رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


مواقف وطرائف حليم مع الفرقة الماسية

31-3-2017 | 15:10



حوار : خليل زيدان
في ذكرى رحيل العندليب ، ولكي نسعد قراء بوابة الهلال ، كان علينا أن نبحث في جنبات الماضي ونستعين بمن هم أقرب لعبد الحليم حافظ في كل أعماله ، ليمدونا بمواقف لم تنشر من قبل ، حيث عاصروه أثناء البروفات وأيضاً في الحفلات .

كان لنا هذا الحوار مع الموسيقار عادل صموئيل بريمو الكمان في الفرقة الماسية والتي صاحبت الفنان عبد الحليم حافظ في معظم أعماله ، وقد شارك عادل صموئيل بالعزف من قبل في عدة حفلات مع كوكب الشرق أم كلثوم.

ــ كيف كان حليم يجري بروفاته قبل أن يظهر العمل للنور؟
كنا نجري كل البروفات في منزل عبد الحليم في الزمالك ، ونذهب إليه عند الشروع في عمل معين يومياً من السادسة إلى التاسعة مساءً ، وبالطبع معنا الملحن .. وكان عبد الحليم يجهد نفسه في البروفات التي قد تصل إلى 45 بروفة للأغنية الجديدة.

ــ هل كان تكرار البروفات وزيادتها يؤثر على اللحن الأصلي ؟
بالطبع .. فعندما تخرج الأغنية للنور وتذاع تكون مختلفة عن اللحن الأصلي الذي بدأنا به .. أتذكر في حفل شم النسيم كنا نجري بروفات أغنية قارئة الفنجان ، وكان عبد الحليم ينسى مرضه وآلامه ويغني الجملة الواحدة أكثر من عشرين مرة حتى يصل للشكل الأمثل في الآداء مع وجود الملحن الذي قد يضيف أو يحذف جملة موسيقية أو صولو ، وكنا نعمل في نطاق كوبليه واحد نبدأ به وبعد أن ننتهي منه نبدأ في الثاني؟

هل استفاد حليم من خبرة عازفي فرقة أم كلثوم عند انضمامهم للماسية؟
نعم .. حليم كان ناصح جداً .. لأن معظم أفراد الفرقة الماسية كانوا في الأصل أفراد فرقة أم كلثوم ، وهم بالطبع تعودوا من قبل على إجراء البروفات بهذا الشكل ، وهذا ما استغله حليم ، وهو خبرة أفراد الفرقة السابقة ، للوصول إلى حالة السلطنة التي تميزت بها أم كلثوم ، فكثرة البروفات لا تجعلنا نحتاج إلى نوتة للعزف منها ، وتجعل اللحن راسخ في ذهن الموسيقي ويظهر تجليه وإبداعه في التجاوب مع المطرب عند إذاعة العمل .

لكن بعض أفراد فرقة أم كلثوم لم ينضموا للفرقة الماسية ومنهم الأستاذ أحمد الحفناوي، فقط كان يستعين به حليم عندما يكون فيه صولو كمان في أي لحن ، وهو كان ماهراً في عزف الصولو الشرقي ، وأيضاً كان يقوم بالإستعانة بالأستاذ أنور منسي عند وجود صولو غربي مثل أغنيتي الفن وحياتي إنت لعبد الوهاب.

ــ هل كانت الإستعانة بالحفناوي تثير أي خلافات بالفرقة ؟
أبداً .. الخلافات كانت تحدث لو كان الحفناوي مسافراً وغير موجود لأداء الصولو ، فأي فرقة بها صفين كمنجات ، في الصف الأول يجلس المهرة وحسب الأقدمية ، ورقم واحد منهم هو الذي يعزف الصولو ، وهنا يبدأ التذمر الدفين من بعض العازفين في الصف الثاني لأنهم يريدون أن يظهروا وأن يأخذوا دورهم في الشهرة بعزف الصولو .

ــ من المؤكد أن هناك طرائف في كواليس البروفات .. هل تتذكرها؟
نعم .. أتذكر في بروفات أغنية نبتدي منين الحكاية فاجأنا حليم بأن طلب من الأستاذ محمود الجرشة أن يعزف صولو معين .. وقال له : فيه صولو في صفحة 9 إعمله كده .. وعمل الجرشة الصولو بشكل رائع ولم يكن الجرشة من الـ 8 عازفين الذين يجلسون في الصف الأمامي، وهو ما أحدث امتعاض عند العازفين الأوائل ، وبدأ أحمد فؤاد حسن في احتواء الأمر بأن طلب من عدة عازفين تجربة الصولو .. وهنا أدرك حليم حجم المشكلة واتفق مع أحمد فؤاد حسن على أن يقوم الـ 8 عازفين بالعزف الجماعي في شكل كونشيرتو ، أي عزف جماعي للجملة أو الصولو ، حتى لا يحدث أي استياء بين أفراد الفرقة.

