
محافظة الإسماعيلية، عام 1952، حيث رفض ضباط الشرطة تسليم أسلحتهم وإخلاء مبنى
المحافظة ووقفوا ضد محاولات ضباط الإنجليز احتلال المبنى، وظلوا يدافعون عنه بكل
بسالة في ملحمة راح ضحيتها 50 شهيدا ونحو 80 مصابا، ليصبح هذا اليوم ذكرى الاحتفال
بعيد الشرطة تخليدا لهذه الموقعة.
ففي صباح
يوم الجمعة 25 يناير عام 1952، استدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة البريجادير
أكسهام، ضابط الاتصال المصري، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس المصري بالإسماعيلية
أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة والثكنات، وترحل عن منطقة
القناة كلها، وتنسحب إلى القاهرة بدعوى أنها مركز اختفاء الفدائيين المصريين
المكافحين ضد قواته في منطقة القنال.
ورفضت
المحافظة الإنذار البريطاني وأبلغته إلى وزير الداخلية فؤاد سراح الدين باشا، الذي
أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام، وبعدها بادرت القوات
البريطانية مدعومة بدبابات وعربات مصفحة بمحاصرة قسم شرطة الإسماعيلية لنفس الدعوى
بعد أن أرسل إنذارا لمأمور قسم الشرطة يطلب فيه منه تسليم أسلحة جنوده وعساكره، غير
أن ضباط وجنود الشرطة رفضوا هذا الإنذار.
ورغم الفارق
في التسليح بين قوات الاحتلال البريطاني المسلحة بأحدث الأسلحة الثقيلة والمدافع والدبابات،
وضباط الشرطة المصرية المسلحة بالبنادق العادية القديمة، وفارق العدد حيث بلغ عدد
الجنود البريطانيون نحو سبعة آلاف جندي، والجنود المصريون لا يزيد عددهم عن ثمانمائة
في الثكنات وثمانين في المحافظة، صمد الضباط المصريون أمام حصار قسم الشرطة ومبنى
المحافظة.
واستخدم
البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة في قصف مبنى المحافظة، ومع ذلك قاوم الجنود
المصريون واستمروا يقاومون ببسالة وشجاعة فائقة ودارت معركة غير متساوية القوة بين
القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة في القسم ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفدت
آخر طلقة معهم بعد ساعتين طويلتين من القتال.
أدت
المعركة إلى استشهاد 50 شخصا من ضباط وجنود الشرطة، وإصابة 80 آخرين، وهي الملحمة
التي أجبرت الجنرال اكسهام على الاعتراف بشجاعة المصريين، قائلا للمقدم شريف العبد
ضابط الاتصال "لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف ولذا فإن
من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا"، وأدى الجنود الإنجليز التحية
العسكرية لرجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة تكريما لهم ولشجاعتهم.
تبعات
الحادث
في صباح السبت
26 من يناير 1952 انتشرت أخبار الحادث في مصر كلها، واستقبل المصريون تلك الأنباء بالغضب
والسخط، وخرجت المظاهرات العارمة في القاهرة، واشترك جنود الشرطة مع طلاب الجامعة في
مظاهراتهم، وانطلقت المظاهرات تشق شوارع القاهرة التي امتلأت بالجماهير الغاضبة.
وتسببت
هذه الأجواء في وقوع حريق القاهرة، حيث التهمت النيران عددا كبيرا من منشآت ومبان شوارع
وميادين القاهرة، واستمرت لساعات طويلة، وتسببت ذلك في تدهور شعبية الملك فاروق لأبعد
مستوى، مما مهد لقيام الضباط الأحرار بثورة 23 يوليو في العام نفسه.
إجازة
رسمية
وظل هذا
اليوم على مدار العقود عيدا للشرطة تخليدا لتلك الموقعة، فيما تم إقرارها كإجازة
رسمية لأول مرة عام 2009، بقرار من الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، تقديرًا لجهود رجال
الشرطة المصرية في حفظ الأمن والأمان واستقرار الوطن واعترافًا بتضحياتهم في سبيل ذلك.