ــ كيف كانت تسجل تلك البروفات وأين هي؟
بالنسبة للأجهزة المستخدمة في التسجيل ، كنا نتشري أفضل الأجهزة من الخارج ، لضمان نقاء الصوت وسرعة التسجيل ، وكانت تحدث بتلك الأجهزة كثير من الأعطال مع طول الإستخدام ، ولأنها مستوردة لم تكن مراكز الصيانة تضبط الجهاز عند اصلاحه .. فلو زادت سرعته أو قلت عند التسجيل أو الأستماع تؤثر في اللحن نفسه .. لذلك توليت أنا بنفسي صيانة وأصلاح كل الأجهزة التي كانت تتعطل أثناء بروفاتنا الكثيرة .. وأتذكر أن استدعاني حليم لإصلاح وصيانة بعض أجهزته الشخصية وأتممت العمل على أكمل وجه، وتعجب حليم وقال : هو مفيش حاجة ما تفهمش فيها ؟ .. وبالنسبة لبروفات الأغاني فكلها تكون في حوزة حليم هو والملحن.

هل واجهتكم مشاكل في مسيرتكم الفنية بمصاحبة حليم؟
حليم كان كريماً وسخيا ومخلصاً لفنه ، وبالفعل كانت تحدث مشاكل في النواحي الفنية فقط ، وهي أزمات عند إعادة غناء أي أغنية قديمة له ، فقد كنت مسئولاً عن قسم النوت الموسيقية طوال تواجدي في الفرقة الماسية ، وعندي حجرة بها نوت أغاني كل مطرب تعاملنا معه .. لكن الغريب أنني لم أجد أي نوتة من الأغاني التي قام بتوزيعها المبدعان أندريا رايدر وعلي إسماعيل .. والتوزيع الموسيقى للحن يضفي روعة ونكهة عليه مثل السحر .. وعلمت من الزملاء القدامى أن رايدر وإسماعيل كانا يحتفظان بسر الخلطة أو النكهة لنفسهما بعد إتمام التوزيع .. يعني كانوا بيوزعوا النوت على الموسيقيين أثناء العزف ويأخذوها في حقيبتهم وهم ماشيين ، وعند إعاد غناء أي لحن فلابد أن يستعين حليم بأي منهما مرة أخرى .

ــ هل أحدث ذلك أي ارتباك لحليم نفسه عند إعادة أغانيه القديمة؟
بالفعل .. فعند إعادة أغنية قديمة كان يسألني نختار إيه .. وكنت أذكر له الأسماء فأجده يستبعد الأغاني الموزعة ، لأن النوت ليست لدينا .. أتذكر مرة أنه كلمني بالليل وأخبرني أن فيه حفلة بالشيراتون ح يغني فيها قارئة الفنجان وأغنية الحلو حياتي ، وكان عمر الشريف ضمن الحضور .. فقلت له أننا لا نملك نوتة لأغنية الحلو حياتي ، فكانت تلك مشكلة واجهت حليم .. لذلك فكرت في حل سريع وقلت له عندي الأغنية في البيت .. إبعت معايا السواق بتاعك نروح عين شمس علشان هو بيمشي بسرعة ، وانت تدفع المخالفات ، وسقط حليم من الضحك .. وبالفعل أرسل معي السائق وقمت بنسخ الأغنية على شريط كاسيت وكتبت له النوتة الخاصة بها .. وسعد حليم جداً بهذا الحل وفي اليوم التالي قمنا بالعزف من النوتة في البروفة التي تسبق الحفل.

ــ كثيراً من حفلات حليم وأغانيه في الإذاعة لا تذاع .. فما أسباب ذلك؟
أسباب ذلك هو حليم نفسه .. فعندما كنا نذهب لتسجيل أغنية في الإذاعة ، كان حليم يغني الجملة أكثر من عشرين مرّة !! وكنا نسجل على شرائط الريل ، وكان مهندس التسجيل يضع ماكينتين ، واحدة بها شريط يسجل ، والثانية يضع بها شريط قبل أن ينتهي الشريط الأول بدقائق ويبدأ التسجيل بالأخرى معاً .. وكان حليم يستغرق في غناء الكوبليه الواحد أكثر من ساعة ونصف بدون توقف ، وكل ذلك يتم تسجيله على الشرائط ومدة الشريط نصف ساعة .. تخيلوا إذن كم الشرائط التي يتم تسجيل الأغنية عليها .. وهو ما يحدث عقبة كبيرة في مونتاج هذه الأغاني .. فأي جملة سيختارها المهندس من عشرين مرة غناء ؟ واضرب هذا الرقم في عدد كوبيهات الأغنية .. وكل تلك الشرائط بحالتها في الإذاعة لم يقدر أحد أن يقص منها شئ.

هل هناك نوادر لحليم لم تظهر للنور؟
بالطبع .. ستجد نوادر بمنتدى سماعي لحفظ التراث الموسيقى، وعندما تفتح قائمة أغاني عبد الحليم ستجد أغاني قمة في الندرة .. لأن تلك الأغاني من حفلات خاصة ، وأيضاً كانت مسجلة لإذاعات دول معينة ، فكثيراً ما كان حليم يغني في حفلات خاصة بدول عربية ، منها حفلات في أعياد ميلاد ملك المغرب الحسن الثاني، الذي كان حليم يحرص أن يهديه أنشودة سنوياً في يوم مولده، وأيضاً يلبي دعوة أي إذاعة عربية كانت تطلبه لتسجيل أغاني خاصة بلهجتهم .